للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُقَدِّمًا لَهُ عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ (جُزْءًا مِنْ الْمَالِ) الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ (أَوْ يَدْفَعَهُ) أَيْ جُزْءًا مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِهِ أَوْ مِنْ جِنْسِهِ لَا مِنْ غَيْرِهِ كَالزَّكَاةِ مَا لَمْ يَرْضَ بِهِ (إلَيْهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: ٣٣] وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ لِانْتِفَاءِ الصَّارِفِ عَنْهُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ وُجُوبِ ذَلِكَ حَيْثُ أَبْرَأَهُ مِنْ الْجَمِيعِ، وَكَذَا لَوْ كَاتَبَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ أَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَنْفَعَتِهِ (وَالْحَطُّ أَوْلَى) مِنْ الدَّفْعِ لِأَنَّهُ الْمَأْثُورُ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ إعَانَتُهُ لِيَعْتِقَ وَهِيَ فِي الْحَطِّ مُحَقَّقَةٌ وَفِي الدَّفْعِ مَوْهُومَةٌ فَإِنَّهُ قَدْ يُنْفِقُ الْمَالَ فِي جِهَةٍ أُخْرَى، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْحَطَّ أَصْلٌ وَالْإِيتَاءَ بَدَلٌ (وَفِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ أَلْيَقُ) لِأَنَّهُ حَالَةَ الْخُلُوصِ مِنْ الرِّقِّ وَمَعْنَى أَلْيَقَ أَفْضَلُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكْفِي) فِيهِ (مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ) أَيْ اسْمُ الْمَالِ (وَلَا يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْمَالِ) قِلَّةً وَكَثْرَةً لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ تَوْقِيفٌ، إذْ قَوْله تَعَالَى {مِنْ مَالِ اللَّهِ} [النور: ٣٣] يَشْمَلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ، وَمَا وَرَدَ فِي خَبَرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ رُبْعُ مَالِ الْكِتَابَةِ الْأَصَحُّ وَقْفُهُ عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَعَلَّهُ مِنْ اجْتِهَادِهِ، وَدَعْوَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ مَمْنُوعَةٌ.

وَالثَّانِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَدْرًا يَلِيقُ بِالْحَالِ وَيَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْعِتْقِ دُونَ الْقَلِيلِ الَّذِي وَقَعَ لَهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ) أَيْ يَدْخُلُ وَقْتُ أَدَائِهِ بِالْعَقْدِ وَيَتَضَيَّقُ إذَا بَقِيَ مِنْ النَّجْمِ الْأَخِيرِ قَدْرُ مَا يَفِي بِهِ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ قَبْلَهُ أَدَّى بَعْدَهُ وَكَانَ قَضَاءً.

وَالثَّانِي بَعْدَهُ كَالْمُتْعَةِ (وَيُسْتَحَبُّ الرُّبْعُ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَلِقَوْلِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ أَجْمَعَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ عَلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ فِي الْآيَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَسْمَحْ بِهِ (فَالسُّبْعُ) اقْتِدَاءً بِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

(وَيَحْرُمُ) عَلَى السَّيِّدِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمُسْتَوْفِيَةُ لِمَا يُعْتَبَرُ فِيهَا مِنْ الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُقَدِّمًا لَهُ عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ) أَيْ تَجْهِيزِ السَّيِّدِ لَوْ مَاتَ وَقْتَ وُجُوبِ الْأَدَاءِ أَوْ الْحَطِّ وَذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ إلَّا قَدْرُ مَا يَجِبُ الْإِيتَاءُ، أَمَّا لَوْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَجَبَ تَجْهِيزُهُ مُقَدَّمًا عَلَى مَا يَجِبُ فِي الْإِيتَاءِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يَدْخُلُ وَقْتُهُ بِالْعَقْدِ وَيَتَضَيَّقُ إذَا بَقِيَ مِنْ النَّجْمِ الْأَخِيرِ قَدْرُ مَا يَفِي بِهِ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَرْضَ بِهِ) أَيْ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا) أَيْ لَا حَطَّ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كَلَامَهُ أَفْهَمَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ: أَيْ وَلَوْ بِضَمِّ النُّجُومِ إلَى غَيْرِهَا مِنْ الْمَالِ (قَوْلُهُ: أَيْ اسْمُ الْمَالِ) هُوَ صَادِقٌ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ كَشَيْءٍ مِنْ جِنْسِ النُّجُومِ قِيمَتُهُ دِرْهَمُ نُحَاسٍ وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ مُتَعَدِّدًا وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْمُصَرَّاةِ مِنْ أَنَّ الصَّاعَ يَتَعَدَّ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ، وَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْرُ اللَّبَنِ لِكَوْنِهِ مَجْهُولًا بِالصَّاعِ» لِئَلَّا يَحْصُلَ النِّزَاعُ فِيمَا يُقَابِلُ اللَّبَنَ الْمَحْلُوبَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، فَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ اللَّبَنُ تَافِهًا جِدًّا، فَاعْتُبِرَ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ بِالصَّاعِ لِعَدَمِ تَفْرِقَةِ الشَّارِعِ فِيمَا يُضْمَنُ بِهِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ.

وَكَتَبَ سم عَلَى مَنْهَجٍ قَوْلُهُ مُتَمَوَّلٌ ع اُنْظُرْ لَوْ كَانَ الْمُتَمَوَّلُ هُوَ الْوَاجِبُ فِي النَّجْمَيْنِ هَلْ يَسْقُطُ الْحَطُّ اهـ؟ أَقُولُ: الْأَقْرَبُ عَدَمُ السُّقُوطِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَحُطَّ بَعْضَ ذَلِكَ الْقَدْرِ (قَوْلُهُ: الْأَصَحُّ وَقْفُهُ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ رَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَرُوِيَ عَنْهُ: أَيْ عَنْ عَلِيٍّ رَفْعُهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ مَرَّ (قَوْلُهُ: وَكَانَ قَضَاءً) أَيْ مَعَ الْإِثْمِ بِالتَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالسُّبْعُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ:

ــ

[حاشية الرشيدي]

مِنْ عَطْفِ التَّفْسِيرِ، وَإِلَّا فَهُوَ لَمْ يُبَيِّنْ فِي هَذَا الْفَصْلِ مَاهِيَّةَ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْحَطَّ أَصْلٌ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: مَا مَعْنَى أَصَالَةِ الْحَطِّ مَعَ أَنَّ الْإِيتَاءَ هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْآيَةِ؟ قَالَ: إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهَا أَرْجَحِيَّتُهُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْإِيتَاءِ لِفَهْمِ الْحَطِّ مِنْهُ بِالْأَوْلَى. قَالَ: ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ غَايَةِ الِاخْتِصَارِ لِلْحِصْنِيِّ مَا نَصُّهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْإِيتَاءُ يَقَعُ عَلَى الْحَطِّ وَالدَّفْعِ، إلَّا أَنَّ الْحَطَّ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لَهُ، وَبِهِ فَسَّرَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - اهـ (قَوْلُهُ: أَيْ اسْمُ الْمَالِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَارِّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>