مَكَّةَ (مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ) لِمَسَاكِينِهِ وَفَاءً بِالْمُلْتَزَمِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ تَعْمِيمُ الْمَحْصُورِينَ وَجَوَازُ الِاقْتِصَارِ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ فِي غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ، نَعَمْ لَوْ تَمَحَّضَ أَهْلُ الْبَلَدِ كُفَّارًا لَمْ يَلْزَمْ لِأَنَّ النَّذْرَ لَا يُصْرَفُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ.
(أَوْ) نَذَرَ (صَوْمًا) أَوْ نَحْوَهُ (فِي بَلَدٍ) وَلَوْ مَكَّةَ (لَمْ يَتَعَيَّنْ) فَيَلْزَمُهُ الصَّوْمُ وَيَفْعَلُهُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ لِأَنَّهُ لَا قُرْبَةَ فِيهِ فِي مَحَلٍّ بِخُصُوصِهِ، وَلَا نَظَرَ لِزِيَادَةِ ثَوَابِهِ فِيهَا وَلِذَا لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُ الدَّمِ فِيهَا بَلْ لَمْ يُجْزِ فِي بَعْضِهِ (وَكَذَا صَلَاةٌ) وَاعْتِكَافٌ كَمَا مَرَّ بِبَلَدٍ أَوْ مَسْجِدٍ لَا يَتَعَيَّنُ لِذَلِكَ، نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ الْمَسْجِدَ لِلْفَرْضِ لَزِمَهُ وَلَهُ فِعْلُهُ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ جَمَاعَةً فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّا إنَّمَا أَوْجَبْنَا الْمَسْجِدَ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي الْفَرْضِ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ مَسْجِدًا فَلْيَجُزْ كُلُّ مَسْجِدٍ لِذَلِكَ وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ النَّوَافِلِ الَّتِي يُسَنُّ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ بِالْفَرْضِ (إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) فَيَتَعَيَّنُ بِالنَّذْرِ لِعِظَمِ فَضْلِهِ وَتَعَلُّقِ النُّسُكِ بِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْكَعْبَةُ وَالْمَسْجِدُ حَوْلَهَا مَعَ مَا زِيدَ فِيهِ (وَفِي قَوْلٍ) إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ (وَمَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى) لِمُشَارَكَتِهِمَا لَهُ فِي بَعْضِ الْخُصُوصِيَّاتِ لِخَبَرِ «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ» أَيْ لَا يُطْلَبُ شَدُّهَا إلَّا لِذَلِكَ (قُلْت: الْأَظْهَرُ تَعَيُّنُهُمَا كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَيَقُومُ مَسْجِدُ مَكَّةَ مَقَامَهُمَا وَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ مَقَامَ الْأَقْصَى وَلَا عَكْسَ فِيهِمَا، ثُمَّ الْمُضَاعَفَةُ الْمَذْكُورَةُ إنَّمَا تَكُونُ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَضْلِ خَاصَّةً لَا فِي حُسْبَانٍ عَنْ مُنْذَرٍ أَوْ قَضَاءٍ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يُلْحَقُ بِهَا مَسْجِدُ قُبَاءَ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَإِنْ صَحَّ الْخَبَرُ بِأَنَّ رَكْعَتَيْنِ فِيهِ كَعُمْرَةٍ (أَوْ) نَذَرَ (صَوْمًا مُطْلَقًا) بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِعَدَدٍ لَفْظًا وَلَا نِيَّةً (فَيَوْمٌ) إذْ الصَّوْمُ الشَّرْعِيُّ لَا يَكُونُ فِي أَقَلَّ مِنْهُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَوَصَفَهُ بِطُولٍ أَمْ كَثْرَةٍ أَمْ حِينٍ أَمْ دَهْرٍ (أَوْ أَيَّامًا فَثَلَاثَةٌ) لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ، وَمَرَّ وُجُوبُ التَّبْيِيتِ فِي كُلِّ صَوْمٍ وَاجِبٍ (أَوْ) نَذَرَ (صَدَقَةً) فَ) يُجْزِيهِ التَّصَدُّقُ (بِمَا) أَيْ بِأَيِّ شَيْءٍ (كَانَ) وَإِنْ قَلَّ مِمَّا يُتَمَوَّلُ فَلَا يَكْفِي غَيْرُهُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَوَصَفَ الْمَالَ الْمَنْذُورَ بِكَوْنِهِ عَظِيمًا أَمْ لَا لِإِطْلَاقِ الِاسْمِ، وَلِأَنَّ الْخُلَطَاءَ قَدْ يَشْتَرِكُونَ فِي نِصَابٍ فَيَجِبُ عَلَى أَحَدِهِمْ شَيْءٌ قَلِيلٌ.
(أَوْ) نَذَرَ صَلَاةً)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: لَزِمَهُ لِمَسَاكِينِهِ) أَيْ الْمُقِيمِينَ أَوْ الْمُسْتَوْطِنِينَ: أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ وَلَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ قِيَاسًا عَلَى الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ وَفِي قَوْلِهِ هُنَا وَيَجِبُ تَعْمِيمُ الْمَحْصُورِينَ.
(قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِزِيَادَةِ ثَوَابِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الصَّوْمَ يَزِيدُ ثَوَابُهُ فِي مَكَّةَ عَلَى ثَوَابِهِ فِي غَيْرِهِ، وَهَلْ يُضَاعَفُ الثَّوَابُ فِيهِ قَدْرَ مُضَاعَفَةِ الصَّلَاةِ أَوْ لَا بَلْ فِيهِ مُجَرَّدُ زِيَادَةٍ لَا تَصِلُ لِحَدِّ مُضَاعَفَةِ الصَّلَاةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّ الْمُضَاعَفَةَ خَاصَّةٌ بِالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَطْلُبُ شَدَّهَا) أَيْ فَيَكُونُ الشَّدُّ مَكْرُوهًا وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ قَالَ الْقَفَّالُ وَالْجُوَيْنِيُّ: أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَاعْتَمَدَاهُ، وَفِي حَجّ فِي الْجَنَائِزِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّهْيِ فِي الْحَدِيثِ الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَحَّ الْخَبَرُ) أَيْ بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَذَرَ صَلَاةً) أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي الصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَغَيْرِهِ كَالرَّوَاتِبِ وَالضُّحَى
[حاشية الرشيدي]
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ وَلَا نَوَاهُ
(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهُ) لَعَلَّهُ كَالْقِرَاءَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ تَمَحَّضَ أَهْلُ الْبَلَدِ كُفَّارًا إلَخْ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَقَوْلُهُ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ: أَيْ لَمْ يَلْزَمْ صَرْفُهُ إلَيْهِمْ كَذَا فِي هَامِشِ هَذِهِ النُّسْخَةِ: أَيْ لِأَنَّهُ يَجُوزُ إبْدَالُ الْكَافِرِ بِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ لَكِنَّ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ لِأَنَّ النَّذْرَ إلَخْ فِيهِ صُعُوبَةٌ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلِذَا لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُ الدَّمِ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَصَوَابُهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَلِذَا لَمْ يَجِبْ إلَخْ وَالضَّمِيرُ فِي بَعْضِهِ لِلدَّمِ، وَمُرَادُ بِهِ صَوْمُ التَّمَتُّعِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ صَوْمُ الدَّمِ فِيهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ ثَوَابًا، بَلْ بَعْضُهُ لَا يَجْزِي فِيهِ فَضْلًا عَنْ وُجُوبِهِ وَهُوَ التَّمَتُّعُ وَيُوجَدُ فِي النُّسَخِ تَحْرِيفُ الدَّمِ بِالدَّهْرِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يُطْلَبُ) أَيْ بَلْ يُكْرَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْجَنَائِزِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَادَ شَدُّهَا لِزِيَارَةِ نَفْسِ الْبُقْعَةِ كَمَا تُزَارُ هَذِهِ الْمَسَاجِدُ (قَوْلُهُ لِإِطْلَاقِ الِاسْمِ وَلِأَنَّ الْخُلَطَاءَ إلَخْ) تَعْلِيلَانِ لِأَصْلِ الْمَتْنِ: أَيْ إنَّمَا جَازَ بِأَيِّ شَيْءٍ وَإِنْ قَلَّ لِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْخُلَطَاءِ، وَإِنَّمَا احْتَاجَ لِهَذَا لِيَكُونَ الْحُكْمُ جَارِيًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ النَّذْرَ يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute