للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ بِنَاءٌ أَوْ غِرَاسٌ لَهُمَا فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ الْأَرْضِ لَمْ يُجْبِرْ الْآخَرَ، وَكَذَا عَكْسُهُ لِبَقَاءِ الْعُلْقَةِ بَيْنَهُمَا.

أَمَّا بِرِضَاهُمَا فَيَجُوزُ ذَلِكَ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَالْمُصَنِّفُ، وَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً وَاقْتَسَمَ اثْنَانِ عَلَى أَنْ تَبْقَى الْحِصَّةُ لِلثَّالِثِ شَائِعَةً مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا لَمْ يَصِحَّ، وَنَقَلَ غَيْرُهُمَا الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ عَلَى قِسْمَتِهَا مَعَ غِرَاسٍ بِهَا دُونَ زَرْعٍ فِيهَا لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ، وَإِذَا تَنَازَعَ الشُّرَكَاءُ فِيمَا لَا تُمْكِنُ قِسْمَتُهُ فَإِنْ تَهَايَئُوا مَنْفَعَةَ ذَلِكَ مُيَاوَمَةً أَوْ غَيْرَهَا جَازَ، وَلِكُلٍّ الرُّجُوعُ وَلَوْ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ، لَكِنْ يَغْرَمُ بَدَلَ مَا اسْتَوْفَاهُ وَيُدْخِلُ يَدَهُ أَمَانَةً كَالْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنْ أَبَوْا الْمُهَايَأَةَ أَجْبَرَهُمْ الْحَاكِمُ عَلَى إيجَارِهِ أَوْ أَجَّرَهُ عَلَيْهِمْ سَنَةً وَمَا قَارَبَهَا وَأَشْهَدَ كَمَا لَوْ غَابُوا كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ فَإِنْ تَعَدَّدَ طَالِبُ الْإِيجَارِ أَجَّرَهُ وُجُوبًا لِمَنْ يَرَاهُ أَصْلَحَ، وَهَلْ لَهُ إيجَارُهُ مِنْ بَعْضِهِمْ تَرَدَّدَ فِيهِ فِي التَّوْشِيحِ، وَرَجَّحَ غَيْرُهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ إنْ رَآهُ: أَيْ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ هُوَ مِثْلُهُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَأَنَّهُ لَوْ طَلَبَ كُلٌّ مِنْهُمْ اسْتِئْجَارَ حِصَّةِ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ قُدِّمَ وَإِلَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ. فَإِنْ تَعَذَّرَ إيجَارُهُ: أَيْ لِنَحْوِ كَسَادٍ لَا يَزُولُ عَنْ قُرْبٍ عَادَةً كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: بَاعَهُ لِتَعَيُّنِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَيُؤْخَذُ مِنْ عِلَّتِهِ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ تَعَذَّرَتْ لِغَيْبَةِ بَعْضِهِمْ أَوْ امْتِنَاعِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْبَيْعُ وَحَضَرَ جَمِيعُهُمْ أَجْبَرَهُمْ عَلَى الْمُهَايَأَةِ إنْ طَلَبَهَا بَعْضُهُمْ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْرِضْ عَنْهُمْ إلَى الصُّلْحِ وَلَا يُجْبِرُهُمْ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي الْعَارِيَّةِ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِكَثْرَةِ الضَّرَرِ هُنَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ثَمَّ يُمْكِنُ انْتِفَاعُهُ بِنَصِيبِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَبِأَنَّ الضَّرَرَ ثَمَّ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمُمْتَنِعِ فَقَطْ، وَهُنَا الضَّرَرُ عَلَى الْكُلِّ فَلَمْ يُمْكِنْ فِيهِ الْإِعْرَاضُ

(وَمَا لَا يَعْظُمُ ضَرَرُهُ قِسْمَتُهُ أَنْوَاعٌ) ثَلَاثَةٌ، وَهِيَ الْآتِيَةُ لِأَنَّ الْمَقْسُومَ إنْ تَسَاوَتْ الْأَنْصِبَاءُ مِنْهُ صُورَةً وَقِيمَةً فَهُوَ الْأَوَّلُ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى رَدِّ شَيْءٍ آخَرَ فَالثَّانِي وَإِلَّا فَالثَّالِثُ (أَحَدُهَا بِالْأَجْزَاءِ) وَتُسَمَّى قِسْمَةَ الْمُتَشَابِهَاتِ وَقِسْمَةَ الْأَجْزَاءِ (كَمِثْلِيٍّ) مُتَّفِقِ النَّوْعِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمَرَّ بَيَانُهُ فِي الْغَصْبِ، وَمِنْهُ نَقْدٌ وَلَوْ مَغْشُوشًا لِجَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِهِ، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعُ فَيَجِبُ عِنْدَ عَدَمِ الرِّضَا قِسْمَةُ كُلِّ نَوْعٍ وَحْدَهُ (وَدَارٍ مُتَّفِقَةِ الْأَبْنِيَةِ) بِأَنْ يَكُونَ مَا بِشَرْقَيْهَا مِنْ بَيْتٍ وَصِفَةٍ كَمَا بِغَرْبَيْهَا (وَأَرْضٍ مُشْتَبِهَةِ الْأَجْزَاءِ) وَنَحْوِهَا كَكِرْبَاسٍ لَا يَنْقُصُ بِالْقَطْعِ (فَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ) عَلَيْهَا اسْتَوَتْ الْأَنْصِبَاءُ أَمْ لَا

لِلتَّخَلُّصِ مِنْ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ

، نَعَمْ لَا إجْبَارَ فِي قِسْمَةِ زَرْعٍ قَبْلَ اشْتِدَادِهِ لِعَدَمِ كَمَالِ انْضِبَاطِهِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَعَ عَدَمِ ضَرَرِ الشَّرِيكِ حَيْثُ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مُسْتَوِيَةً، وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُحْتَرَزُ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَأُخِذَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ) قَدْ يَشْمَلُ مَا ذَكَرَ الْمُبَعَّضَ إذَا هَايَأَ سَيِّدَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَهَلْ لَهُ إيجَارُهُ) مُشْتَرَكٌ (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الْمِثْلُ الْأَجْنَبِيُّ يُقَدَّمُ عَلَى الشُّرَكَاءِ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُ الْآتِي فَإِنْ كَانَ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ قُدِّمَ، وَلَوْ قِيلَ هُنَا إنَّ الْأَجْنَبِيَّ إنَّمَا يُقَدَّمُ حَيْثُ كَانَ أَصْلَحَ لَمْ يَبْعُدْ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا يَأْتِي بِأَنَّ كُلًّا فِيمَا يَأْتِي طَالِبٌ فَقُدِّمَ الْأَجْنَبِيُّ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الطَّالِبَ لِلِاسْتِئْجَارِ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ لَمْ يُرِدْ الِاسْتِئْجَارَ لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَكُنْ فِي إيجَارِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ تَفْوِيتُ شَيْءٍ طَلَبَهُ الْآخَرُ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ الْبَيْعُ) مِنْهُ مَا لَوْ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: أَجْبَرَهُمْ عَلَى الْمُهَايَأَةِ إنْ طَلَبَهَا) قَضِيَّتُهُ وَإِنْ امْتَنَعَ الْبَعْضُ الْآخَرُ، وَقَضِيَّتُهُ قَوْلُهُ قَبْلُ أَوْ امْتِنَاعُهُ تَعَيَّنَ الْبَيْعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْبَعْضِ صَادِقٌ بِامْتِنَاعِهِ وَطَلَبِ الْآخَرِ

(قَوْلُهُ: كَكِرْبَاسٍ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَكَذَا عَكْسُهُ) أَيْ قِسْمَةُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَغْرَمُ بَدَلَ مَا اسْتَوْفَاهُ) كَانَ الْأَوْلَى هُنَا الْإِظْهَارَ: أَيْ يَغْرَمُ الْمُسْتَوْفِي بَدَلَ مَا اسْتَوْفَاهُ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ غَابُوا كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً) لَفْظُ مَصْلَحَةٍ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَكَذَا الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَوْ طَلَبَ كُلٌّ مِنْهُمْ اسْتِئْجَارَ حِصَّةِ غَيْرِهِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَا أَسْتَأْجِرُ مَا عَدَا حِصَّتِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ قُدِّمَ) اُنْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ هُنَا أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُمْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ إيجَارُهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>