مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ» ، فَإِنْ خَافَ فَوْتَهَا وَجَبَ تَقْدِيمُ الْحَاضِرَةِ لِأَنَّ الْوَقْتَ تَعَيَّنَ لَهَا وَلِئَلَّا تَصِيرَ الْأُخْرَى قَضَاءً، وَتَعْبِيرُهُ بِالْفَوَاتِ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ التَّرْتِيبِ أَيْضًا إذَا أَمْكَنَهُ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ مِنْ الْحَاضِرَةِ لِأَنَّهَا لَمْ تَفُتْ، وَبِهِ جَزَمَ فِي الْكِفَايَةِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُحَرَّرِ وَالتَّحْقِيقِ وَالرَّوْضِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ إذْ هُوَ خِلَافٌ فِي الصِّحَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّ فِيهِ نَظَرًا لِمَا فِيهِ مِنْ إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ.
وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ مَحَلَّ تَحْرِيمِ إخْرَاجِ بَعْضِهَا عَنْ وَقْتِهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَوْ شَرَعَ فِي الْحَاضِرَةِ ثُمَّ ذَكَرَ الْفَائِتَةَ وَهُوَ فِيهَا وَجَبَ إتْمَامُ الْحَاضِرَةِ ضَاقَ وَقْتُهَا أَمْ اتَّسَعَ.
ثُمَّ يَقْضِي الْفَائِتَةَ وَيُسَنُّ لَهُ إعَادَةُ الْحَاضِرَةِ؛ وَلَوْ دَخَلَ فِي الْفَائِتَةِ مُعْتَقِدًا سَعَةَ الْوَقْتِ فَبَانَ ضِيقُهُ وَجَبَ قَطْعُهَا وَالشُّرُوعُ فِي الْحَاضِرَةِ.
وَيُسَنُّ إيقَاظُ النَّائِمِينَ لِلصَّلَاةِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِهَا، فَإِنْ عَصَى بِنَوْمِهِ وَجَبَ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِحَالِهِ إيقَاظُهُ، وَكَذَا يُسْتَحَبُّ إيقَاظُهُ إذَا رَآهُ نَائِمًا أَمَامَ الْمُصَلِّينَ أَوْ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَوْ مِحْرَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى سَطْحٍ لَا إجَارَةَ لَهُ أَوْ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، لِأَنَّ الْأَرْضَ تَعِجُّ إلَى اللَّهِ مِنْ نَوْمَةِ عَالِمٍ حِينَئِذٍ أَوْ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ أَوْ خَالِيًا فِي بَيْتٍ وَحْدَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كُفِينَا، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَالًا فَأَمَرَهُ فَأَقَامَ الظُّهْرَ، فَصَلَّاهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّي فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ أَقَامَ الْعَصْرَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَ الْمَغْرِبَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ» اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ.
قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَهَوِيٌّ كَغَنِيٍّ وَيُضَمُّ وَتَهْوَاءٌ مِنْ اللَّيْلِ: سَاعَةٌ مِنْهُ اهـ.
قُلْت: وَاللَّيْلُ يَدْخُلُ بِالْغُرُوبِ فَيَصْدُقُ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ إلَخْ.
نَعَمْ نُقِلَ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ تَفْسِيرُ الْهَوِيِّ بِثُلُثِ اللَّيْلِ، وَحِينَئِذٍ فَيُشْكِلُ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ، وَالِاسْتِدْلَالُ لِأَنَّ الْمَغْرِبَ حِينَئِذٍ لَيْسَتْ حَاضِرَةً فَلَا مُخَلِّصَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِالْحَمْلِ عَلَى تَعَدُّدِ الْوَاقِعَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافَ فَوْتَهَا) أَيْ عَدَمَ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْهَا فِي الْوَقْتِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) خَالَفَ فِيهِ حَجّ فَقَالَ: أَمَّا إذَا خَافَ فَوْتَ الْحَاضِرَةِ بِأَنْ يَقَعَ بَعْضُهَا وَإِنْ قَلَّ خَارِجَ الْوَقْتِ فَيَلْزَمُهُ الْبُدَاءَةُ بِهَا لِحُرْمَةِ خُرُوجِ بَعْضِهَا عَنْ الْوَقْتِ مَعَ إمْكَانِ فِعْلِ كُلِّهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لَهُ) أَيْ وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَبَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ بِبُطْلَانِهَا إذَا عَلِمَ بِالْفَائِتَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْحَاضِرَةِ (قَوْلُهُ: سَعَةَ الْوَقْتِ) بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا، وَنَظَمَ اللُّغَتَيْنِ شَيْخُنَا الدَّنَوْشَرِيُّ بِقَوْلِهِ:
وَسَعَةٌ بِالْفَتْحِ فِي الْأَوْزَانِ ... وَالْكَسْرُ مَحْكِيٌّ عَنْ الصَّاغَانِيِّ
(قَوْلُهُ: وَجَبَ قَطْعُهَا) هَلَّا سُنَّ قَلْبُهَا نَفْلًا وَالسَّلَامُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَرَاجِعْ، ثُمَّ رَأَيْت م ر قَالَ: إنَّهُ يُسَنُّ قَلْبُهَا نَفْلًا سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ وَجَبَ قَطْعُهَا عَلَى مَعْنَى امْتَنَعَ إتْمَامُهَا فَرْضًا فَلَا يُنَافِي سَنُّ قَلْبِهَا نَفْلًا.
(قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إيقَاظُهُمْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَإِنْ عُرِفَ مِنْ عَادَتِهِمْ أَنَّهُمْ يَسْتَيْقِظُونَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يُمْكِنُهُمْ فِيهِ الْفِعْلُ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ غَرَضٌ يَحْمِلُهُمْ عَلَى النَّوْمِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَمْ لَا، وَلَعَلَّ هَذَا الْأَخِيرَ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ أَمَامَ الْمُصَلِّينَ) أَيْ حَيْثُ قَرُبَ مِنْهُمْ بِحَيْثُ يُعَدُّ عُرْفًا سُوءَ أَدَبٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مِحْرَابِ الْمَسْجِدِ) أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُرِيدُ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ فِيهِ حَتَّى لَوْ اعْتَادَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِ الْمِحْرَابِ لَا يُسَنُّ إيقَاظُ النَّائِمِ فِيهِ وَقْتَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَا إجَّارَ لَهُ) أَيْ لَا حَاجِزَ لَهُ.
وَوُجِدَ بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ مَا نَصُّهُ وُجِدَ بِخَطِّ بَعْضِهِمْ مُصَلَّحًا لَا حِجَارَ لَهُ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ رَاءٌ جَمْعُ حِجْرٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَهُوَ الْحَائِطُ الْمُحِيطَةُ بِالسَّاحَةِ وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَحْجِزُ الْإِنْسَانَ النَّائِمَ وَيَمْنَعُهُ مِنْ الْوُقُوعِ وَالسُّقُوطِ مُؤَلِّفٌ.
وَفِي الْمُخْتَارِ: وَالْإِجَّارُ السَّطْحُ، وَعَلَيْهِ فَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ هُنَا وَعَلَى سَطْحٍ لَا سَطْحَ لَهُ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، فَالْأَوْلَى مَا ذُكِرَ عَنْ الْمُؤَلِّفِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ صَلَّى الصُّبْحَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَرْضَ تَعِجُّ إلَى اللَّهِ) أَيْ تَرْفَعُ صَوْتَهَا.
قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: عَجَّ عَجًّا مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَعَجِيجًا أَيْضًا رَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ.
وَفِي الْمُخْتَارِ: الْعَجُّ رَفْعُ الصَّوْتِ اهـ فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِتَلْبِيَةٍ وَلَا غَيْرِهَا.
وَفِي الْقَامُوسِ: عَجَّ يَعِجُّ وَيَعَجُّ كَيَمَلُّ (قَوْلُهُ: مِنْ نَوْمَةِ عَالِمٍ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَبَانَ ضِيقُهُ) أَيْ عَنْ رَكْعَةٍ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ