وَلَا يَسْكُنُهُ فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا فِيمَا فِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ دُونَ مَا فِيهِ تَخْفِيفٌ لَهُ (وَيَحْنَثُ بِمَا يَمْلِكُهُ) كُلَّهُ وَإِنْ تَجَدَّدَ طُرُوُّهُ لَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ (وَلَا يَسْكُنُهُ) إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَسْكَنَهُ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ عَمَلًا بِقَصْدِهِ، وَلَوْ كَانَتْ الْإِضَافَةُ مُشْتَهِرَةً لِلتَّعْرِيفِ كَدَارِ الْأَرْقَمِ بِمَكَّةَ وَسُوقِ يَحْيَى بِبَغْدَادَ حَنِثَ بِدُخُولِهَا مُطْلَقًا لِتَعَذُّرِ حَمْلِ الْإِضَافَةِ عَلَى الْمِلْكِ وَفَارَقَ الْمُتَجَدِّدُ هُنَا لَا أُكَلِّمُ وَلَدَ فُلَانٍ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْمَوْجُودِ دُونَ الْمُتَجَدِّدِ لِأَنَّ الْيَمِينَ مُنَزَّلَةٌ عَلَى مَا لِلْحَالِفِ قُدْرَةٌ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَلَا يُشْكِلُ بِقَوْلِ الْكَافِي، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَمَسُّ شَعْرَ فُلَانٍ فَحَلَقَهُ ثُمَّ مَسَّ مَا نَبَتَ مِنْهُ حَنِثَ لِأَنَّ إخْلَافَ الشَّعْرِ مَعْهُودٌ عَادَةً مُطَرَّدَةً فِي أَقْرَبِ وَقْتٍ فَنُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ (وَلَوْ) (حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ أَوْ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَهُ أَوْ) لَا يُكَلِّمُ (زَوْجَتَهُ) (فَبَاعَهُمَا) أَيْ الدَّارَ وَالْعَبْدَ بَيْعًا لَازِمًا: أَيْ يَنْقُلُ الْمِلْكَ وَلَوْ مَعَ الْخِيَارِ بِأَنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ أَوْ لَهُمَا وَأُجِيزَ الْبَيْعُ وَبَيْعُ بَعْضِهِمَا وَإِنْ قَلَّ كَبَيْعِهِمَا (أَوْ طَلَّقَهَا) بَائِنًا لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ كَالزَّوْجَةِ (فَدَخَلَ) الدَّارَ (وَكَلَّمَ) الْعَبْدَ وَالزَّوْجَةَ (لَمْ يَحْنَثْ) تَغْلِيبًا لِلْحَقِيقَةِ لِزَوَالِ الْمِلْكِ بِالْبَيْعِ وَالزَّوْجِيَّةِ بِالطَّلَاقِ، وَلَوْ اشْتَرَى بَعْدَ بَيْعِهِمَا غَيْرَهُمَا فَإِنْ أَطْلَقَ أَوْ أَرَادَ أَيَّ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ مَلَكَهُ حَنِثَ بِالثَّانِيَةِ أَوْ التَّقْيِيدَ بِالْأَوَّلِ فَلَا (إلَّا أَنْ يَقُولَ دَارُهُ هَذِهِ أَوْ زَوْجَتُهُ هَذِهِ أَوْ عَبْدُهُ هَذَا) أَوْ يُرِيدُ أَيَّ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ جَرَى عَلَيْهِ مِلْكُهُ أَوْ أَيَّ امْرَأَةٍ جَرَى عَلَيْهَا نِكَاحُهُ (فَيَحْنَثُ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ عَلَى الْإِضَافَةِ وَغَلَبَةِ التَّسْمِيَةِ عَلَيْهَا فِيمَا مَرَّ) .
آنِفًا لِأَنَّهَا أَقْوَى لِأَنَّ الْفَهْمَ يَسْبِقُ إلَيْهَا أَكْثَرَ وَعَمَلًا بِتِلْكَ النِّيَّةِ وَأَلْحَقَ بِالتَّلَفُّظِ بِالْإِشَارَةِ نِيَّتَهَا، وَإِنَّمَا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي بِعْتُكَ هَذِهِ الشَّاةَ فَإِذَا هِيَ بَقَرَةٌ لِمُرَاعَاةِ الْأَلْفَاظِ فِي الْعُقُودِ مَا أَمْكَنَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ هَذِهِ السَّخْلَةِ فَكَبِرَتْ وَأَكَلَهُ لَا يَحْنَثُ، وَفَارَقْت نَحْوَ دَارِ زَيْدٍ هَذِهِ بِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهَا عَارِضَةٌ فَلَمْ يُنْظَرْ إلَيْهَا بَلْ بِمُجَرَّدِ الْإِشَارَةِ الصَّادِقَةِ بِالِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ، وَفِي تِلْكَ لَازِمَةٌ لِلُزُومِ الِاسْمِ أَوْ الصِّفَةِ، وَلِأَنَّ زَوَالَهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَغْيِيرٍ بِعِلَاجٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَيَحْنَثُ بِمَا يَمْلِكُهُ كُلُّهُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْمُشْتَرَكِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْمِيمَ فِي الْمَمْلُوكِ: أَيْ بِأَيِّ مَمْلُوكٍ لَهُ حَادِثًا كَانَ أَوْ مُتَجَدِّدًا، وَيُؤَيِّدُ قَوْلَنَا الظَّاهِرَ أَنَّهُ إلَخْ قَوْلُهُ الْآتِي وَبَيْعُ بَعْضِهِمَا وَإِنْ قَلَّ كَبَيْعِهِمَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَجَدَّدَ طُرُوُّهُ لَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَأَنْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ أَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْنَثُ) أَيْ إنْ كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ مُنَزَّلَةٌ عَلَى مَا لِلْحَالِفِ) يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ مَا لِلْحَالِفِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ مَا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ كَزَيْدٍ هُنَا قُدْرَةٌ عَلَى تَحْصِيلِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَهُ) وَالْمُرَادُ بِالتَّكْلِيمِ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَكَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ كَالزَّوْجَةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُبْقِي زَوْجَتَهُ عَلَى عِصْمَتِهِ أَوْ عَلَى ذِمَّتِهِ فَطَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا لَمْ يَبَرَّ فَيَحْنَثُ بِإِبْقَائِهَا عَلَى الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ.
(قَوْلُهُ: تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ) وَفِي نُسْخَةٍ عَلَى الْإِضَافَةِ، وَغَلَبَتْ التَّسْمِيَةُ عَلَيْهَا فِيمَا مَرَّ آنِفًا لِأَنَّهَا أَقْوَى لِأَنَّ الْفَهْمَ يَسْبِقُ إلَيْهَا أَكْثَرُ وَعَلَيْهَا يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ إلَخْ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ فِي كَلَامِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ مَا فِي قَوْلِهِ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَصَارَتْ فَضَاءً إلَخْ (قَوْلُهُ: لِمُرَاعَاةِ الْأَلْفَاظِ) عُمُومُهُ شَامِلٌ
[حاشية الرشيدي]
كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّفْرِيعِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا فِيمَا فِيهِ تَغْلِيظٌ إلَخْ إلَّا أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ قَلَاقَةً (قَوْلُهُ: بَيْعًا لَازِمًا) أَيْ مِنْ جِهَتِهِ، وَمُرَادُهُ بِلُزُومِهِ مَا يَشْمَلُ إلْزَامَهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ انْهَدَمَتْ بِاعْتِبَارِ مَا صَوَّرَهُ بِهِ الشَّارِحُ ثَمَّ (قَوْلُهُ: وَعَمَلًا بِتِلْكَ النِّيَّةِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ فَالْأَوَّلُ تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ وَالْمَعْطُوفُ تَعْلِيلٌ لِمَا زَادَهْ بِقَوْلِهِ أَوْ يُرِيدُ أَيَّ دَارٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي بِعْتُك هَذِهِ الشَّاةَ إلَخْ) مَرَّ قَرِيبًا أَنَّ التَّسْمِيَةَ أَقْوَى مِنْ الْإِشَارَةِ وَهَذَا مِنْهُ فَلَا حَاجَةَ بِهِ إلَى جَوَابٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بَلْ لِمُجَرَّدِ الْإِشَارَةِ الصَّادِقَةِ بِالِابْتِدَاءِ أَوْ الدَّوَامِ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: أَيْ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ.
قَالَ: وَكَأَنَّهُ أَرَادَ حَالَ مِلْكِهِ وَبَعْدَ زَوَالِهِ (قَوْلُهُ بِعِلَاجٍ) أَيْ أَوْ خِلْقَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute