وَخَرَجَ بِقَبْلِ الِانْدِمَالِ شَهَادَتُهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَمَقْبُولَةٌ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَوْ كَانَ الْجَرِيحُ عَبْدًا ثُمَّ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ بَعْدَ الْجُرْحِ وَادَّعَى بِهِ عَلَى الْجَارِحِ وَأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِإِرْثِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مِلْكَهُ فَشَهِدَ لَهُ وَارِثُ الْجَرِيحِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِعَدَمِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلرَّدِّ
(وَلَوْ شَهِدَ لِمُوَرِّثٍ لَهُ مَرِيضٍ أَوْ جَرِيحٍ بِمَالٍ قَبْلَ الِانْدِمَالِ قُبِلَتْ فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ إذْ شَهَادَتُهُ لَا تَجُرُّ لَهُ نَفْعًا، وَكَوْنُهُ إذَا ثَبَتَ لِمُوَرِّثِهِ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ بَعْدُ بِسَبَبٍ آخَرَ لَا يُؤَثِّرُ. وَالثَّانِي قَالَ لَا كَالْجِرَاحَةِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْجِرَاحَةَ سَبَبٌ لِلْمَوْتِ النَّاقِلِ لِلْحَقِّ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَالِ، وَبَعْدَ الِانْدِمَالِ تُقْبَلُ قَطْعًا لِانْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ
(وَتُرَدُّ شَهَادَةُ عَاقِلِهِ بِفِسْقِ شُهُودِ قَتْلٍ) يَحْمِلُونَهُ كَمَا قَيَّدَهُ بِذَلِكَ فِي دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ وَأَعَادَهَا هُنَا وَمَا قَبْلَهَا مُعَوِّلًا فِي حَذْفِ قَيْدِهَا الْمَذْكُورِ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فَذِكْرُهُ ذَلِكَ هُنَا مِثَالٌ لِلتُّهْمَةِ فَلَا تَكْرَارَ
(وَ) تُرَدُّ شَهَادَةُ (غُرَمَاءِ مُفْلِسٍ) حُجِرَ عَلَيْهِ (بِفِسْقِ شُهُودِ دَيْنٍ آخَرَ) ظَهَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ بِهَا ضَرَرَ مُزَاحَمَتِهِ لَهُمْ، وَمَا أَخَذَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْهُ وَهُوَ قَبُولُ شَهَادَةِ غَرِيمٍ لَهُمْ رَهْنٌ يَفِي بِدَيْنِهِ وَلَا مَالَ لِلْمُفْلِسِ غَيْرَهُ أَوْ لَهُ مَالٌ وَيَقْطَعُ بِأَنَّ الرَّهْنَ يُوفِي الدَّيْنَ الْمَرْهُونَ بِهِ يُتَّجَهُ خِلَافُهُ لِأَنَّ فِيهَا مَعَ ذَلِكَ نَفْعًا بِتَقْدِيرِ خُرُوجِ الرَّهْنِ مُسْتَحَقًّا وَهُوَ لَا مَالَ لَهُ فِي الْأَوْلَى، وَلَوْ شَهِدَ مَدِينٌ بِمَوْتِ دَائِنِهِ قُبِلَ وَإِنْ تَضَمَّنَتْ نَقْلَ مَا عَلَيْهِ لِوَارِثِهِ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ وَتُقْبَلُ مِنْ فَقِيرٍ بِوَصِيَّةٍ أَوْ وَقْفٍ لِفُقَرَاءَ حَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِحَصْرِهِمْ وَلِلْوَصِيِّ إعْطَاؤُهُ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَخَالَفَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ حَيْثُ انْحَصَرُوا وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِحَصْرِهِمْ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِتُهْمَةِ اسْتِحْقَاقِهِ (وَلَوْ شَهِدَ الِاثْنَيْنِ بِوَصِيَّةٍ) مَثَلًا (فَشَهِدَا) أَيْ الِاثْنَانِ الْمَشْهُودُ لَهُمَا (لِلشَّاهِدَيْنِ بِوَصِيَّةٍ مِنْ تِلْكَ التَّرِكَةِ) وَلَوْ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ ادَّعَى كُلٌّ نِصْفَهَا (قُبِلَتْ الشَّهَادَتَانِ فِي الْأَصَحِّ) لِانْفِصَالِ كُلِّ شَهَادَةٍ عَنْ الْأُخْرَى مَعَ أَصْلِ عَدَمِ الْمُوَاطَأَةِ الْمَانِعِ مِنْهَا عَدَالَتُهُمَا، وَأُخِذَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ بِيَدِ اثْنَيْنِ عَيْنٌ وَادَّعَاهَا ثَالِثٌ فَشَهِدَ كُلٌّ لِلْآخَرِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُدَّعِي قُبِلَ، إذْ لَا يَدَ لِكُلٍّ عَلَى مَا ادَّعَى بِهِ عَلَى غَيْرِهِ حَتَّى تَدْفَعَ شَهَادَتُهُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ، بِخِلَافِ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَشَهِدَ بِهِ الْآخَرُ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِتُهْمَةِ الْمُوَاطَأَةِ، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِ الْقَافِلَةِ لِبَعْضٍ عَلَى الْقُطَّاعِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ أَخَذَ مَالَنَا أَوْ نَحْوَهُ، وَشَهَادَةُ غَاصِبٍ بَعْدَ الرَّدِّ وَالتَّوْبَةِ بِمَا غَصَبَهُ لِأَجْنَبِيٍّ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: بَعْدَ الرَّدِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رَدِّ الْعَيْنِ وَبَدَلِ مَنَافِعِهَا لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ تَوْبَتِهِ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا إذَا بَقِيَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِاتِّهَامِهِ بِدَفْعِ الضَّمَانِ لَهُ عَنْهُ كَمَا تَقَرَّرَ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَرْدُودَ بَعْدَ أَنْ جَنَى فِي يَدِ الْغَاصِبِ جِنَايَةً مَضْمُونَةً كَالتَّالِفِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَا تُقْبَلُ مِنْ مُشْتَرٍ شِرَاءً صَحِيحًا لِبَائِعٍ بِالْمَبِيعِ إنْ فَسَخَ الْبَيْعَ كَأَنْ رَدَّ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
التَّصْدِيقِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إثْبَاتِ الْحَقِّ لِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقٍ
(قَوْلُهُ: عِنْدَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ رَدِّ مَا ظَلَمَ بِهِ صِحَّةَ تَوْبَتِهِ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ كَانَ فِي عَزْمِهِ الرَّدُّ مَتَى قَدَرَ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَرْدُودَ) أَيْ الرَّقِيقَ الْمَرْدُودَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ)
[حاشية الرشيدي]
وَلَيْسَ كَذَلِكَ
(قَوْلُهُ: يَفِي بِدَيْنِهِ) لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَهُ لَفْظُ لَا النَّافِيَةِ مِنْ الْكَتَبَةِ، إذْ لَا يَصِحُّ التَّصْوِيرُ إلَّا بِهَا، وَلِيُلَاقِيَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَتَبَيَّنَ مَالٌ لَهُ فِي الْأَوْلَى، وَحَاصِلُ الْمُرَادِ أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ أَخَذَ مِنْ التُّهْمَةِ بِدَفْعِ ضَرَرِ الْمُزَاحَمَةِ أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ بِيَدِهِ رَهْنٌ لَا يَفِي بِالدَّيْنِ وَلَا مَالَ لِلْمُفْلِسِ غَيْرُهُ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ: أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ مَا ادَّعَاهُ ذَلِكَ الْغَرِيمُ لَمْ يُزَاحِمْ الْمُرْتَهِنَ فِي شَيْءٍ، وَرَدَّهُ الشَّارِحُ بِاحْتِمَالِ حُدُوثِ مَالٍ لِلْمُفْلِسِ فَيُزَاحِمُهُ الْغَرِيمُ فِي تَكْمِلَةِ مَالِهِ مِنْهُ، أَمَّا إذَا كَانَ الرَّهْنُ يَفِي بِالدَّيْنِ فَالْبُلْقِينِيُّ يَقُولُ بِقَبُولِ شَهَادَتِهِ وَإِنْ كَانَ لِلْمُفْلِسِ مَالٌ غَيْرُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ ثُمَّ رَدَّهُ بِاحْتِمَالِ خُرُوجِ الرَّهْنِ مُسْتَحَقًّا فَتَقَعُ الْمُزَاحَمَةُ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا إذَا بَقِيَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ شَيْءٌ) أَيْ وَلَمْ يَقْدِرْ الْغَاصِبُ عَلَى أَدَائِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ لَا مِنْ حَيْثُ الِاتِّهَامُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَا تُقْبَلُ مِنْ مُشْتَرٍ شِرَاءً صَحِيحًا إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ كَغَيْرِهَا، وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَاسِدًا وَقَبَضَهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِغَيْرِ بَائِعِهِ إلَّا أَنْ رَدَّهُ وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ لِلْبَائِعِ شَيْءٌ أَوْ صَحِيحًا ثُمَّ فُسِخَ فَادَّعَى آخَرُ مِلْكَهُ زَمَنَ وَضْعِ الْمُشْتَرِي يَدَهُ عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِبَائِعِهِ لِدَفْعِهِ الضَّمَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute