الْأُضْحِيَّةَ وَالْعَقِيقَةَ حَصَلَا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ (يُسَنُّ) سُنَّةً مُؤَكَّدَةً (أَنْ يَعُقَّ عَنْ) الْوَلَدِ بَعْدَ تَمَامِ انْفِصَالِهِ لَا قَبْلَهُ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَالْعَاقُّ هُوَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِتَقْدِيرِ فَقْرِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ دُونَ وَلَدِهِ بِشَرْطِ كَوْنِ الْعَاقِّ مُوسِرًا: أَيْ يَسَارَ الْفِطْرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ أَكْثَرِ النِّفَاسِ وَلَا تَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ، وَإِذَا بَلَغَ بِلَا عَقٍّ سَقَطَ سِنُّ الْعَقِّ عَنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَقَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْحَسَنِ وَأَخِيهِ لِأَنَّهُمَا كَانَا فِي نَفَقَتِهِ لِإِعْسَارِ وَالِدَيْهِمَا أَوْ كَانَ بِإِذْنِ أَبِيهِمَا، وَوَلَدُ الزِّنَا فِي نَفَقَةِ أُمِّهِ فَيُنْدَبُ لَهَا الْعَقُّ عَنْهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ إظْهَارُهُ الْمُفْضِي لِظُهُورِ الْعَارِ، وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ نَدْبِ الْعَقِّ مِنْ الْأَصْلِ الْحُرِّ لِوَلَدِهِ الْقِنِّ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَعُقَّ عَنْ (غُلَامٍ) أَيْ ذَكَرٍ، وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ الْخُنْثَى بِهِ فِي ذَلِكَ احْتِيَاطًا كَمَا جَزَمَ بِهِ الْجَوْجَرِيُّ تَبَعًا لِتَصْرِيحِ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (بِشَاتَيْنِ) وَيُنْدَبُ تَسَاوِيهِمَا (وَ) يُسَنُّ أَنْ يَعُقَّ عَنْ (جَارِيَةٍ) أَيْ أُنْثَى (بِشَاةٍ) لِخَبَرِ عَائِشَةَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَعُقَّ عَنْ الْغُلَامِ بِشَاتَيْنِ مُتَكَافِئَتَيْنِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ بِشَاةٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَيُجْزِي شَاةٌ أَوْ شِرْكٌ مِنْ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ عَنْ الذَّكَرِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقَّ عَنْ كُلٍّ مِنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِشَاةٍ» وَآثَرَ الشَّاةَ تَبَرُّكًا بِلَفْظِ الْوَارِدِ، وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ هُنَا نَظِيرُ مَا مَرَّ مِنْ سَبْعِ شِيَاهٍ ثُمَّ الْإِبِلِ ثُمَّ الْبَقَرِ ثُمَّ الضَّأْنِ ثُمَّ الْمَعْزِ ثُمَّ شِرْكٍ فِي بَدَنَةٍ ثُمَّ بَقَرَةٍ، وَلَوْ ذَبَحَ بَقَرَةً أَوْ بَدَنَةً عَنْ سَبْعَةِ أَوْلَادٍ جَازَ، وَكَذَا لَوْ أَشْرَكَ فِيهِمَا جَمَاعَةً سَوَاءٌ أَرَادَ كُلُّهُمْ الْعَقِيقَةَ أَمْ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ وَبَعْضُهُمْ اللَّحْمَ (وَسِنُّهَا) وَجِنْسُهَا (وَسَلَامَتُهَا) مِنْ الْعُيُوبِ (وَالْأَكْلُ وَالتَّصَدُّقُ) وَالْإِهْدَاءُ وَالِادِّخَارُ وَقَدْرُ الْمَأْكُولِ وَامْتِنَاعُ نَحْوِ الْبَيْعِ وَتَعْيِينُهَا بِالنَّذْرِ وَاعْتِبَارُ النِّيَّةِ فِيهَا (كَالْأُضْحِيَّةِ) لِشَبَهِهَا بِهَا فِي نَدْبِهَا وَلَوْ كَانَتْ مَنْذُورَةً، فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ يَسْلُكُ بِهَا مَسْلَكَهَا بِدُونِ نَذْرٍ: أَيْ فَلَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِ لَحْمِهَا نِيئًا وَلِكَوْنِهَا فِدَاءً عَنْ النَّفْسِ قَدْ تُفَارِقُهَا فِي أَحْكَامٍ يَسِيرَةٍ مِنْهَا مِلْكُ الْغَنِيِّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لَيْسَ عَقِيقَةً (قَوْلُهُ: الْأُضْحِيَّةُ) أَيْ الْمَنْدُوبَةُ، وَقَوْلُهُ حَصَلَا: أَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُ) أَيْ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَقَعْ عَقِيقَةً (قَوْلُهُ: قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ أَكْثَرِ النِّفَاسِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا اسْتَمَرَّ مُعْسِرًا حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ النِّفَاسِ لَا يُطَالَبُ بِهَا بَعْدُ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا تَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ أَنَّهُ لَوْ أَيْسَرَ قَبْلَ فَوَاتِ أَكْثَرِ مُدَّةِ النِّفَاسِ لَا يَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْسَرَ إلَى ذَلِكَ فَإِنَّهَا لَا تُطْلَبُ مِنْهُ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ فَعَلَهَا سَقَطَ الطَّلَبُ عَنْ الْوَلَدِ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ) قَضِيَّةُ أَنَّهَا لَا تُطْلَبُ مِنْهُ بِخُصُوصِهَا بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْفِعْلِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: لِظُهُورِ الْعَارِ) أَيْ لِجَوَازِ أَنْ تُذْبَحَ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ فِعْلِهَا أَنَّهُ عَقِيقَةٌ (قَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ) أَيْ: خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) أَيْ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْعَاقَّ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِتَقْدِيرِ فَقْرِهِ (قَوْلُهُ: مُتَكَافِئَتَيْنِ) أَيْ مُتَسَاوِيَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الْعَقِيقَةُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَسْلُكُ بِهَا) أَيْ الْعَقِيقَةِ الْمَنْذُورَةِ، وَقَوْلُهُ مَسْلَكَهَا: أَيْ الْعَقِيقَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِ لَحْمِهَا نِيئًا) أَيْ بَلْ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ مَطْبُوخًا فَهُوَ مُخَيَّرٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ حَجّ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ يَسْلُكُ بِهَا مَسْلَكَهَا إلَخْ خِلَافُهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَلَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِ لَحْمِهَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِبَعْضِهَا نِيئًا بِخِلَافِ بَاقِيهَا (قَوْلُهُ: وَلِكَوْنِهَا) أَيْ الْعَقِيقَةِ (قَوْلُهُ: قَدْ تُفَارِقُهَا)
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: سُنَّةً مُؤَكَّدَةً) مُكَرَّرٌ (قَوْلُهُ وَالْعَاقُّ) أَيْ مَنْ يُسَنُّ لَهُ الْعَقُّ (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِ نَفْسِهِ) اُنْظُرْ هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِمَاذَا (قَوْلُهُ: قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ أَكْثَرِ النِّفَاسِ) ظَرْفٌ لَمُوسِرًا: أَيْ فَلَا تُشْرَعُ إلَّا لِمَنْ كَانَ مُوسِرًا حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَتَسْقُطُ عَنْهُ وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ وَلَا تَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ: أَيْ لِمَنْ كَانَ مُوسِرًا فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ عَنْ نَفْسِهِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى تَخْيِيرِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ) أَيْ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى شَاةٍ وَإِنْ أَجْزَأَتْ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ الْأَفْضَلَ سَبْعُ شِيَاهٍ ثُمَّ الْإِبِلُ إلَخْ (قَوْلُهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ) هُوَ بِرَفْعِ نَظِيرُ خَبَرًا (قَوْلُهُ: مِنْهَا مِلْكُ الْغَنِيِّ إلَخْ) أَيْ وَمِنْهَا مَا قَدَّمَهُ قَبْلَهُ عَنْ الشَّيْخِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute