أَنَّ مَعَهُ حُكْمًا لَكِنْ أَحَدُهُمَا بِالصِّحَّةِ وَالْآخَرُ بِالْمُوجِبِ. اُتُّجِهَ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ لِاسْتِلْزَامِهِ ثُبُوتَ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الثَّانِي. وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَاكِمَ مَتَى أَجْمَلَ حُكْمًا بِأَنْ لَمْ يُثْبِتْ اسْتِيفَاءَهُ وَشَرَائِطَهُ الشَّرْعِيَّةَ حُمِلَ عَلَى الصِّحَّةِ حَيْثُ كَانَ مَوْثُوقًا بِعِلْمِهِ وَدِينِهِ،.
وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمُرَجِّحَاتِ بِذِكْرِ مِثْلِهَا فَقَالَ: (وَلَوْ) (كَانَتْ) الْعَيْنُ (بِيَدِهِ) تَصَرُّفًا أَوْ إمْسَاكًا (فَأَقَامَ غَيْرُهُ بِهَا) أَيْ بِمِلْكِهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ (بَيِّنَةٍ وَ) أَقَامَ (هُوَ) بِهَا (بَيِّنَةً) بَيَّنَتْ سَبَبَ مِلْكِهِ أَمْ لَا أَوْ قَالَتْ: كُلٌّ اشْتَرَاهَا أَوْ غَصَبَهَا مِنْ الْآخَرِ (قُدِّمَ) مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ (صَاحِبُ الْيَدِ) وَيَسْعَى الدَّاخِلُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِذَلِكَ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَلِتُرَجَّحَ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ شَاهِدًا وَيَمِينًا عَلَى الْأُخْرَى وَإِنْ كَانَتْ شَاهِدَيْنِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ بَائِعِهِ مَثَلًا أَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا غَصَبَهَا قُدِّمَ لِبُطْلَانِ الْيَدِ حِينَئِذٍ، وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُمَا يَدُ الدَّاخِلِ غَاصِبَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ جَمْعٌ، فَإِنْ قَالَتْ: بَيِّنَتُهُ غَصَبَهَا مِنْهُ وَالثَّانِيَةُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ قُدِّمَتْ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ نَقْلًا صَحِيحًا، وَكَذَا لَوْ قَالَتْ يَدُهُ بِحَقٍّ لِأَنَّهَا تُعَارِضُ الْغَصْبَ فَيَبْقَى أَصْلُ الْيَدِ، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّ الدَّاخِلَ أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ قُدِّمَتْ وَلَمْ تَنْفَعْهُ بَيِّنَتُهُ بِالْمِلْكِ إلَّا إنْ ذُكِرَتْ انْتِقَالًا مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ، وَتُقَدَّمُ مَنْ قَالَتْ: اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ وَهُوَ مِلْكُهُ عَلَى مَنْ قَالَتْ وَهُوَ فِي يَدِهِ وَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ. .
نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّ ذَاتَ الْيَدِ أَرْجَحُ مِنْ قَائِلِهِ وَتَسَلُّمِهِ مِنْهُ. وَمَنْ انْتَزَعَ شَيْئًا بِحُجَّةٍ صَارَ ذَا يَدٍ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْأَوَّلِ. فَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ آخَرُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً مُطْلَقَةً أَعَادَ بَيِّنَتَهُ وَرُجِّحَتْ بِيَدِهِ، وَلَوْ أَجَابَ ذُو الْيَدِ: بِاشْتَرَيْتُهَا مِنْ زَيْدٍ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي إقْرَارَ زَيْدٍ لَهُ بِهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إقْرَارَ الْمُدَّعِي بِهَا لِزَيْدٍ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَجَهِلَ التَّارِيخَ أَقَرَّتْ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذْ يَدُهُ لَمْ يُعَارِضْهَا مُعَارِضٌ. .
وَلَوْ أَقَامَتْ بِنْتُ وَاقِفٍ وَقْفَ مَحْكُومٍ بِهِ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ مَلَّكَهَا إيَّاهُ وَأَقْبَضَهُ لَهَا قَبْلَ وَقْفِهِ تَمْلِيكًا لَازِمًا لَمْ يُفِدْهَا شَيْئًا لِتَرَجُّحِ الْوَقْفُ بِالْيَدِ. قِيلَ وَحُكْمُ الْحَاكِمِ، وَإِمَّا يُتَّجَهُ هَذَا إنْ كَانَ التَّرْجِيحُ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ. أَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُرَجَّحُ فَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ بَيِّنَتِهَا، وَلَا عِبْرَةَ بِالْيَدِ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ التَّمْلِيكَ نَسَخَتْهَا وَأَبْطَلَتْهَا وَرَفَعَتْ يَدَ الْوَاقِفِ صَرِيحًا. .
وَلَوْ ادَّعَيَا لَقِيطًا بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مُطْلَقًا أَوْ مَعَ الصِّحَّةِ أَوْ الْمُوجِبِ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمُرَجَّحَاتِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَوْعِبْهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تَتَبُّعِ كَلَامِهِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَامَتْ بِنْتُ وَاقِفٍ) أَيْ أَوْ غَيْرُهَا حَيْثُ كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ مَلَّكَهَا إيَّاهُ) أَيْ وَأَقْبَضَهُ لَهَا، وَقَوْلُهُ: لَمْ يُفِدْهَا شَيْئًا ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ التَّرْجِيحُ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ) أَيْ بِأَنْ قُلْنَا: إنَّ كُلًّا مِنْ الْيَدِ وَحُكْمِ الْحَاكِمِ مُرَجَّحٌ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ بَيِّنَتِهَا) مُعْتَمَدُ
(قَوْلِهِ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً) أَيْ أَنَّهُ مِلْكُهُ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَالْآخَرِ بِالْمُوجِبِ فَمَا مَعْنَى مُقَابَلَتِهِ بِمَا بَعْدَهُ اهـ: أَيْ مَعَ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْحُكْمَ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَقَطْ، فَإِنْ كَانَ مُرَادُ الشَّارِحِ كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّ أَصْلَ الْحُكْمِ لَا تَرْجِيحَ بِهِ فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ بِالصِّحَّةِ أَوْ بِالْمُوجِبِ فَلَا نُسَلِّمُ الْأَوْلَوِيَّةَ. إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ التَّرْجِيحِ بِالْأَعَمِّ عَدَمُ التَّرْجِيحِ بِالْأَخَصِّ الَّذِي فِيهِ. زِيَادَةٌ مَعَ أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ بَعْدُ عَلَى الْآخِرِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَصَبَهَا) اُنْظُرْ صُورَتَهُ بِالنِّسْبَةِ لِبَيِّنَةِ الدَّاخِلِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي فَإِنْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ مِنْهُ وَالثَّانِيَةُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ فِيمَا يَأْتِي إنَّ الْمُرَادَ بِالثَّانِيَةِ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ فَتَكُونُ الْأُولَى بَيِّنَةَ الْخَارِجِ وَرُبَّمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا عَقَّبَهُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلِتُرَجَّحَ بَيِّنَتُهُ) أَيْ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُمَا يَدُ الدَّاخِلِ غَاصِبَةٌ) وَجْهُهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ أَنَّهُ مُجَرَّدُ إفْتَاءٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ مِنْهُ) أَيْ غَصْبِهَا (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ مَنْ قَالَتْ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ وَهُوَ مِلْكُهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ. وَمِثْلُهُ كَمَا سَيَأْتِي مَا لَوْ قَالَتْ بَيِّنَتُهُ إنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ مُنْذُ سِنِينَ وَقَالَتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ إنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ سَنَةً. فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ لِأَنَّهَا أَثْبَتَتْ أَنَّ يَدَ الدَّاخِلِ عَادِيَةٌ بِشِرَائِهَا مِنْ زَيْدٍ بَعْدَمَا زَالَ مِلْكُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ. وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِصَاحِبِ الْمُتَأَخِّرَةِ يَدٌ قُدِّمَتْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِمْ يُقَدَّمُ ذُو الْيَدِ مَا لَمْ يَعْلَمْ حُدُوثَ يَدِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ فِيمَا يَأْتِي "
(قَوْلُهُ: لِتَرْجِيحِ الْوَقْفِ بِالْيَدِ) أَيْ يَدِ الْوَاقِفِ حِينَ الْوَقْفِ الَّتِي حُكْمُهَا مُسْتَمِرٌّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ هَذَا) أَيْ عَدَمُ إفَادَةِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُرَجِّحُ إلَخْ)