للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَدْنَى ظَنٍّ، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الظَّنِّ الْقَوِيِّ الْقَرِيبِ مِنْ الْعِلْمِ كَمَا مَرَّ، أَمَّا الْمَحْصُورُ فَيَحْلِفُ فِيهِ عَلَى الْبَتِّ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ تَجْوِيزِهِمْ الشَّهَادَةَ بِهِ وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ: وَقَدْ يُكَلَّفُ الْحَلِفَ عَلَى الْبَتِّ فِي فِعْلِ غَيْرِهِ النَّفْيَ كَحَلِفِ الْبَائِعِ أَنَّ عَبْدَهُ لَمْ يَأْبَقْ مَثَلًا وَكَحَلِفِ مُدَّعِي النَّسَبِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ مَثَلًا وَحَلِفِ مَدِينٍ أَنَّهُ مُعْسِرٌ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ أَنَّ صَاحِبَهُ بِهِ عَيْبٌ رُدَّ أَوَّلُهُ بِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ عَبْدِهِ وَالْحَلِفُ فِيهِ عَلَى الْبَتِّ وَلَوْ نَفْيًا، وَثَانِيهِ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ وَهُوَ إثْبَاتٌ وَالْحَلِفُ فِيهِ عَلَى الْبَتِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَهُ، وَثَالِثُهُ نَفْيُ الْمِلْكِ نَفْسِهِ عَلَى شَيْءٍ مَخْصُوصٍ، وَرَابِعُهُ بِأَنَّهُ فَعَلَهُ تَعَالَى وَهُوَ حَلِفٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ إثْبَاتًا، قَالَ: وَالضَّابِطُ أَنَّهُ يَحْلِفُ بَتًّا فِي كُلِّ يَمِينٍ إلَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَارِثِ فِيمَا يَنْفِيهِ، وَكَذَا الْعَاقِلَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ لَا فِي الْقَاتِلِ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ مَسَائِلَ مَرَّتْ فِي الْوَكِيلِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَفِي الْوَكَالَةِ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِعِشْرِينَ وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ طَلَبَ مِنْ الْبَائِعِ أَنْ يُسَلِّمَهُ الْمَبِيعَ فَادَّعَى عَجْزَهُ الْآنَ عَنْهُ فَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ لِعَجْزِهِ.

(وَلَوْ) (ادَّعَى دَيْنًا لِمُوَرِّثِهِ فَقَالَ: أَبْرَأَنِي) مِنْهُ أَوْ اسْتَوْفَاهُ أَوْ أَحَالَ بِهِ مَثَلًا (حَلَفَ عَلَى) الْبَتِّ إنْ شَاءَ أَوْ عَلَى (نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْبَرَاءَةِ) لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ، وَيُشْتَرَطُ هُنَا وَفِي كُلِّ مَا يَحْلِفُ الْمُنْكِرُ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ التَّعَرُّضُ فِي الدَّعْوَى لِكَوْنِهِ يَعْلَمُ ذَلِكَ.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحَلُّهُ إنْ عَلِمَ الْمُدَّعِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَعْلَمُهُ وَإِلَّا لَمْ يَسُغْ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ يَعْلَمُهُ أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنْ يُوَجِّهَ إطْلَاقَهُمْ بِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى حَقِّهِ إذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ هُوَ فَسُومِحَ لَهُ فِيهِ.

(وَلَوْ) (قَالَ: جَنَى عَبْدُكَ) أَيْ قِنُّكَ (عَلَيَّ بِمَا يُوجِبُ كَذَا) (فَالْأَصَحُّ حَلِفُهُ عَلَى الْبَتِّ) إنْ أَنْكَرَ لِأَنَّ قِنَّهُ مَالُهُ وَفِعْلُهُ كَفِعْلِ نَفْسِهِ وَلِذَا سُمِعَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالثَّانِي عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لِتَعَلُّقِهِ بِفِعْلِ الْغَيْرِ، أَمَّا فِعْلُ قِنٍّ مَجْنُونٍ أَوْ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ فَيَحْلِفُ فِيهِ عَلَى الْبَتِّ قَطْعًا لِأَنَّهُ كَالْبَهِيمَةِ.

(قُلْت: وَلَوْ) (قَالَ جَنَتْ بَهِيمَتُكَ) عَلَى زَرْعِي مَثَلًا (حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ قَطْعًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ إنَّمَا ضَمِنَ لِتَقْصِيرِهِ فِي حِفْظِهَا فَكَانَ مِنْ فِعْلِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَتْ بِيَدِ مَنْ يَضْمَنُ فِعْلَهَا كَمُسْتَأْجِرٍ وَمُسْتَعِيرٍ فَالدَّعْوَى وَالْحَلِفُ عَلَيْهِ فَقَطْ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الْأَجِيرِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: كَحَلِفِ الْبَائِعِ أَنَّ عَبْدَهُ لَمْ يَأْبَقْ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: أَبَقَ الْعَبْدُ يَأْبِقُ وَيَأْبَقُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا (قَوْلُهُ: رُدَّ أَوَّلُهُ) قَضِيَّةُ الرَّدِّ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ الْبَائِعَ يُكَلَّفُ الْحَلِفَ بِأَنَّ الْعَبْدَ مَا أَبَقَ عِنْدَهُ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ كَانَ أَبْقَاهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَنَّهُ يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ مَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ أَوْ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الرَّدِّ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، فَلَعَلَّ الْمُرَادُ بِمَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ السَّبَبَ كُلِّفَ الْحَلِفَ عَلَى الْبَتِّ فَلَا يُنَافِيهِ الِاكْتِفَاءُ بِنَحْوِ لَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ لَاقَى الْقَاتِلَ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي

وَقَوْلُهُ: حَلَفَ: أَيْ: الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ يَعْلَمُهُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَقُلْ أَنْتَ تَعْلَمُهُ وَصَمَّمَ عَلَى عَدَمِ الْقَوْلِ مُقْتَصِرًا عَلَى قَوْلِهِ أَبْرَأَنِي مُوَرِّثُكَ هَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ أَوْ يَحْلِفُ الْآنَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لِتَصْمِيمِ الْمُدَّعِي عَلَى عَدَمِ نِسْبَةِ الْعِلْمِ إلَيْهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ إنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إذَا قَالَ الْمُدَّعِي أَنْتَ تَعْلَمُ الْأَوَّلَ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: جَنَى عَبْدُكَ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَلَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ.

قُلْت: هَذَا مَعَ أَنَّهُ لَا تَقْبَلُهُ الْعِبَارَةُ إلَّا بِتَأْوِيلٍ لَا يُلَائِمُهُ التَّعْلِيلُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ ابْنُهُ مَثَلًا) اُنْظُرْ أَيَّ نَفْيٍ فِي هَذَا (قَوْلُهُ: فِيمَا يَنْفِيهِ) أَيْ مِنْ فِعْلِ الْمُوَرِّثِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْعَاقِلَةُ) أَيْ تَحْلِفُ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ لَا فِي الْقَاتِلِ) اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ

(قَوْلُهُ: أَوْ مُعْتَقِدٌ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ) أَيْ وَالْآمِرُ السَّيِّدُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، أَمَّا إذَا كَانَ الْآمِرُ غَيْرَهُ فَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَمْرَ مَنُوطٌ بِهِ.

(قَوْلُهُ: فِي الْأَجِيرِ) أَيْ الصَّادِقَةِ بِهِ عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>