للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي مَالِ غَائِبٍ وَضَالٍّ وَمَغْصُوبٍ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا حِنْثُهُ بِذَلِكَ لِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ، وَلَا نَظَرَ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَخْذِهِ، وَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ

وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ الْمَسْرُوقُ (أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ) (فَالْبِرُّ) إنَّمَا يَحْصُلُ (بِمَا يُسَمَّى ضَرْبًا) فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ وَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ إيلَامٌ) إذْ الِاسْمُ صَادِقٌ بِدُونِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الطَّلَاقِ مِنْ اشْتِرَاطِهِ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى كَوْنِهِ بِالْقُوَّةِ، وَمَا هُنَا مِنْ نَفْيِهِ مَحْمُولٌ عَلَى حُصُولِهِ بِالْفِعْلِ (إلَّا أَنْ يَقُولَ) أَوْ نَوَى (ضَرْبًا شَدِيدًا) أَوْ مُوجِعًا مَثَلًا فَيُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ إيلَامُهُ عُرْفًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِالزَّمَنِ وَحَالِ الْمَضْرُوبِ (وَلَيْسَ وَضْعُ سَوْطٍ عَلَيْهِ وَعَضٌّ) وَقَرْصٌ (وَخَنِقٌ) بِكَسْرِ النُّونِ (وَنَتْفُ شَعْرٍ ضَرْبًا) لِانْتِفَاءِ تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ عُرْفًا (قِيلَ: وَلَا لَطْمٌ) لِوَجْهٍ بِبَاطِنِ الرَّاحَةِ (وَوَكْزٌ) وَهُوَ الضَّرْبُ بِالْيَدِ مُطَبَّقَةٌ أَوْ الدَّفْعُ وَلَوْ بِغَيْرِ الْيَدِ وَرَفْسٌ وَلَكْمٌ وَصَفْعٌ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى فِي الْعَادَةِ ضَرْبًا، وَالْأَصَحُّ فِي الْجَمِيعِ أَنَّهَا ضَرْبٌ وَأَنَّهَا تُسَمَّاهُ عَادَةً، وَمِثْلُهَا الرَّمْيُ بِنَحْوِ حَجَرٍ أَصَابَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ (أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ أَوْ خَشَبَةٍ فَشَدَّ مِائَةً) مِنْ السِّيَاطِ فِي الْأُولَى وَمِنْ الْخَشَبِ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَا يَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ (وَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً أَوْ) ضَرَبَهُ (بِعِثْكَالٍ) وَهُوَ الضِّغْثُ فِي الْآيَةِ (عَلَيْهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ بَرَّ إنْ عَلِمَ إصَابَةَ الْكُلِّ أَوْ) عَلِمَ (تَرَاكُمَ بَعْضٍ) مِنْهَا (عَلَى بَعْضٍ فَوَصَلَهُ) بِسَبَبِ التَّرَاكُمِ (أَلَمُ الْكُلِّ) وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بَدَلَهُ بِثِقَلِ الْكُلِّ، وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَحْسَنِيَّتَهَا لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْإِيلَامِ، وَرَدَّهُ بَعْضٌ آخَرَ بِأَنَّ ذِكْرَ الْعَدَدِ هُوَ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى الْإِيلَامِ فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ ضَرْبًا شَدِيدًا، هَذَا وَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْإِيلَامِ بِالْفِعْلِ وَإِنْ ذُكِرَ الْعَدَدُ، وَكَلَامُهُ صَرِيحٌ فِي إجْزَاءِ الْعِثْكَالُ فِي قَوْلِهِ مِائَةَ سَوْطٍ، وَهُوَ مَا قَالَهُ جَمْعٌ، وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ مَا صَحَّحَاهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهَا لَا تَكْفِي لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسِيَاطٍ وَلَا مِنْ جِنْسِهَا (قُلْت: وَلَوْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ فَلَا حِنْثَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَالَهُ حَالَ الْحَلِفِ. [فَرْعٌ]

وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنهُ عَلْقَةً فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِحَالِ الْحَالِفِ أَوْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ بِالْعُرْفِ؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الثَّالِثُ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ. (قَوْلُهُ: لِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ ذِمَّةِ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ، لَكِنْ هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَظْهَرُ فِي الْغَائِبِ وَالضَّالِّ لِاحْتِمَالِ تَلَفِهِمَا قَبْلَ دُخُولِهِمَا تَحْتَ يَدِ أَحَدٍ، بَلْ وَلَا فِي الْمَغْصُوبِ لِاحْتِمَالِ بَقَائِهِ، وَالْأَعْيَانُ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، لَكِنْ هَذَا إنَّمَا يُنَافِي قَوْلَهُ لِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ دُونَ الْحِنْثِ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ الْمَسْرُوقُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَهُ مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ بَاقِيًا فَبِتَقْدِيرِ تَلَفِهِ فَبَدَلُهُ دَيْنٌ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ اشْتِرَاطِهِ) أَيْ الْإِيلَامِ (قَوْلُهُ: وَوَكَزَ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَكَزَهُ ضَرَبَهُ وَدَفَعَهُ، وَقِيلَ ضَرَبَهُ بِجُمَعِ يَدِهِ عَلَى ذَقَنِهِ وَبَابُهُ وَعَدَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا) (الرَّمْيِ) أَيْ فَيَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ (قَوْلُهُ: أَوْ خَشَبَةٍ) وَمِنْ الْخَشَبِ الْأَقْلَامُ وَنَحْوُهَا مِنْ أَعْوَادِ الْحَطَبِ وَالْجَرِيدِ.

وَإِطْلَاقُ الْخَشَبِ عَلَيْهَا أَوْلَى مِنْ إطْلَاقِهِ عَلَى الشَّمَارِيخِ (قَوْلُهُ: شِمْرَاخٌ) بِكَسْرِ الشِّينِ كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسِيَاطٍ) أَيْ بَلْ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْخَشَبِ فَيَبَرُّ بِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ مِائَةَ خَشَبَةٍ لِوُجُودِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ) يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَمَغْصُوبٌ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى كَوْنِهِ بِالْقُوَّةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُوَّةِ أَنْ يَكُونَ شَدِيدًا فِي نَفْسِهِ لَكِنْ مَنَعَ مِنْ الْإِيلَامِ مَانِعٌ، إذْ الضَّرْبُ الْخَفِيفُ لَا يُقَالُ إنَّهُ مُؤْلِمٌ لَا بِالْفِعْلِ وَلَا بِالْقُوَّةِ، وَفِي عِبَارَةِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ إيلَامٌ وَلَمْ يَشْرِطْهُ الْأَكْثَرُونَ، وَاكْتَفَوْا بِالصِّفَةِ الَّتِي يُتَوَقَّعُ مِنْهَا الْإِيلَامُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ إيلَامُهُ عُرْفًا) أَيْ شِدَّةُ إيلَامِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْقُوتِ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ النَّظَرُ لِلْعُرْفِ، وَإِلَّا فَالْإِيلَامُ إنَّمَا يَظْهَرُ النَّظَرُ فِيهِ لِلْوَاقِعِ لَا لِلْعُرْفِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا صَحَّحَاهُ إلَخْ) أَيْ أَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْخَشَبَةِ فَيَكْفِي، وَوَجْهُهُ أَنَّ إطْلَاقَهَا عَلَيْهِ عُرْفُ أَهْلِ الشَّرْقِ وَالْعُرْفُ إذَا ثَبَتَ فِي مَحَلٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>