لَمْ يُعَيِّنَا ذَلِكَ وَشَرَطَا الْمَالَ لِمَنْ سَبَقَ حَيْثُ سَبَقَ لَمْ يَجُزْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ لَا عُرْفَ غَالِبَ وَإِلَّا لَمْ يُشْتَرَطُ شَيْءٌ، وَمَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْعُرْفُ وَعَرَفَهُ الْمُتَعَاقِدَانِ يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ (وَتَسَاوِيهِمَا فِيهِمَا) فَلَوْ شَرَطَ تَقَدُّمَ مَوْقِفِ أَحَدِهِمَا أَوْ تَقَدُّمَ غَايَتِهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ الْفُرُوسِيَّةِ وَجَوْدَةِ جَرْيِ الدَّابَّةِ، وَهُوَ لَا يُعْرَفُ مَعَ تَفَاوُتِ الْمَسَافَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ السَّبْقُ بِسَبَبِ قُرْبِ الْمَسَافَةِ لَا لِحِذْقِ الْفَارِسِ وَلَا لِفَرَاهَةِ الْفَرَسِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُعَيِّنَا غَايَةً إنْ اتَّفَقَ سَبَقَ عِنْدَهَا، وَإِلَّا فَغَايَةً أُخْرَى عَيَّنَاهَا بَعْدَهَا، لَا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّهُ إنْ وَقَعَ سَبْقٌ فِي نَحْوِ وَسَطِ الْمَيْدَانِ وَقَعَا عَنْ الْغَايَةِ لِأَنَّ السَّابِقَ قَدْ يَسْبِقُ وَلَا أَنَّ الْمَالَ لِمَنْ سَبَقَ بِلَا غَايَةٍ (وَتَعْيِينُ) الرَّاكِبَيْنِ كَالرَّامِيَيْنِ بِإِشَارَةٍ لَا وَصْفٍ وَ (الْفَرَسَيْنِ) مَثَلًا بِإِشَارَةٍ أَوْ وَصْفٍ سَلِمَ لِأَنَّ الْقَصْدَ امْتِحَانُ سَيْرِهِمَا (وَيَتَعَيَّنَانِ) كَمَا يَتَعَيَّنُ الرَّاكِبَانِ وَالرَّامِيَانِ كَمَا يَأْتِي فَيَمْتَنِعُ إبْدَالُ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ مَاتَ أَوْ عَمِيَ أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ مَثَلًا أُبْدِلَ الْمَوْصُوفَ وَانْفَسَخَ فِي الْمُعَيَّنِ.
نَعَمْ فِي مَوْتِ الرَّاكِبِ يَقُومُ وَارِثُهُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ مَقَامَهُ، فَإِنْ أَبَى اسْتَنَابَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ كَانَ مُوَرِّثُهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْفَسْخُ لِكَوْنِهِ مُلْتَزِمًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الرَّاكِبِ وَالرَّامِي بِأَنَّ الْقَصْدَ جَوْدَةُ هَذَا فَلَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ، وَلَوْ مَرِضَ أَحَدُهُمَا وَرُجِيَ اُنْتُظِرَ وَإِلَّا جَازَ الْفَسْخُ إلَّا فِي الرَّاكِبِ فَيُتَّجَهُ إبْدَالُهُ (وَإِمْكَانُ) قَطْعِهِمَا الْمَسَافَةَ وَ (سَبْقُ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا لَا عَلَى نُدُورٍ، وَكَذَا فِي الرَّامِيَيْنِ، فَلَوْ نَدَرَ الْإِمْكَانُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ قَضِيَّةَ السِّبَاقِ تَوَقُّعُ سَبْقِ كُلٍّ لِيَسْعَى فَيَعْلَمُ أَوْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ: لَوْ أَخْرَجَ الْمَالَ مَنْ يُقْطَعُ بِتَخَلُّفِهِ جَازَ لِأَنَّهُ كَالْبَاذِلِ جُعْلًا، وَلَوْ أَخْرَجَاهُ مَعًا وَلَا مُحَلِّلَ وَأَحَدُهُمَا يُقْطَعُ بِسَبْقِهِ فَالسَّابِقُ كَالْمُحَلِّلِ لِأَنَّهُ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا وَشَرْطُ الْمَالِ مِنْ جِهَتِهِ لَغْوٌ، قَالَا: وَهُوَ حَسَنٌ، وَعُلِمَ مِنْ هَذَا اشْتِرَاطُ اتِّحَادِ الْجِنْسِ لَا النَّوْعِ وَإِنْ تَبَاعَدَ النَّوْعَانِ إنْ وُجِدَ الْإِمْكَانُ الْمَذْكُورُ.
نَعَمْ لَوْ وَقَعَ السِّبَاقُ بَيْنَ بَغْلٍ وَحِمَارٍ جَازَ لِتَقَارُبِهِمَا، وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ اعْتِبَارَ كَوْنِ أَحَدِ أَبَوَيْ الْبَغْلِ حِمَارًا (وَالْعِلْمُ بِالْمَالِ الْمَشْرُوطِ) جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً كَسَائِرِ الْأَعْوَاضِ، وَيَجُوزُ كَوْنُهُ عَيْنًا وَدَيْنًا حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا أَوْ بَعْضُهُ كَذَا وَبَعْضُهُ كَذَا، فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا كَفَتْ مُشَاهَدَتُهُ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وُصِفَ، فَلَوْ عَقَدَا عَلَى مَجْهُولٍ فَسَدَ الْعَقْدُ وَاسْتَحَقَّ السَّابِقُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ رُكُوبِهِمَا لَهُمَا، فَلَوْ شَرَطَا جَرَيَانَهُمَا بِأَنْفُسِهِمَا فَسَدَ الْعَقْدُ وَاسْتَحَقَّ السَّابِقُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ، وَيُعْتَبَرُ اجْتِنَابُ الشُّرُوطِ الْمُفْسِدَةِ كَإِطْعَامِ السَّبْقِ لِأَصْحَابِهِ، أَوْ إنْ سَبَقَهُ لَا يُسَابِقُهُ إلَى شَهْرٍ وَإِسْلَامُهُمَا كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِأَنَّ مُبِيحَهُ غَرَضُ الْجِهَادِ (وَيَجُوزُ شَرْطُ الْمَالِ مِنْ غَيْرِهِمَا بِأَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ أَوْ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ مَنْ سَبَقَ مِنْكُمَا فَلَهُ فِي بَيْتِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَلَا لِفَرَاهَةِ الْفَرَسِ) فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ: وَيُقَالُ لِلْبِرْذَوْنِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ فَارِهٌ، وَلَا يُقَالُ لِلْفَرَسِ فَارِهٌ وَلَكِنْ رَائِغٌ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ.
وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْفَارِهُ مِنْ النَّاسِ: الْمَلِيحُ الْحَسَنُ، وَمِنْ الدَّوَابِّ: الْجَيِّدُ السَّيْرِ، فَوَصْفُ الشَّارِحِ الْفَرَسَ بِالْفَرَاهَةِ جَارٍ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَزْهَرِيِّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ: الْبِرْذَوْنُ التُّرْكِيُّ مِنْ الْخَيْلِ وَهُوَ خِلَافُ الْعِرَابِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يُعَيِّنَا) أَيْ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: لِأَنَّ السَّابِقَ) مُتَّصِلَةٌ بِلَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ فِي مَوْتِ الرَّاكِبِ) أَيْ دُونَ مَوْتِ الرَّامِي (قَوْلُهُ: يَقُومُ وَارِثُهُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ انْفَسَخَتْ وَلَيْسَ مِنْ الْوَارِثِ بَيْتُ الْمَالِ (قَوْلُهُ: لِيَسْعَى فَيُعْلَمُ) أَيْ فَيُعْرَفُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَسَنٌ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي هَذَا بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْمُسَابَقَةِ إمْكَانُ سَبْقِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِلَا نُدُورٍ فَحَيْثُ قُطِعَ بِسَبْقِ أَحَدِهِمَا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْبَغْلَ قَدْ لَا يَكُونُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ حِمَارًا، وَهُوَ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ مِنْ أَنَّ الْبَغْلَ إمَّا مُتَوَلِّدٌ بَيْنَ أُنْثَى مِنْ الْخَيْلِ وَحِمَارٍ أَوْ عَكْسِهِ، لَكِنْ أَخْبَرَنِي بَعْضُ مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ أَحَدَ أَبَوَيْ الْبَغْلِ قَدْ يَكُونُ بَقَرَةً بِأَنْ يَنْزُوَ عَلَيْهَا حِمَارٌ (قَوْلُهُ: وَإِسْلَامُهُمَا) تَقَدَّمَ أَنَّهَا لِلِاسْتِعَانَةِ عَلَى الْجِهَادِ مَنْدُوبَةٌ، فَإِنْ قُصِدَ بِهَا مُبَاحٌ فَهِيَ مُبَاحَةٌ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي صِحَّتُهَا إذَا جَرَتْ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ لِيَتَقَوَّى بِهَا عَلَى أَمْرٍ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْقَصْدَ جَوْدَةُ هَذَا) أَيْ وَفِي ذَاكَ الْقَصْدُ جَوْدَةُ الْفَرَسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute