وَفِيهِ نَظَرٌ وَحِينَئِذٍ فَالْأَدَاءُ لِهَذِهِ الضَّرُورَةِ لَا يَسْتَدْعِي تَوَقُّفَهُ عَلَى دَعْوَى وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ تُشْتَرَطُ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِهِ بِاسْتِيفَائِهِ بِدُونِ قَاضٍ وَأَنَّهُ لَا يَقَعُ الْمَوْقِعَ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ لَا الْقَوَدِ وَكُلُّ مَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى دَعْوَى وَخَرَجَ بِالْعُقُوبَةِ وَمَا مَعَهَا الْمَالُ لِأَنَّ لِلْمَالِكِ وَنَحْوِهِ أَخْذَهُ ظَفْرًا مِنْ غَيْرِ دَعْوَى.
كَمَا قَالَ (وَإِنْ) (اسْتَحَقَّ) شَخْصٌ (عَيْنًا) عِنْدَ آخَرَ بِمِلْكٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ وَصِيَّةٍ بِمَنْفَعَةٍ كَمَا بَحَثَهُ جَمْعٌ أَوْ وِلَايَةٍ كَأَنْ غُصِبَتْ عَيْنٌ لِمُوَلِّيهِ وَقَدِرَ عَلَى أَخْذِهَا (فَلَهُ أَخْذُهَا) مُسْتَقِلًّا بِهِ (إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً) سَوَاءٌ أَكَانَتْ يَدُهُ عَادِيَةً أَمْ لَا كَأَنْ اشْتَرَى مَغْصُوبًا جَاهِلًا بِحَالِهِ، نَعَمْ مَنْ ائْتَمَنَهُ الْمَالِكُ كَمُودِعٍ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَخْذُ مَا تَحْتَ يَدِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ لِأَنَّ فِيهِ إرْعَابًا بِظَنِّ ضَيَاعِهَا وَفِي نَحْوِ الْإِجَارَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَيْنِ بِأَخْذِ الْعَيْنِ لِيَسْتَوْفِيَ مَنْفَعَتَهُ مِنْهَا وَفِي الذِّمَّةِ يَأْخُذُ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي اسْتَحَقَّهَا مِنْ مَالِهِ وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي شِرَاءِ غَيْرِ الْجِنْسِ بِالنَّقْدِ أَنَّهُ يَسْتَأْجِرُ بِهَا وَيُتَّجَهُ لُزُومُ اقْتِصَارِهِ عَلَى مَا تُيُقِّنَ أَنَّهُ قِيمَةٌ لِتِلْكَ الْمَنْفَعَةِ أَوْ سُؤَالُ عَدْلَيْنِ يَعْرِفَانِهَا وَالْعَمَلُ بِقَوْلِهِمَا (وَإِلَّا) بِأَنْ خَافَ فِتْنَةً: أَيْ مَفْسَدَةً تَقْضِي إلَى مُحَرَّمٍ كَأَخْذِ مَالِهِ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بِأَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ أَوْ اسْتَوَيَا كَمَا بَحَثَهُ جَمَاعَةٌ (وَجَبَ الرَّفْعُ) مَا دَامَ مُرِيدًا لِلْأَخْذِ (إلَى قَاضٍ) أَوْ نَحْوِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْخَلَاصِ بِهِ (أَوْ دَيْنًا) حَالًّا (عَلَى غَيْرِ مُمْتَنِعٍ مِنْ الْأَدَاءِ طَالِبُهُ) لِيُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ (وَلَا يَحِلُّ أَخْذُ شَيْءٍ) لِأَنَّ لَهُ الدَّفْعَ مِنْ أَيِّ مَالِهِ شَاءَ، فَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا لَزِمَهُ رَدُّهُ وَبَدَلُهُ إنْ تَلِفَ مَا لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ التَّقَاصِّ (أَوْ عَلَى مُنْكِرٍ) أَوْ مَنْ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَمَا نُوزِعَ بِهِ مِنْ قَوْلِ مُجَلِّي أَنَّ مَنْ لَهُ مَالٌ عَلَى صَغِيرٍ لَا يَأْخُذُ جِنْسَهُ مِنْ مَالِهِ اتِّفَاقًا مَحْمُولٌ بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ يَسْهُلُ بِهَا خَلَاصُ حَقِّهِ (وَلَا بَيِّنَةَ) لَهُ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَامْتَنَعُوا أَوْ طَلَبُوا مِنْهُ مَا لَا يَلْزَمُهُ أَوْ كَانَ حَاكِمُ مَحَلَّتِهِ جَائِرًا لَا يَحْكُمُ إلَّا بِرِشْوَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ (أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ مِنْ مَالِهِ) ظَفْرًا لِعَجْزِهِ عَنْ حَقِّهِ إلَّا بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ مُتَقَوِّمًا أَخَذَ مُمَاثِلَهُ مِنْ جِنْسِهِ لَا مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَمَعَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ وَالْقَاضِي الْكَبِيرِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) لَعَلَّهُ فِي غَيْرِ الْعُقُوبَةِ كَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ فَقَطْ، حَتَّى لَوْ عَامَلَ مَنْ ادَّعَى زَوْجِيَّتَهَا أَوْ رَجْعِيَّتَهَا مُعَامَلَةَ الزَّوْجَةِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إذَا كَانَ صَادِقًا فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فِي حَدِّ الْقَذْفِ) أَيْ إذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْ السُّلْطَانِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْبَعِيدَ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ الرَّفْعُ (قَوْلُهُ: لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى دَعْوَى) بَلْ لَا تَجُوزُ اهـ حَجّ تَبَعًا لِلْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً) عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ اهـ حَجّ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ عَلَقَةٌ (قَوْلُهُ: كَمُودِعٍ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ) أَيْ الْوَدِيعِ (قَوْلُهُ: وَفِي نَحْوِ الْإِجَارَةِ) أَيْ وَالْأَخْذُ فِي نَحْوِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَخْذِ الْعَيْنِ) أَيْ يَحْصُلُ بِأَخْذِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِتِلْكَ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ وَقْتَ أَخْذِ مَا ظَفِرَ بِهِ (قَوْلُهُ: لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ) كَصَبِيٍّ (قَوْلُهُ: لَا يَحْكُمُ إلَّا بِرِشْوَةٍ) أَيْ وَإِنْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ: أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا فِي قُرَى مِصْرَ مِنْ إكْرَاهِ الشَّادِّ مَثَلًا أَهْلَ قَرْيَتِهِ عَلَى عَمَلٍ لِلْمُلْتَزِمِ الْمُسْتَوْلِي عَلَى الْقَرْيَةِ هَلْ الضَّمَانُ عَلَى الشَّادِّ أَوْ عَلَى الْمُلْتَزَمِ أَوْ عَلَيْهِمَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ عَلَى الشَّادِّ لِأَنَّ الْمُلْتَزِمَ لَمْ يُكْرِهْهُ عَلَى إكْرَاهِهِمْ، فَإِنْ فُرِضَ مِنْ الْمُلْتَزِمِ إكْرَاهٌ لِلشَّادِّ فَكُلٌّ مِنْ الشَّادِّ وَالْمُلْتَزِمِ طَرِيقٌ
[حاشية الرشيدي]
عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ تَكْرَارُ هَذَا مَعَ مَا مَرَّ قَبْلَهُ لِأَنَّ الضَّمِيرَ عَلَيْهِ الْمَارَّ قَبْلَهُ رَاجِعٌ إلَى الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِاسْتِيفَائِهِ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ عَيْنًا) أَيْ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ مَنْفَعَتِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرَ الشَّارِحُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَتْ يَدُهُ) أَيْ الْآخِذِ (قَوْلُهُ مِنْ مَالِهِ) أَيْ الْمُؤَجِّرِ (قَوْلُهُ: أَوْ سُؤَالٍ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى اقْتِصَارِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُتَقَوِّمًا) أَيْ كَأَنْ وَجَبَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ ثَوْبٌ أَوْ حَيَوَانٌ مَوْصُوفٌ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ.
أَمَّا لَوْ غُصِبَ مِنْهُ مُتَقَوِّمًا وَأَتْلَفَهُ أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ مَثَلًا فَالْوَاجِبُ قِيمَتُهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمِثْلِيِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، كَذَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute