للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْوَقْتِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ إذَا خَرَجَ بَعْضُهَا عَنْ الْوَقْتِ تَكُونُ أَوْ مَا خَرَجَ عَنْهُ قَضَاءً، وَحُكْمُ غَيْرِ الْمَغْرِبِ فِي جَوَازِ الْمَدِّ كَالْمَغْرِبِ، لِأَنَّ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - طَوَّلَ مَرَّةً فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَقِيلَ لَهُ: كَادَتْ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ، فَقَالَ: لَوْ طَلَعَتْ لَمْ تَجِدْنَا غَافِلِينَ.

وَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ.

أَمَّا الْجُمُعَةُ فَيَمْتَنِعُ تَطْوِيلُهَا إلَى مَا بَعْدَ وَقْتِهَا بِلَا خِلَافٍ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا تَوَقُّفُ صِحَّتِهَا عَلَى وُقُوعِ جَمِيعِهَا فِي وَقْتِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ مَحَلَّ الْجَوَازِ حَيْثُ شَرَعَ فِيهَا وَفِي وَقْتِهَا مَا يَسَعُ جَمِيعَهَا، وَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ أَنْ يُوقِعَ مِنْهَا رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ أَوْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ.

نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّ إيقَاعَ رَكْعَةٍ فِيهِ شَرْطٌ لِتَسْمِيَتِهَا مُؤَدَّاةً وَإِلَّا فَتَكُونُ قَضَاءً لَا إثْمَ فِيهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا مِنْ الْخِلَافِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ بَعْضِهَا عَنْ وَقْتِهَا: أَيْ بِلَا مَدٍّ كَمَا فِي قَوْلِهِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَمَا فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ: أَيْ بِلَا مَدٍّ أَيْضًا، فَكَلَامُ الْمِنْهَاجِ مِنْ الْخِلَافِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ جَوَازِ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ غَيْرِ الْمَغْرِبِ، أَمَّا إذَا جَوَّزْنَا ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ جَازَ هُنَا قَطْعًا.

وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: ثُمَّ عَلَى الْجَدِيدِ لَوْ شَرَعَ فِي الْمَغْرِبِ فِي الْوَقْتِ الْمَضْبُوطِ فَهَلْ لَهُ اسْتِدَامَتُهَا إلَى انْقِضَاءِ الْوَقْتِ؟ إنْ قُلْنَا: الصَّلَاةُ الَّتِي يَقَعُ بَعْضُهَا فِي الْوَقْتِ وَبَعْضُهَا بَعْدَهُ أَدَاءٌ وَأَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا إلَى أَنْ يَخْرُجَ عَنْ الْوَقْتِ بَعْضُهَا فَلَهُ ذَلِكَ قَطْعًا، وَإِنْ لَمْ نُجَوِّزْ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَفِي الْمَغْرِبِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يَجُوزُ مَدُّهَا إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ، وَالثَّانِي مَنْعُهُ كَغَيْرِهَا (قُلْت: الْقَدِيمُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بَلْ هُوَ جَدِيدٌ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَّقَ الْقَوْلَ بِهِ فِي الْإِمْلَاءِ عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَهُوَ مِنْ الْكُتُبِ الْجَدِيدَةِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ الصَّوَابُ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالتَّنْقِيحِ إنَّهُ الصَّحِيحُ، وَقَدْ صَحَّحَهُ جَمَاعَاتٌ كَثِيرَةٌ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِنَا الْمُحَدِّثِينَ.

وَأَجَابَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ حَدِيثِ جِبْرِيلَ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا بَيَّنَ فِيهِ الْأَوْقَاتَ الْمُخْتَارَةَ وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّ وَقْتَهَا الْمُخْتَارَ مَضِيقٌ مُسَاوٍ لِوَقْتِ الْفَضِيلَةِ، وَبِأَنَّ حَدِيثَ جِبْرِيلَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ لِأَنَّهُ وَرَدَ بِمَكَّةَ وَأَحَادِيثَ الِامْتِدَادِ بِالْمَدِينَةِ فَهِيَ مُتَأَخِّرَةٌ يَجِبُ تَقْدِيمُهَا، وَبِأَنَّ حَدِيثَ الِامْتِدَادِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْوَقْتُ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَرْكَانِ تَقَعُ فِي الْوَقْتِ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُتِمَّ السُّنَنَ اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَفْضَلَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ الْمَنْقُولِ عَنْهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَمَا بَيَّنَّاهُ آخِرَ سُجُودِ السَّهْوِ، لَكِنْ قَيَّدَهُ م ر بِأَنْ يُدْرِكَ رَكْعَةً اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: قَضَاءً) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ فِيهَا لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِي الْوَقْتِ رَكْعَةٌ فَكُلُّهَا أَدَاءٌ (قَوْلُهُ: بِلَا خِلَافٍ) يَنْبَغِي إلَّا فِي حَقِّ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَعَلَيْهِ فَتَنْقَلِبُ ظُهْرًا بِخُرُوجِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَفِي وَقْتِهَا مَا يَسَعُ جَمِيعَهَا) هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْهُ فِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي لِجَوَازِ الْمَدِّ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ؛ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا تَقَدَّمَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ شَرَعَ فِيهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ أَرْكَانَهَا، لَكِنَّ اشْتِغَالَهُ بِالسُّنَنِ مَنَعَ مِنْ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: أَيْ بِلَا مَدٍّ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَقَوْلِ الشَّارِحِ: وَكَأَنَّهُ قَالَ مَعْنَاهُ بِلَا مَدٍّ.

[فَرْعٌ] شَرَعَ فِي الْمَغْرِبِ مَثَلًا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا وَمَدَّ إلَى أَنْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الْعِشَاءِ مَا يَسَعُ الْعِشَاءَ أَوْ رَكْعَةً مِنْهَا، فَهَلْ يَجِبُ قَطْعُ الْمَغْرِبِ وَفِعْلُ الْعِشَاءِ مُطْلَقًا أَوْ يُفْصَلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ قَدْرَ رَكْعَةٍ فَلَا يَجِبُ قَطْعُهَا، بَلْ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهَا مُؤَدَّاةٌ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَكُونَ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِهَا قَدْرَ رَكْعَةٍ فَيَجِبُ قَطْعُهَا لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ فَائِتَةٌ، وَالْفَائِتَةُ يَجِبُ قَطْعُهَا إذَا خِيفَ فَوْتُ الْحَاضِرَةِ عَلَى مَا يَأْتِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُهُ حُرْمَةُ الْمَدِّ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ وَقْتِ الثَّانِيَةِ مَا لَا يَسَعُهَا اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ لَا يَبْعُدُ إلْحَاقُهَا بِالْفَائِتَةِ فِي وُجُوبِ الْقَطْعِ إذَا خَافَ فَوْتَ الْحَاضِرَةِ، وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَغْرِبَ هُنَا أَحْرَمَ بِهَا فِي وَقْتِهَا فَاسْتَحَقَّتْ الْإِتْمَامَ فَيُعْذَرُ بِهِ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْحَاضِرَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بِلَا مَدٍّ) هُوَ خَبَرُ قَوْلِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: إلَى انْقِضَاءِ الْوَقْتِ) يَعْنِي غُرُوبَ الشَّفَقِ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْمَتْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>