للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَّا كُلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيَانَ وَيَحْلِفُ إنْ ادَّعَى التَّلَفَ، فَإِنْ رُدَّ حَلَفَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ التَّلَفَ ثُمَّ يُحْبَسُ لَهُ (وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا الْإِحْضَارَ فَثَبَتَتْ لِلْمُدَّعِي اسْتَقَرَّتْ مُؤْنَتُهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ الْمُحْوِجُ لِذَلِكَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ (فَهِيَ) أَيْ مُؤْنَةُ الْإِحْضَارِ (وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ) لِلْعَيْنِ إلَى مَحَلِّهَا (عَلَى الْمُدَّعِي) لِأَنَّهُ الْمُحْوِجُ لِلْغُرْمِ وَعَلَيْهِ أَقْصَى أُجْرَةِ مِثْلِ مَنَافِعِ تِلْكَ الْمُدَّةِ إنْ غَابَتْ عَنْ الْبَلَدِ لَا الْمَجْلِسِ فَقَطْ وَنَفَقَتُهَا إلَى أَنْ تَثْبُتَ فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ بِاقْتِرَاضٍ ثُمَّ عَلَى الْمُدَّعِي. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ غَابَ شَخْصٌ وَلَيْسَ لَهُ وَكِيلٌ وَلَهُ مَالٌ وَأَنْهَى إلَى الْحَاكِمِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَبِعْهُ اخْتَلَّ مُعْظَمُهُ لَزِمَهُ بَيْعُهُ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِسَلَامَتِهِ.

وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ: أَنَّ لِلْقَاضِي بَيْعَ مَالِ الْغَائِبِ بِنَفْسِهِ أَوْ قَيِّمِهِ إذَا احْتَاجَ إلَى نَفَقَةٍ، وَكَذَا إذَا خَافَ فَوْتَهُ أَوْ كَانَ الصَّلَاحُ فِي بَيْعِهِ، وَلَا يَأْخُذُ لَهُ بِالشُّفْعَةِ، وَإِذَا قَدِمَ لَمْ يَنْقُضْ بَيْعَ الْحَاكِمِ وَلَا إيجَارَهُ، وَإِذَا أُجْبِرَ بِغَصْبِ مَالِهِ وَلَوْ قَبْلَ غَيْبَتِهِ أَوْ بِجَحْدِ مَدِينِهِ وَخَشِيَ فَلَسَهُ فَلَهُ نَصْبُ مَنْ يَدَّعِيهِ وَلَا يَسْتَرِدُّ وَدِيعَتَهُ. وَأَفْتَى الْأَذْرَعِيُّ فِيمَنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ وَلَهُ دَيْنٌ خُشِيَ تَلَفُهُ بِأَنَّ الْحَاكِمَ يَغْصِبُ مَنْ يَسْتَوْفِيهِ وَيُنْفِقُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ، وَقَدْ تَنَاقَضَ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِيمَا لِلْغَائِبِ مِنْ دَيْنٍ وَعَيْنٍ فَظَاهِرُهُ فِي مَوْضِعٍ مَنْعُ الْحَاكِمِ مِنْ قَبْضِهَا، وَفِي آخَرَ جَوَازُهُ فِيهِمَا، وَفِي آخَرَ جَوَازُهُ فِي الْعَيْنِ فَقَطْ وَهُوَ أَقْرَبُ لِأَنَّ بَقَاءَ الدَّيْنِ فِي الذِّمَّةِ أَحْرَزُ مِنْهُ فِي يَدِ الْحَاكِمِ لِصَيْرُورَتِهِ أَمَانَةً مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَمَرَّ فِي الْفَلَسِ عَنْ الْفَارِقِيِّ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ ثِقَةً مَلِيئًا، وَإِلَّا وَجَبَ أَخْذُهُ مِنْهُ وَبِهِ يَتَأَيَّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْقَفَّالِ وَالْأَذْرَعِيِّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّ مَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ فَوَاتُهُ عَلَى مَالِكِهِ لِفَلَسٍ أَوْ جَحْدٍ أَوْ فِسْقٍ يَجِبُ أَخْذُهُ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا، وَكَذَا لَوْ طَلَبَ مَنْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ قَبْضَهَا مِنْهُ بِسَفَرٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَمَا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فَفِي الْعَيْنِ دُونَ الدَّيْنِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي قَاضٍ أَمِينٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْوَدِيعَةِ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ قَبْضُ دَيْنِ حَاضِرٍ مُمْتَنِعٍ مِنْ قَبُولِهِ بِلَا عُذْرٍ وَالْغَائِبُ مِثْلُهُ، وَلَوْ مَاتَ شَخْصٌ وَوَرِثَهُ مَحْجُورُ وَلِيِّهِ الْحَاكِمُ لَزِمَهُ طَلَبُ وَقَبْضُ جَمِيعِ مَالِهِ مِنْ عَيْنٍ وَدَيْنٍ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلَهُ: ثُمَّ يُحْبَسُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أَقْصَى أُجْرَةِ مِثْلِ) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَتْ أُجْرَةُ مِثْلِهِ كَأَنْ كَانَتْ مُدَّةُ الْحُضُورِ وَالرَّدِّ شَهْرًا وَمَنْفَعَتُهُ فِي بَعْضِهَا عَشَرَةٌ وَفِي الْبَعْضِ الْآخَرِ عِشْرُونَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ أَقْصَى أُجْرَةِ إلَخْ خِلَافُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَنَفَقَتُهَا) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: فِي بَيْتِ الْمَالِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُوَاسَاةٌ وَقِيَاسُ مَا بَعْدَهُ أَنَّهُ قَرْضٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ بِاقْتِرَاضٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا حَيْثُ ثَبَتَتْ فِي بَيْتِ الْمَالِ تَكُونُ تَبَرُّعًا (قَوْلُهُ: وَأَنْهَى إلَى الْحَاكِمِ) أَيْ اتَّفَقَ أَنَّ شَخْصًا مِنْ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ أَخْبَرَ الْحَاكِمَ بِذَلِكَ، وَيَنْبَغِي وُجُوبُ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْكِفَايَةِ فِي حَقِّ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّ لِلْقَاضِي) قَضِيَّتُهُ جَوَازُ ذَلِكَ وَقِيَاسُ مَا قَبْلَهُ الْوُجُوبُ (قَوْلُهُ: وَلَا إيجَارَهُ) أَيْ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِفِعْلِ ذَلِكَ شَرْعًا فَنَزَلَ تَصَرُّفُهُ مَنْزِلَةَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ وَإِذَا أَخْبَرَ) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْأَذْرَعِيُّ فِيمَنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ غَابَ وَتَرَكَ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ بِلَا مُنْفِقٍ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي قَبْضُ شَيْءٍ مِنْ دَيْنِهِ لِيَصْرِفَهُ عَلَى عِيَالِهِ، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا) أَيْ مَا لَمْ يَنْهَ مَالِكُهُ عَنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا فِي الْحَيَوَانِ اهـ حَجّ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: فِي بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ مَجَّانًا بِدَلِيلِ عَطْفِ الْقَرْضِ عَلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الصَّلَاحُ فِي بَيْعِهِ) شَمَلَ نَحْوَ زِيَادَةِ الرِّبْحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>