للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي يَجِبُ لِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ مُتَتَابِعَاتٍ وَالْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ كَخَبَرِ الْآحَادِ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهَا، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا نُسِخَتْ حُكْمًا وَتِلَاوَةً (وَإِنْ غَابَ مَالُهُ انْتَظَرَهُ وَلَمْ يَصُمْ) لِأَنَّهُ وَاجِدٌ وَإِنَّمَا أُبِيحَ الصَّوْمُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ بِخِلَافِ الْمُتَمَتِّعِ إذَا أَعْسَرَ بِالدَّمِ بِمَكَّةَ فَإِنَّهُ يَجْزِيهِ الصَّوْمُ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ اُعْتُبِرَتْ بِمَكَّةَ لِأَنَّهَا مَحَلُّ نُسُكِهِ الْمُوجِبِ لِلدَّمِ فَلَا يُنْظَرُ إلَى غَيْرِهَا، وَلَا كَذَلِكَ الْكَفَّارَاتُ تُعْتَبَرُ فِيهَا مُطْلَقًا، أَيْ وَإِنْ غَابَ مَالُهُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِوُجُوبِهَا عَلَى التَّرَاخِي أَصَالَةً.

(وَلَا يُكَفِّرُ عَبْدٌ) أَيْ رَقِيقٌ (بِمَالٍ) لِعَدَمِ مِلْكِهِ (إلَّا إذَا مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ) أَوْ غَيْرُهُ (طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً) لِيُكَفِّرَ بِهِمَا أَوْ مُطْلَقًا (وَقُلْنَا) إنَّهُ (يَمْلِكُ) وَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي التَّكْفِيرِ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ، نَعَمْ لَوْ مَاتَ فَلِسَيِّدِهِ التَّكْفِيرُ عَنْهُ بِغَيْرِ الْعِتْقِ مِنْ إطْعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ لِعَدَمِ اسْتِدْعَاءِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِهِ حَالَ الْحَيَاةِ وَلِزَوَالِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ، وَلِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ بِذَلِكَ بِإِذْنِهِ وَلَهُ التَّكْفِيرُ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ بِإِذْنِهِ، وَفَارَقَ الْعِتْقَ بِأَنَّ الْقِنَّ غَيْرُ أَهْلٍ لِلْوَلَاءِ (بَلْ يُكَفِّرُ) حَتَّى فِي الْمَرْتَبَةِ كَالظِّهَارِ (بِصَوْمٍ) لِعَجْزِهِ عَنْ غَيْرِهِ، وَمِثْلُهُ فِي التَّكْفِيرِ بِهِ مَحْجُورُ سَفَهٍ أَوْ فَلْسٍ لِامْتِنَاعِ تَبَرُّعِهِمَا بِالْمَالِ، نَعَمْ لَوْ زَالَ الْحَجْرُ قَبْلَ الصَّوْمِ امْتَنَعَ، إذْ الِاعْتِبَارُ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ لَا الْوُجُوبِ (فَإِنْ ضَرَّهُ) الصَّوْمُ فِي الْخِدْمَةِ (وَكَانَ حَلَفَ وَحَنِثَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ صَامَ بِلَا إذْنٍ) وَلَا يَجُوزُ لَهُ مَنْعُهُ لِكَوْنِهِ أَذِنَهُ فِي سَبَبِهِ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهَا عَلَى التَّرَاخِي (أَوْ وُجِدَا) أَيْ الْحَلِفُ وَالْحِنْثُ (بِلَا إذْنٍ لَمْ يَصُمْ إلَّا بِإِذْنٍ) لِعَدَمِ إذْنِهِ فِي سَبَبِهِ.

وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يَضُرُّهُ فَإِنْ شَرَعَ فِيهِ فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ إتْمَامِهِ فَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ وَلَا أَضْعَفَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا (وَإِنْ أَذِنَ فِي أَحَدِهِمَا فَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ الْحَلِفِ) لِأَنَّ إذْنَهُ فِيهِ إذْنٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَقَدْ تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْمُحَرَّرَ، وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا اعْتِبَارُ الْحِنْثِ بَلْ قِيلَ إنَّ الْأَوَّلَ سَبْقُ قَلَمٍ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَانِعَةٌ مِنْهُ فَلَا يَكُونُ إذْنُهُ فِي ذَلِكَ إذْنًا فِي الْتِزَامِ الْكَفَّارَةِ، وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْإِذْنَ فِي الضَّمَانِ دُونَ الْأَدَاءِ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، وَخَرَجَ بِالْعَبْدِ الْأَمَةُ الَّتِي لَا تَحِلُّ لَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ صَوْمٌ مُطْلَقًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الرَّوْضَةِ هُنَا وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ مِنْ اعْتِبَارِ سَنَةٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ الْمَارِّ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ (قَوْلُهُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا

(قَوْلُهُ: وَلِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمُكَاتَبِ لَا يَجُوزُ لِسَيِّدِهِ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ وَلَوْ بِإِذْنِهِ، وَلَا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي التَّكْفِيرِ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ وَكَسْبِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ) أَيْ الْعَبْدِ.

وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَيْ الْمُكَاتَبِ، وَقَوْلُهُ بِإِذْنِهِ: أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ فِي التَّكْفِيرِ بِهِ مَحْجُورُ سَفَهٍ) وَلَا يُكَفِّرُ عَنْ مَيِّتٍ بِأَزْيَدِ الْخِصَالِ قِيمَةً بَلْ يَتَعَيَّنُ أَقَلُّهَا أَوْ أَحَدُهَا إنْ اسْتَوَتْ قِيمَتُهَا اهـ حَجّ.

أَقُولُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أَوْ ثَمَّ دَيْنٌ وَإِلَّا فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْوَارِثِ الرَّشِيدِ أَنْ يُكَفِّرَ بِالْأَعْلَى (قَوْلُهُ: فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ إتْمَامِهِ) أَيْ وَلَوْ أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِمَوْتِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ لِأَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ فَوْرِيٌّ وَلَا إثْمَ عَلَى الرَّقِيقِ فِي عَدَمِ الصَّوْمِ لِعَجْزِهِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ احْتَاجَهُ لِلْخِدْمَةِ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ فَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ الْحَلِفِ ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْعَبْدِ الْأَمَةُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعَدَّةً لِلتَّمَتُّعِ بَلْ لِلْخِدْمَةِ وَإِنْ بَعُدَ فِي الْعَادَةِ تَمَتُّعُهُ بِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ لَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ صَوْمٌ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ ضَرَّهَا الصَّوْمُ أَمْ لَا، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ هُنَا لِلزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ هَلْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ الصَّوْمِ أَمْ لَا، وَعِبَارَتُهُ فِي بَابِ النَّفَقَاتِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ تَعْجِيلِ مَكْتُوبَةٍ أَوَّلَ الْوَقْتِ نَصُّهَا: وَكَذَا يَمْنَعُهَا مِنْ صَوْمِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلِهِ مَا ذَهَبَتْ (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا نُسِخَتْ إلَخْ) وَأَجَابَ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ الشَّاذَّ إنَّمَا يَكُونُ كَالْخَبَرِ إذَا ثَبَتَ قُرْآنًا وَلَمْ يُوجَدْ (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ الْكَفَّارَاتُ) عِبَارَةُ الْقُوتِ: فَإِنَّ مَكَانَ الدَّمِ مَكَّةُ فَاعْتُبِرَ يَسَارُهُ بِهَا وَمَكَانُ الْكَفَّارَةِ مُطْلَقٌ فَاعْتُبِرَ يَسَارُهُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: أَصَالَةً) أَيْ وَإِلَّا فَقَدْ يَجِبُ الْفَوْرُ لِعَارِضٍ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْإِطْعَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>