وَمَحْجُورِ سَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ فِي قُرْبَةٍ مَالِيَّةٍ عَيْنِيَّةٍ وَنَذْرُ الْقِنِّ مَالًا فِي ذِمَّتِهِ كَضَمَانِهِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَا بُدَّ مِنْ إمْكَانِ فِعْلِهِ الْمَنْذُورَ فَلَا يَصِحُّ نَذْرُهُ صَوْمًا لَا يُطِيقُهُ، وَلَا بَعِيدٍ عَنْ مَكَّةَ حَجًّا هَذِهِ السَّنَةُ، وَسَوَاءٌ فِي الصِّيغَةِ أَكَانَتْ بِلَفْظٍ أَمْ كِتَابَةً مَعَ نِيَّةٍ أَمْ إشَارَةَ أَخْرَسَ تَدُلُّ أَوْ تُشْعِرُ بِالْتِزَامِ كَيْفِيَّةِ الْعُقُودِ، وَيَكْفِي فِي صَرَاحَتِهَا نَذَرْت لَك كَذَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ.
(هُوَ ضَرْبَانِ نَذْرُ لَجَاجٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَهُوَ التَّمَادِي فِي الْخُصُومَةِ، وَيُسَمَّى نَذْرٌ وَيَمِينُ لَجَاجٍ وَغَضَبٍ وَغَلَقٍ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ، وَهُوَ أَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ شَيْءٍ أَوْ يَحُثَّ عَلَيْهِ أَوْ يُحَقِّقَ خَبَرًا غَضَبًا بِالْتِزَامِ قُرْبَةٍ (كَإِنْ كَلَّمْته) أَوْ إنْ لَمْ أُكَلِّمْهُ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَمَا قُلْته (فَلِلَّهِ عَلَيَّ) أَوْ فَعَلَيَّ (عِتْقٌ أَوْ صَوْمٌ) أَوْ عِتْقٌ وَصَوْمٌ وَحَجٌّ (وَفِيهِ) عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (كَفَّارَةُ يَمِينٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» وَلَا كَفَّارَةَ فِي نَذْرِ التَّبَرُّرِ جَزْمًا فَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى نَذْرِ اللَّجَاجِ (وَفِي قَوْلٍ مَا الْتَزَمَ) لِخَبَرِ «مَنْ نَذَرَ وَسَمَّى فَعَلَيْهِ مَا سَمَّى» (وَفِي قَوْلٍ أَيُّهُمَا شَاءَ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ النَّذْرَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ الْتِزَامُ قُرْبَةٍ وَالْيَمِينُ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَقْصُودَهُ مَقْصُودُ الْيَمِينِ، وَلَا سَبِيلَ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ مُوجِبُهُمَا وَلَا لِتَعْطِيلِهِمَا فَتَعَيَّنَ التَّخْيِيرُ (قُلْت: الثَّالِثُ أَظْهَرُ، وَرَجَّحَهُ الْعِرَاقِيُّونَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا قُلْنَاهُ، أَمَّا إذَا الْتَزَمَ غَيْرَ قُرْبَةٍ كَلَا آكُلُ الْخُبْزَ فَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمِنْهُ مَا يُعْتَادُ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَوَامّ الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَيَتَأَكَّدُ بِنِيَّتِهَا (قَوْلُهُ عَيْنِيَّةٍ) كَهَذَا الثَّوْبُ وَخَرَجَ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ فَيَصِحُّ نَذْرُ الْمَحْجُورِ لَهَا كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَجْرِ السَّفَهِ وَالْفَلَسِ، ثُمَّ اُنْظُرْ بَعْدَ الصِّحَّةِ مِنْ أَيْنَ يُؤَدِّي السَّفِيهُ هَلْ هُوَ بَعْدَ رُشْدِهِ أَوْ يُؤَدِّي الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ مَا الْتَزَمَهُ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ السَّفِيهَ يُؤَدِّي بَعْدَ رُشْدِهِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ مَاتَ وَلَمْ يُؤَدِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ تَرِكَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَزِمَ ذِمَّتَهُ فِي الْحَيَاةِ، وَقِيَاسًا عَلَى تَنْفِيذِ مَا أَوْصَى بِهِ مِنْ الْقُرَبِ (قَوْلُهُ: كَضَمَانِهِ) أَيْ وَهُوَ بَاطِلٌ إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَأَمَّا بِإِذْنِهِ فَصَحِيحٌ وَيُؤَدِّيهِ مِنْ كَسْبِهِ الْحَاصِلِ بَعْدَ النَّذْرِ كَمَا يُؤَدِّي الْوَاجِبَ بِالنِّكَاحِ بِالْإِذْنِ مِمَّا كَسَبَهُ بَعْدَ النِّكَاحِ لَا بَعْدَ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا بَعِيدٌ عَنْ مَكَّةَ) أَيْ بُعْدًا لَا يُدْرَكُ مَعَهُ الْحَجُّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ عَلَى السَّيْرِ الْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ: نَذَرْتُ لَك كَذَا) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَلَوْ قَالَ نَذَرْت لِفُلَانٍ بِكَذَا لَمْ يَنْعَقِدْ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِهِ الْإِقْرَارَ أُلْزِمَ بِهِ اهـ. وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّ الْخِطَابَ يَدُلُّ عَلَى الْإِنْشَاءِ بِحَسَبِ الْعُرْفِ كَمَا فِي بِعْتُك هَذَا بِخِلَافِ الِاسْمِ الظَّاهِرِ فَإِنَّهُ لَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ الْإِنْشَاءُ.
(قَوْلُهُ: قُلْت الثَّالِثُ أَظْهَرُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَا الْتَزَمَهُ مُعَيَّنًا كَإِنْ كَلَّمْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدِي هَذَا مَثَلًا.
(قَوْلُهُ: كَلَا آكُلُ الْخُبْزَ) كَأَنْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا آكُلَ الْخُبْزَ فَلَا يُتَوَهَّمُ اتِّحَادُ هَذَا مَعَ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ نَذَرَ فِعْلَ مُبَاحٍ أَوْ تَرْكَهُ إلَخْ، وَالْقَرِينَةُ عَلَى التَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ مَثَّلَ بِقَوْلِهِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقٌ أَوْ صَوْمٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ هُنَا إذَا الْتَزَمَ إلَخْ أَيْ بَدَلَ قَوْلِهِ عِتْقٌ أَوْ صَوْمٌ مَعَ مُلَاحَظَةِ قَوْلِهِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ نَذْرِ اللَّجَاجِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فِيمَا يَنْذِرُهُ) هُوَ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا (قَوْلُهُ: كَضَمَانِهِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: تَدُلُّ أَوْ تُشْعِرُ) أَيْ كُلٌّ مِنْ اللَّفْظِ وَالْكِتَابَةِ وَالْإِشَارَةِ
(قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى نَذْرَ لَجَاجٍ إلَخْ) فِي نُسْخَةٍ وَيُسَمَّى نَذْرَ وَيَمِينَ لَجَاجٍ وَغَضَبٍ وَغَلْقٍ (قَوْلُهُ: أَوْ يُحَقِّقُ خَبَرًا) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَقَوْلِهِ الْعِتْقُ أَوْ عِتْقَ قِنَّيْ فُلَانٍ يَلْزَمُنِي أَوْ الْعِتْقُ مَا فَعَلَتْ كَذَا لَغْوٌ، وَلَمْ أَرَ قَوْلَهُ أَوْ يُحَقِّقُ خَبَرًا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ إلَّا فِي التُّحْفَةِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ كَالرَّوْضَةِ هُوَ أَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ مِنْ شَيْءٍ أَوْ يَحْمِلَهَا عَلَيْهِ بِتَعْلِيقِ الْتِزَامِ قُرْبَةٍ وَكَذَا عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ مَا يُعْتَادُ إلَخْ) أَيْ مِنْ نَذْرِ اللَّجَاجِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute