للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ اثْنَيْنِ لَمْ يَتَعَيَّنَا إنْ وَجَدَ غَيْرَهُمَا بِصِفَةِ الشَّهَادَةِ زَادَ الْأَذْرَعِيُّ وَظَنَّ إجَابَةَ الْغَيْرِ وَإِلَّا تَعَيَّنَا (وَكَذَا الْإِقْرَارِ وَالتَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ) وَغَيْرِهِ كَعِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَرَجْعَةٍ وَغَيْرِهَا التَّحَمُّلُ فِيهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ إلَّا الْحُدُودَ (وَكِتَابَةُ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى تَحَمُّلِ (الصَّكِّ) فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ الْكِتَابُ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ لِتَمْهِيدِ إثْبَاتِ الْحُقُوقِ عِنْدَ التَّنَازُعِ وَكِتَابَةُ الصَّكِّ لَهَا أَثَرٌ ظَاهِرٌ فِي التَّذَكُّرِ وَفِيهَا حِفْظُ الْحُقُوقِ عِنْدَ الضَّيَاعِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِصِحَّتِهَا بِدُونِهِ، وَقَوْلُنَا فِي الْجُمْلَةِ إشَارَةٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ لِلْخَصْمِ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَوْ حَكَمَ بِهِ وَيُنْدَبُ لِلشَّاهِدِ تَبْجِيلُ الْحَاكِمِ وَالزِّيَادَةُ فِي أَلْقَابِهِ بِالْحَقِّ وَيُكْرَهُ الدُّعَاءُ لَهُ بِنَحْوِ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَك وَلَا يَلْزَمُهُ الذَّهَابُ لِلتَّجَمُّلِ إلَّا إنْ كَانَ مِمَّنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَعْذُورٌ بِنَحْوِ حَبْسٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ تَخْدِيرٍ، أَوْ دَعَا قَاضٍ إلَى أَمْرٍ ثَبَتَ عِنْدَهُ لِيُشْهِدَهُ عَلَيْهِ، أَوْ دَعَا الزَّوْجُ أَرْبَعَةً إلَى الشَّهَادَةِ بِزِنَى زَوْجَتِهِ بِخِلَافِ دُونِ أَرْبَعَةٍ وَبِخِلَافِ دُعَاءِ غَيْرِ الزَّوْجِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ نَقْلًا عَنْ جَمْعٍ: أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مِمَّنْ يُقْبَلُ غَيْرُهُ وَقَدَّمَ هَذِهِ فِي السِّيَرِ إجْمَالًا، وَلَهُ طَلَبُ أُجْرَةِ الْكِتَابَةِ وَحَبْسُ الصَّكِّ وَأَخْذُ أُجْرَةِ التَّحَمُّلِ وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ كُلْفَةُ مَشْيٍ أَوْ نَحْوُهُ لَا لِلْأَدَاءِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ عِوَضًا وَلِأَنَّهُ كَلَامٌ يَسِيرٌ لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهِ، وَفَارَقَ التَّحَمُّلَ بِأَنَّ الْأَخْذَ لِلْأَدَاءِ يُورِثُ تُهْمَةً قَوِيَّةً مَعَ أَنَّ زَمَنَهُ يَسِيرٌ لَا تَفُوتُ بِهِ مَنْفَعَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ بِخِلَافِ زَمَنِ التَّحَمُّلِ. نَعَمْ إنْ دُعِيَ مِنْ مَسَافَةِ عَدْوَى فَأَكْثَرَ فَلَهُ نَفَقَةُ الطَّرِيقِ وَأُجْرَةُ الرُّكُوبِ وَإِنْ لَمْ يَرْكَبْ وَكَسْبٌ عُطِّلَ عَنْهُ فَيَأْخُذُ قَدْرَهُ لَا لِمَنْ يُؤَدِّي فِي الْبَلَدِ إلَّا إنْ احْتَاجَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ وَلَهُ صَرْفُ الْمُعْطَى إلَى غَيْرِهِ، وَلَهُ أَنْ يَقُولَ: لَا أَذْهَبُ مَعَك إلَى فَوْقِ مَسَافَةِ الْعَدْوَى إلَّا بِكَذَا وَإِنْ كَثُرَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِمَعْنَى إلَخْ (قَوْلُهُ إلَّا الْحُدُودَ) أَيْ فَلَيْسَ التَّحَمُّلُ فِيهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ لَمْ يُذْكَرْ حُكْمُهَا هَلْ هُوَ جَائِزٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِطَلَبِ السِّتْرِ فِي أَسْبَابِهَا (قَوْلُهُ: مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَوْ حُكِمَ بِهِ) وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ لَوْ طَلَبَ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ كِتَابَةَ مَا جَرَى تَعَيَّنَ عَلَيْهِمَا لَكِنْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ كَالْأَدَاءِ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِكَوْنِ كِتَابَةِ الصَّكِّ فَرْضَ كِفَايَةٍ أَثَرٌ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْقَاضِي بِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ تُغْنِي عَنْ كِتَابَتِهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ أَوْ دَعَا الزَّوْجُ أَرْبَعَةً) أَيْ وَعَلَى هَذَا يُسْتَثْنَى هَذِهِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ التَّحَمُّلِ فِي الْحُدُودِ (قَوْلُهُ: وَأَخْذُ أُجْرَةِ التَّحَمُّلِ) وَهِيَ أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ الْمَشْيِ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الزِّيَادَةِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْجَلِيلِ وَالْحَقِيرِ (قَوْلُهُ: وَأُجْرَةُ الرُّكُوبِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلٍ (قَوْلُهُ: وَلَهُ صَرْفُ الْمُعْطَى) أَيْ فَهُوَ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ يَمْلِكُهُ مِلْكًا مُطْلَقًا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ صَرْفُهُ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

تَحْتَ وَرْطَتِهَا إلَى مَشَقَّةٍ وَكُلْفَةٍ، فَفِيهِ مَجَازَانِ لِاسْتِعْمَالِ التَّحَمُّلِ وَالشَّهَادَةِ فِي غَيْرِ مَعْنَاهُمَا الْحَقِيقِيِّ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّيْخَ عَمِيرَةَ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّهَادَةِ فِي الْمَتْنِ الْأَدَاءُ، قَالَ تِلْمِيذُهُ ابْنُ قَاسِمٍ: وَمَعْنَى تَحَمُّلِهِ الْتِزَامُهُ اهـ. وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ فِي النِّكَاحِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَ مِمَّنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَا يَلْزَمُهُ الذَّهَابُ لِلتَّحَمُّلِ إنْ كَانَ غَيْرَ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ مُطْلَقًا، وَكَذَا مَقْبُولُهَا إلَّا إنْ عُذِرَ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَعْذُورٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ دَعَا الزَّوْجُ أَرْبَعَةً إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ الْمَارِّ إلَّا حُدُودَهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يُقْبَلُ غَيْرُهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَعْذُورًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ السِّيَاقِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ تَعَيُّنِ الذَّهَابِ عَلَيْهِ مَعَ تَيَسُّرِ حُضُورِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ سِيَّمَا إذَا كَانَ حُضُورُهُ أَيْسَرَ مِنْ ذَهَابِ الشَّاهِدِ الِاسْتِنَادُ إلَى قَوْله تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: ٢٨٢] بِنَاءً عَلَى حَمْلِهَا عَلَى التَّحَمُّلِ ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ: يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا ادَّعَاهُ الْمَشْهُودُ لَهُ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ يَأْبَى الْحُضُورَ، قَالَ: أَمَّا إذَا أَجَابَهُ لِلْحُضُورِ وَلَا عُذْرَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا مَعْنَى لِإِلْزَامِ الشُّهُودِ السَّعْيَ لِلتَّحَمُّلِ اهـ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَيْهِ) فِيهِ أَنَّ التَّحَمُّلَ أَيْضًا فَرْضٌ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ التَّحَمُّلُ إلَخْ) مَا قَبْلَ هَذَا فَارَقَ أَيْضًا فَكَأَنَّ حَقَّ التَّعْبِيرِ وَلِأَنَّ الْأَخْذَ لِلْأَدَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>