فَقَدْ اسْتَحْسَنُوهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْجَلَالَةِ وَالرَّدْعِ لِلْحَالِفِ عَنْ الْيَمِينِ الْغَمُوسِ
(وَحُرُوفُ الْقَسَمِ) الْمَشْهُورَةُ (بَاءٌ) مُوَحَّدَةٌ (وَوَاوٌ وَتَاءٌ) فَوْقِيَّةٌ (كَبِاللَّهِ وَوَاللَّهِ وَتَاللَّهِ) فَهِيَ صَرِيحَةٌ سَوَاءٌ أَرَفَعَ أَمْ نَصَبَ أَمْ جَرَّ أَمْ سَكَّنَ لِأَنَّ اللَّحْنَ لَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ وَبَدَأَ بِالْبَاءِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي الْقَسَمِ لُغَةً وَالْأَعَمُّ لِدُخُولِهَا عَلَى الْمُظْهَرِ وَالْمُضْمَرِ، ثُمَّ بِالْوَاوِ لِقُرْبِهَا مِنْهَا مَخْرَجًا بَلْ قِيلَ إنَّهَا مُبْدَلَةٌ مِنْهَا وَلِأَنَّهَا أَعَمُّ مِنْ التَّاءِ لِأَنَّهَا وَإِنْ اخْتَصَّتْ بِالْمُظْهَرِ تَعُمُّ الْجَلَالَةَ وَغَيْرَهَا وَلِأَنَّهُ قِيلَ إنَّ التَّاءَ بَدَلٌ مِنْهَا (وَتَخْتَصُّ التَّاءُ) الْفَوْقِيَّةُ (بِاَللَّهِ) أَيْ بِلَفْظِ الْجَلَالَةِ وَشَذَّ تَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَتَحَيَاةِ اللَّهِ وَتَالرَّحْمَنِ نَعَمْ يُتَّجَهُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ بِهَا إلَّا بِنِيَّةٍ، فَمَنْ أَطْلَقَ الِانْعِقَادَ بِهَا وَجَعَلَهُ وَارِدًا عَلَى كَلَامِهِمْ فَقَدْ وَهِمَ، وَيَكْفِي فِي احْتِيَاجِهِ لِلنِّيَّةِ شُذُوذُهُ، وَمِثْلُهَا فَاَللَّهِ بِالْفَاءِ وَآللَّهِ بِالِاسْتِفْهَامِ، وَأَدْخَلَ الْبَاءَ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ وَهُوَ صَحِيحٌ (وَلَوْ قَالَ اللَّهُ) مَثَلًا لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، وَيَجُوزُ مَدُّ الْأَلِفِ وَعَدَمُهُ إذْ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ (وَرَفَعَ أَوْ نَصَبَ أَوْ جَرَّ) أَوْ سَكَّنَ أَوْ قَالَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَوْ لَعَمْرُ اللَّهِ أَوْ عَلَى عَهْدِ اللَّهِ وَمِيثَاقِهِ وَذِمَّتِهِ وَأَمَانَتِهِ وَكَفَالَتِهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا (فَلَيْسَ بِيَمِينٍ إلَّا بِنِيَّةٍ) لِلْقَسَمِ لِاحْتِمَالِهِ لِغَيْرِهِ احْتِمَالًا ظَاهِرًا، وَلَا يَضُرُّ اللَّحْنُ فِيمَا ذُكِرَ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ بِمَنْعِهِ، فَالْجَرُّ بِحَذْفِ الْجَارِّ وَإِبْقَاءِ عَمَلِهِ، وَالنَّصْبُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، وَالرَّفْعُ بِحَذْفِ الْخَبَرِ: أَيْ اللَّهُ أَحْلِفُ بِهِ، وَالسُّكُونُ بِإِجْرَاءِ الْوَصْلِ مَجْرَى الْوَقْفِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ النِّيَّةِ وَقَوْلُهُ بِلَّهِ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَحَذْفِ الْأَلِفِ يَمِينٌ إنْ نَوَاهَا عَلَى الْأَرْجَحِ خِلَافًا لِجَمْعٍ ذَهَبُوا إلَى أَنَّهَا لَغْوٌ (وَلَوْ) (قَالَ أَقْسَمْتُ أَوْ أُقْسِمُ أَوْ حَلَفْتُ أَوْ أَحْلِفُ) أَوْ آلَيْتُ أَوْ أُولِي (بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ) كَذَا (فَيَمِينٌ إنْ نَوَاهَا) لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِاسْتِعْمَالِهَا يَمِينًا مَعَ التَّأَكُّدِ بِنِيَّتِهَا (أَوْ أَطْلَقَ) لِلْعُرْفِ الْمَذْكُورِ وَأَشْهَدُ بِاَللَّهِ كِنَايَةً لِعَدَمِ اشْتِهَارِهَا فِي الْيَمِينِ وَإِنْ كَانَ صَرِيحًا فِي اللِّعَانِ، أَمَّا مَعَ حَذْفِ بِاَللَّهِ فَلَغْوٌ وَإِنْ نَوَاهَا (وَإِنْ قَالَ قَصَدْتُ) بِمَا ذُكِرَ (خَبَرًا مَاضِيًا) فِي نَحْوِ أَقْسَمْتُ (أَوْ مُسْتَقْبَلًا) فِي نَحْوِ أُقْسِمُ (صَدَقَ بَاطِنًا) جَزْمًا فَلَا تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لِاحْتِمَالِ مَا يَدَّعِيهِ (وَكَذَا ظَاهِرًا) وَلَوْ فِي نَحْوِ أَقْسَمْت بِاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِاحْتِمَالِ مَا يَدَّعِيهِ بَلْ ظُهُورُهُ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ وَحُمِلَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا عَلَى الْقَبُولِ بَاطِنًا، نَعَمْ إنْ عُرِفَ لَهُ يَمِينٌ سَابِقَةٌ قُبِلَ فِي نَحْوِ أَقْسَمْت جَزْمًا.
(وَلَوْ) (قَالَ لِغَيْرِهِ أُقْسِمُ عَلَيْك بِاَللَّهِ أَوْ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ) كَذَا (وَأَرَادَ يَمِينَ نَفْسِهِ) (فَيَمِينٌ) لِصَلَاحِيَّةِ اللَّفْظِ لَهَا مَعَ اشْتِهَارِهِ عَلَى أَلْسِنَةِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فَقَدْ اسْتَحْسَنُوهَا) تَوْجِيهٌ لِلْمَصْلَحَةِ
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا فَاَللَّهِ بِالْفَاءِ وَآللَّهِ بِالِاسْتِفْهَامِ) زَادَ حَجّ: وَيَاللَّهِ بِالتَّحْتِيَّةِ (قَوْلُهُ بِلَّهِ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَحَذْفِ الْأَلْفِ يَمِينٌ إنْ نَوَاهَا) بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ بِحَذْفِ الْأَلْفِ بَعْدَ اللَّامِ هَلْ يَتَوَقَّفُ الِانْعِقَادُ عَلَى نِيَّتِهَا أَوْ لَا وَيَظْهَرُ الْآنَ الثَّانِي لِعَدَمِ الِاشْتِرَاكِ فِي هَذَا اللَّفْظِ بَيْنَ الِاسْمِ الْكَرِيمِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْبِلَّةِ فَإِنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَبِلَّةِ الرُّطُوبَةِ، وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ حَذَفَ الْهَاءَ مِنْ لَفْظِ الْجَلَالَةِ وَقَالَ اللَّا هَلْ هِيَ يَمِينٌ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهَا بِدُونِ الْهَاءِ لَيْسَتْ مِنْ أَسْمَائِهِ وَلَا صِفَاتِهِ، وَيُحْتَمَلُ الِانْعِقَادُ عِنْدَ نِيَّةِ الْيَمِينِ، وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ حَذَفَ الْهَاءَ تَخْفِيفًا وَالتَّرْخِيمُ جَائِزٌ فِي غَيْرِ الْمُنَادَى عَلَى قِلَّةٍ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِجَمْعٍ) مِنْهُمْ حَجّ (قَوْلُهُ وَأَشْهَدُ بِاَللَّهِ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لَا أَوْ قَالَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إلَخْ وَمِثْلُهُ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَيَّ أَوْ يَشْهَدُ اللَّهُ عَلَيَّ أَوْ اللَّهُ وَكِيلٌ عَلَيَّ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَعَ حَذْفِ بِاَللَّهِ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَشْهَدُ فَقَطْ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أُقْسِمُ عَلَيْك بِاَللَّهِ) أَيْ أَوْ بِاَللَّهِ مِنْ غَيْرِ أَقْسِمُ عَلَيْك أَوْ أَسْأَلُك (قَوْلُهُ: أَوْ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ تَفْعَلُ كَذَا أَوْ لَا تَفْعَلُ كَذَا وَأَطْلَقَ كَانَ يَمِينًا، وَهُوَ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ مَدُّ الْأَلِفِ) أَيْ الَّتِي هِيَ جُزْءٌ مِنْ الْجَلَالَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَلَا يَضُرُّ اللَّحْنُ إلَخْ فَهَذَا غَيْرُ كَوْنِهَا أَلِفَ الِاسْتِفْهَامِ الَّذِي مَرَّ وَغَيْرَ كَوْنِ الْأَلِفِ جَارَّةً الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَإِنْ تَوَقَّفَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي هَذَا (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ النِّيَّةِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَقِيلَ يُفَرَّقُ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute