للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَمِينِ خَصْمِهِ الْغَمُوسِ عَلَى مَالٍ وَإِنْ أُبِيحَ بِالْإِبَاحَةِ انْتَهَى.

وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ تَرْكِ الْحَلِفِ وَالتَّحْلِيفِ وَرَفْعِ الْمُطَالَبَةِ، وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَوْجَهَ فِي الْأَخِيرِ عَدَمُ الْوُجُوبِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ تَعْيِنِهِ

(وَلَهُ) أَيْ لِلْحَالِفِ بَعْدَ الْيَمِينِ (تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ بِغَيْرِ صَوْمٍ عَلَى حِنْثٍ جَائِزٌ) أَيْ غَيْرُ حَرَامٍ لِيَشْمَلَ الْأَقْسَامَ الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ لِخَبَرِ «فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ ثُمَّ ائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» وَلِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهَا الْيَمِينُ وَالْحِنْثُ مَعًا وَالتَّقْدِيمُ عَلَى أَحَدِ السَّبَبَيْنِ جَائِزٌ كَمَا مَرَّ، وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا عَنْهُمَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، وَمَرَّ أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى مُمْتَنِعِ الْبِرِّ يُكَفِّرُ حَالًا بِخِلَافِهِ عَلَى مُمْكِنِهِ، فَإِنَّ وَقْتَ الْكَفَّارَةِ فِيهِ يَدْخُلُ بِالْحِنْثِ أَمَّا الصَّوْمُ فَيَمْتَنِعُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْحِنْثِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ (قِيلَ وَ) عَلَى حِنْثٍ (حَرَامٌ قُلْت: هَذَا أَصَحُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يَزْنِي فَكَفَّرَ ثُمَّ زَنَى لَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ أُخْرَى، لِأَنَّ الْخَطَرَ فِي الْفِعْلِ لَيْسَ مِنْ حَيْثُ الْيَمِينُ لِحُرْمَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا فَالتَّكْفِيرُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ اسْتِبَاحَةٌ وَشَرْطُ إجْزَاءِ الْعِتْقِ الْمُعَجَّلِ كَفَّارَةُ بَقَاءِ الْعَبْدِ حَيًّا مُسْلِمًا إلَى الْحِنْثِ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمُعَجَّلِ عَنْ الزَّكَاةِ لَا يُشْتَرَطُ بَقَاؤُهُ إلَى الْحَوْلِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُسْتَحَقِّينَ ثَمَّ شُرَكَاءُ لِلْمَالِكِ وَقَدْ قَبَضُوا حَقَّهُمْ وَبِهِ يَزُولُ تَعَلُّقُهُمْ بِالْمَالِ فَأَجْزَأَ، وَإِنْ تَلِفَ قَبْلَ الْحَوْلِ لِأَنَّهُمْ عِنْدَهُ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ تَعَلُّقٌ وَأَمَّا هُنَا فَالْوَاجِبُ فِي الذِّمَّةِ وَهِيَ لَا تَبْرَأُ عَنْهُ إلَّا بِنَحْوِ قَبْضٍ صَحِيحٍ، فَإِذَا مَاتَ الْعَتِيقُ أَوْ ارْتَدَّ بَانَ بِالْحِنْثِ الْمُوجِبِ لِلْكَفَّارَةِ بَقَاءُ الْحَقِّ فِي الذِّمَّةِ وَأَنَّهَا لَمْ تَبْرَأْ عَنْهُ بِمَا سَبَقَ لِأَنَّ الْحَقَّ لَمْ يَتَّصِلْ بِمُسْتَحِقِّهِ وَقْتَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، وَلَوْ قَدَّمَهَا وَلَمْ يَحْنَثْ اسْتَرْجَعَ كَالزَّكَاةِ أَيْ إنْ شَرَطَهُ أَوْ عَلِمَ الْقَابِضُ أَنَّهَا مُعَجَّلَةٌ وَإِلَّا فَلَا.

وَلَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ مَاتَ مَثَلًا قَبْلَ حِنْثِهِ وَقَعَ عِتْقُهُ تَطَوُّعًا كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ لِتَعَذُّرِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ مَا اعْتَرَضَ بِهِ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ تَرْكِ الْحَلِفِ يُتَأَمَّلُ مَا الْمُرَادُ بِهِ فَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا، وَالْأَصْلُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ رَفْعِ الْيَمِينِ فِي الْغَمُوسِ، وَغَيْرُ ظَاهِرٍ فِيهَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ تَرْكِ إلَخْ لَكِنَّ هَذَا لَا يُنَاسَبُ قَوْلَهُ إنَّ الْأَوْجَهَ فِي إلَخْ.

[فَائِدَةٌ] هَلْ تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ بِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ أَوْ لَا؟ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَيَتَعَدَّدُ فِي الْقَسَامَةِ وَفِي أَيْمَانِ اللِّعَانِ وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ، وَفِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ وَهُوَ مَا إذَا حَلَفَ أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا مَثَلًا وَكَرَّرَ الْأَيْمَانَ كَاذِبًا بِأَنَّهُ يَتَعَدَّدُ أَيْضًا، وَيَتَعَدَّدُ أَيْضًا فِيمَا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ كُلَّمَا مَرَرْت عَلَيْك لَأُسَلِّمَنَّ عَلَيْك

(قَوْلُهُ: لِيَشْمَلَ الْأَقْسَامَ) وَهِيَ الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ وَالْمُبَاحُ وَالْمَكْرُوهُ وَخِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ السَّبَبَيْنِ) هُمَا حَلَفَ وَحَنِثَ (قَوْلُهُ: حَيًّا مُسْلِمًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ سَلَامَتُهُ إلَى الْحِنْثِ حَتَّى لَوْ عَمِيَ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ وَقَبْلَ الْحِنْثِ لَمْ يَضُرَّ، وَلَيْسَ مُرَادًا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْحِنْثِ لَيْسَ مُجْزِئًا فِي الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ ارْتَدَّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْحِنْثِ، وَلَيْسَ مُرَادًا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ بِعَوْدِهِ لِلْإِسْلَامِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِمَّا يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَدَّمَهَا) أَيْ الْكَفَّارَةَ وَكَانَتْ غَيْرَ عِتْقٍ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ مَاتَ) أَيْ الْمُعْتِقُ أَيْ أَوْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ عَدَمِهِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا ذَلِكَ، وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْمُدَّعِي كَأَنْ تَدَّعِيَ الزَّوْجَةُ الْبَيْنُونَةَ فَتُعْرَضَ الْيَمِينُ عَلَى الزَّوْجِ فَيُنْكِرَ وَيَنْكُلَ فَيَلْزَمُهَا الْحَلِفُ حِفْظًا لِبُضْعِهَا مِنْ الزِّنَا وَتَوَابِعِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أُبِيحَ بِالْإِبَاحَةِ) أَيْ بِخِلَافِ النَّفْسِ وَالْبُضْعِ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ: وَإِنْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ: أَيْ خَصْمَهُ يَحْلِفُ كَاذِبًا فَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ الْحَلِفُ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ كَذِبِ خَصْمِهِ كَمَا يَجِبُ النَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَعَانَهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ) حَقُّ الْعِبَارَةِ لِأَنَّ دَفْعَ الْمَعْصِيَةِ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ تَرْكِ الْحَلِفِ) يُتَأَمَّلُ فَإِنَّهُ لَا يَحْسُنُ تَعْلِيلًا لِلْوُجُوبِ وَإِنَّمَا يَحْسُنُ تَعْلِيلًا لِعَدَمِهِ بِالْمَعْنَى الْآتِي فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ تَعَيُّنِهِ) الْوَجْهُ حَذْفُ لَفْظِ وُجُوبٍ.

(قَوْلُهُ: الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: كَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْخَمْسَةِ الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ وَالْمُبَاحَ وَالْمَكْرُوهَ وَخِلَافَ الْأُولَى، وَمَعْنَى الْبَاقِيَةِ: أَيْ بَعْدَ الْحَرَامِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>