بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَلَا تَخْلُو عَنْ نَظَرٍ
(وَلَا) يَصِحُّ أَنْ (يَشْتَرِيَ الْوَلِيُّ لِطِفْلٍ) وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ (قَرِيبِهِ) الَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا غِبْطَةَ لَهُ فِيهِ (وَلَوْ) (وَهَبَ) قَرِيبٌ لَهُ (أَوْ أَوْصَى لَهُ) بِهِ (فَإِنْ كَانَ) الْمَوْهُوبُ أَوْ الْمُوصَى بِهِ (كَاسِبًا) أَيْ لَهُ كَسْبٌ يَكْفِيهِ (فَعَلَى الْوَلِيِّ قَبُولُهُ وَيَعْتِقُ) عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لِانْتِفَاءِ تَضَرُّرِهِ، وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ عَجْزِهِ فَتَجِبُ مُؤْنَتُهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ مَعَ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُحَقَّقَةٌ وَالضَّرَرَ مَشْكُوكٌ فِيهِ (وَيُنْفِقُ) عَلَيْهِ (مِنْ كَسْبِهِ) لِاسْتِغْنَائِهِ بِهِ عَنْ الْقَرِيبِ، هَذَا إنْ وَهَبَ لَهُ جَمِيعَهُ، فَلَوْ وَهَبَ لَهُ بَعْضَهُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ مُوسِرٌ لَمْ يَجُزْ لِلْوَلِيِّ قَبُولُهُ وَإِنْ كَانَ كَاسِبًا، لِأَنَّهُ لَوْ قَبِلَهُ لَمَلَكَهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ وَسَرَّى فَتَجِبُ قِيمَةُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَبُولِ الْعَبْدِ بَعْضَ قَرِيبِ سَيِّدِهِ، وَإِنْ سَرَّى عَلَى مَا يَأْتِي بِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ مَصْلَحَةِ سَيِّدِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَصَحَّ قَبُولُهُ إذَا لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ الْمُؤْنَةُ، وَإِنْ سَرَّى لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ وَالْوَلِيُّ يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ مَصْلَحَةِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ التَّسَبُّبُ فِي سِرَايَةٍ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ كَاسِبًا (فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ) وَنَحْوُهُ (مُعْسِرًا وَجَبَ) عَلَى الْوَلِيِّ (الْقَبُولُ) لِانْتِفَاءِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ يَسَارِهِ لِمَا مَرَّ (وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَلَيْسَ لَهُ مَنْ يَقُومُ بِهَا، أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ قَرْضًا كَمَا قَالَاهُ فِي مَوْضِعٍ وَذَكَرَا فِي آخَرَ أَنَّهُ تَبَرُّعٌ (أَوْ مُوسِرًا حَرُمَ) قَبُولُهُ وَلَمْ يَصِحَّ لِتَضَرُّرِهِ بِإِنْفَاقِهِ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ فَرْضَ الْمُصَنِّفِ الْكَلَامَ فِي الْكَاسِبِ مِثَالٌ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِي الْفَرْعِ إذْ الْأَصْلُ تَلْزَمُ نَفَقَتُهُ وَإِنْ كَانَ كَسُوبًا، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَلْزَمْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ النَّفَقَةُ لِإِعْسَارِهِ أَوْ لِكَسْبِ الْفَرْعِ أَوْ لِكَوْنِ الْأَصْلِ لَهُ مُنْفِقٌ آخَرُ لَزِمَ الْوَلِيَّ الْقَبُولُ وَإِلَّا فَلَا
(وَلَوْ) (مَلَكَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَرِيبَهُ) الَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ (بِلَا عِوَضٍ) كَإِرْثٍ (عَتَقَ) عَلَيْهِ (مِنْ ثُلُثِهِ) فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَعْتِقْ سِوَى ثُلُثِهِ (وَقِيلَ) يَعْتِقُ (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ فَيَعْتِقُ جَمِيعُهُ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْذُلْ مَالًا وَالْمِلْكُ زَالَ بِغَيْرِ رِضَاهُ (أَوْ) مَلَكَهُ (بِعِوَضٍ بِلَا مُحَابَاةٍ) بِأَنْ كَانَ بِثَمَنٍ مِثْلِهِ (فَمِنْ ثُلُثِهِ) يَعْتِقُ مَا وَفَّى بِهِ لِأَنَّهُ فَوَّتَ ثَمَنَهُ عَلَى الْوَرَثَةِ مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ (وَلَا يَرِثُ) هُنَا إذْ لَوْ وَرِثَ لَكَانَ عِتْقُهُ تَبَرُّعًا عَلَى الْوَارِثِ فَيَبْطُلُ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى إرْثِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى عِتْقِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا فَيَتَوَقَّفُ كُلٌّ مِنْ إجَازَتِهِ وَإِرْثِهِ عَلَى الْآخَرِ فَامْتَنَعَ إرْثُهُ، بِخِلَافِ مَنْ يَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِعَدَمِ التَّوَقُّفِ، وَمَا تَقَرَّرَ فِي التَّعْلِيلِ هُوَ الصَّحِيحُ لَا مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ عِتْقَهُ مِنْ الثُّلُثِ وَصِيَّةٌ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْإِرْثِ (فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَرِيضِ (دَيْنٌ) مُسْتَغْرِقٌ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ (فَقِيلَ لَا يَصِحُّ الشِّرَاءُ) لِئَلَّا يَمْلِكَهُ مِنْ غَيْرِ عِتْقٍ (وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ) إذْ لَا خَلَلَ فِيهِ (وَلَا يَعْتِقُ بَلْ يُبَاعُ لِلدَّيْنِ) إذْ مُوجِبُ الشِّرَاءِ الْمِلْكُ وَالدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ مِنْهُ فَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّةَ الشِّرَاءِ وَعِتْقُهُ مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ وَالدَّيْنُ يَمْنَعُ مِنْهُ كَمَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَدِّ كَمَا يَأْتِي عَدَمُ السِّرَايَةِ لِكَوْنِهِ: دَخَلَ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ قَهْرًا، وَعَلَيْهِ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ يُقَالَ بِوُجُوبِ الْقَبُولِ عَلَى الْوَلِيِّ وَعَدَمِ السِّرَايَةِ عَلَى الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ بِاخْتِيَارِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ فِعْلُ الْوَلِيِّ لَمَّا كَانَ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ الصَّبِيِّ لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ نُزِّلَ قَبُولُهُ مَنْزِلَةَ فِعْلِ الصَّبِيِّ فَكَأَنَّهُ مَلَكَ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْعَمَلِ، بِالْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ الْيَسَارِ هُنَا وَعَدَمُ الْعَجْزِ ثُمَّ (قَوْلُهُ وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ تَبَرُّعٌ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَاهُ فِي مَوْضِعٍ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: زَالَ بِغَيْرِ رِضَاهُ) أَيْ وَإِنْ وُجِدَ السَّبَبُ بِاخْتِيَارِهِ كَمَا لَوْ مَلَكَ بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ (قَوْلُهُ: بِلَا مُحَابَاةٍ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: حَبَوْت الرَّجُلَ حِبَاءً بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ: أَعْطَيْته الشَّيْءَ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، ثُمَّ قَالَ: وَحَابَاهُ مُحَابَاةً: سَامَحَهُ، مَأْخُوذٌ مِنْ حَبَوْته إذَا أَعْطَيْته اهـ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ يَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ التَّبَرُّعَ عَلَى الْوَارِثِ إنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ حَيْثُ كَانَ مِنْ الثُّلُثِ
[حاشية الرشيدي]
عَلَى قَوْلِهِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، ثُمَّ رَأَيْت نُسْخَةً مِنْ الشَّارِحِ كَالتُّحْفَةِ
(قَوْلُهُ: إذْ مُوجِبُ الشِّرَاءِ الْمِلْكُ إلَى قَوْلِهِ الشِّرَاءِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute