امْتَنَعَتْ التَّضْحِيَةُ بِهَا كَالْمَعِيبَةِ وَالْفَصِيلِ لَا نَحْوَ ظَبْيَةٍ وَإِنَّمَا أُلْحِقَتْ بِالْأُضْحِيَّةِ فِي تَعَيُّنِ زَمَنِهَا دُونَ الصَّدَقَةِ الْمَنْذُورَةِ لِقُوَّةِ شَبَهِهَا بِالْأُضْحِيَّةِ لَا سِيَّمَا وَإِرَاقَةُ الدَّمِ فِي زَمَنِهَا أَكْمَلُ فَلَا يَرِدُ أَنَّهَا مُشْبِهَةٌ بِالْأُضْحِيَّةِ وَلَيْسَتْ بِأُضْحِيَّةٍ (فَقَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ) وَكَذَا عَلَيَّ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ فِي بَابِ النَّذْرِ (أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ) أَوْ هِيَ أَوْ هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ أَوْ هَدْيٌ أَوْ جَعَلْتهَا أُضْحِيَّةً زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ تَعْيِينِهَا كَمَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِمَالٍ بِعَيْنِهِ وَ (لَزِمَهُ ذَبْحُهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ) أَدَاءً، وَهُوَ أَوَّلُ مَا يَلْقَاهُ مِنْ وَقْتِهَا بَعْدَ نَذْرِهِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهَا أُضْحِيَّةً فَتَعَيَّنَ وَقْتُهَا لِذَبْحِهَا وَتُفَارِقُ النُّذُورَ وَالْكَفَّارَاتِ حَيْثُ لَمْ يَجِبْ الْفَوْرُ فِيهَا أَصَالَةً بِأَنَّهَا مُرْسَلَةٌ فِي الذِّمَّةِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ فِي عَيْنٍ وَهِيَ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّأْخِيرِ كَمَا لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِشَاةٍ مَثَلًا حَيْثُ وَجَبَ فِيهَا مَا مَرَّ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِأَنَّ التَّعْيِينَ هُنَا هُوَ الْغَالِبُ فَأَلْحَقْنَا مَا فِي الذِّمَّةِ بِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَبْوَابِ الْمَذْكُورَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فَقَالَ مَا لَوْ نَوَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَاغِيًا كَمَا لَوْ نَوَى النَّذْرَ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ احْتِيَاجِهِ إلَى نِيَّةٍ مَعَ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ بَلْ لَا عِبْرَةَ بِنِيَّةِ خِلَافِهِ لِصَرَاحَتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَمَا يَقَعُ فِي أَلْسِنَةِ الْعَوَامّ كَثِيرًا مِنْ شِرَائِهِمْ مَا يُرِيدُونَ التَّضْحِيَةَ بِهِ مِنْ أَوَائِلِ السَّنَةِ وَكُلُّ مَنْ سَأَلَهُمْ عَنْهَا يَقُولُونَ لَهُ: هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ مَعَ جَهْلِهِمْ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ تَصِيرُ بِهِ أُضْحِيَّةً وَاجِبَةً يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَكْلُهُ مِنْهَا، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَرَدْت أَنْ أَتَطَوَّعَ بِهَا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُهُمْ يُسَنُّ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ هَذِهِ عَقِيقَةُ فُلَانٍ مَعَ تَصْرِيحهمْ بِحِلِّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِنْ التَّضْحِيَةِ أَوْ مَصْلَحَةٍ كَتَيَسُّرِ الْفُقَرَاءِ لَيْلًا أَوْ سُهُولَةِ حُضُورِهِمْ
(قَوْلُهُ: لَا نَحْوَ ظَبْيَةٍ) أَيْ فَإِنَّهُ لَغْوٌ فَلَا يَجِبُ ذَبْحُهَا فِي أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ وَلَوْ حَيَّةً وَلَا يَتَقَيَّدُ التَّصَدُّقُ بِهَا بِزَمَنٍ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ دُونَ الصَّدَقَةِ الْمَنْذُورَةِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أُلْحِقَ) أَيْ الْمُعَيَّنُ الَّذِي لَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ بِأُضْحِيَّةٍ) أَيْ وَكَانَ حَقُّهَا أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ ذَبْحُهَا بِأَيَّامِ التَّضْحِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ ذَبْحُهَا) أَيْ وَلَا يُجْزِئُ غَيْرُهَا وَلَوْ سَلِيمَةً عَنْ مَعِيبَةٍ عَيَّنَهَا فِي نَذْرِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوَّلُ مَا يَلْقَاهُ) أَيْ وَهُوَ جُمْلَةُ الْأَيَّامِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي تَلْقَاهُ بَعْدَ وَقْتِ النَّذْرِ لَا أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَتُفَارِقُ النُّذُورَ) أَيْ الْمُطْلَقَةَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا هُنَا) قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ وُجُوبُ الْفَوْرِ بِمَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِمَالٍ بِعَيْنِهِ كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا الدِّينَارِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الْبَهْجَةِ وَشَرْحُهَا فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ: وَمَتَى مَا عَيَّنَّا لِلِاعْتِكَافِ زَمَنًا تَعَيَّنَا.
كَالصِّيَامِ لَا لَأَنْ يُصَلِّيَ وَالصَّدَقَاتُ فِي زَمَنٍ فَلَا يَتَعَيَّنُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَجَبَ فِيهَا مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ أَوَّلُ مَا يَلْقَاهُ (قَوْلُهُ فَأَلْحَقْنَا مَا فِي الذِّمَّةِ بِهِ) أَيْ بِالْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِي الْأَبْوَابِ) أَيْ أَبْوَابِ النُّذُورِ (قَوْلُهُ مَعَ جَهْلِهِمْ) وَإِنَّمَا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُمْ وُجُوبُ الذَّبْحِ مَعَ جَهْلِهِمْ لِتَقْصِيرِهِمْ بَعْدَ التَّعَلُّمِ، وَلِأَنَّ الْجَهْلَ إنَّمَا يُسْقِطُ الْإِثْمَ لَا الضَّمَانَ (قَوْلُهُ: يُمْتَنَعُ عَلَيْهِ) وَمِثْلُهُ مَنْ عَلِمَ بِذَلِكَ مِنْهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَرَدْت إلَخْ) الْمُتَبَادَرُ عَدَمُ الْقَبُولِ ظَاهِرًا وَأَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فَلَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهَا بَاطِنًا وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ صَرِيحًا فِي النَّذْرِ لِأَنَّ الصَّرِيحَ يَقْبَلُ الصَّرْفَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ وَلَا
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَلْحَقَتْ) أَيْ الْمَعِيبَةُ وَالْفَصِيلُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ أَنَّهَا شَبِيهَةٌ بِالْأُضْحِيَّةِ وَلَيْسَتْ أُضْحِيَّةً) أَيْ حَتَّى يَتَعَيَّنَ لَهَا وَقْتٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوَّلُ مَا يَلْقَاهُ مِنْ وَقْتِهَا) احْتِرَازٌ عَنْ وَقْتِهَا مِنْ عَامٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ يُسَنُّ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ هَذِهِ عَقِيقَةُ فُلَانٍ) كَذَا فِي نُسَخٍ بِإِثْبَاتِ لَفْظِ: اللَّهُمَّ عَقِبَ بِسْمِ اللَّهِ، وَهِيَ الَّتِي يَصِحُّ مَعَهَا قَوْلُهُ لِصَرَاحَتِهِ فِي الدُّعَاءِ، وَأَيْضًا فَهَذَا هُوَ الَّذِي قَالُوهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ، لَكِنْ لَا يَصِحُّ تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ إذْ ذَكَرَ ذَلِكَ إلَخْ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ تَعْلِيلًا لِلنُّسْخَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا لَفْظُ اللَّهُمَّ.
وَحَاصِلُ مَا فِي التُّحْفَةِ أَنَّ بَعْضَهُمْ اسْتَشْكَلَ مَا هُنَا بِمَا إذَا قَالَ بِسْمِ اللَّهِ هَذِهِ عَقِيقَةُ فُلَانٍ فَرَدَّهُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَرِدْ، وَإِنَّمَا السُّنَّةُ هَذِهِ عَقِيقَةُ فُلَانٍ.
قَالَ: وَهَذَا صَرِيحٌ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute