للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي كِتَابَتِهَا

(وَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْ الْمُكَاتَبِ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ الْمَالِ الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ لِخَبَرِ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» وَمِثْلُ الْأَدَاءِ الْإِبْرَاءُ وَالْحَوَالَةُ بِهِ لَا عَلَيْهِ

(وَلَوْ) (أَتَى) الْمُكَاتَبُ (بِمَالٍ فَقَالَ السَّيِّدُ هَذَا حَرَامٌ) أَيْ لَيْسَ مِلْكُك (وَلَا بَيِّنَةَ) لَهُ بِذَلِكَ (حَلَفَ الْمُكَاتَبُ) أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ أَوْ (أَنَّهُ حَلَالٌ) أَوْ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَصَدَّقَهُ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْيَدِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ الْأَصْلُ فِيهِ التَّحْرِيمُ كَاللَّحْمِ وَقَالَ هَذَا حَرَامٌ اتَّجَهَ وُجُوبُ اسْتِفْصَالِهِ، فَإِنْ قَالَ إنَّهُ سَرِقَةٌ فَكَذَلِكَ، أَوْ مَيْتَةٌ وَقَالَ بَلْ مِلْكِي أَوْ حَلَالٌ صُدِّقَ السَّيِّدُ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ التَّذْكِيَةِ كَنَظِيرِهِ فِي السَّلَمِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقُلْ ذَكَّيْته وَإِلَّا صُدِّقَ لِتَصْرِيحِهِمْ بِقَبُولِ خَبَرِ الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ ذَبَحْت هَذِهِ.

وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا بُحِثَ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْعَبْدِ، وَأَمَّا تَوْجِيهُ إطْلَاقِهِ بِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ فَمَرْدُودٌ بِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا بِسَيِّدِهِ حَيْثُ يَلْزَمُ بِقَبُولِ مَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ لِأَنَّ مَنْ رَأَى لَحْمًا وَشَكَّ فِي تَذْكِيَتِهِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُهُ (وَيُقَالُ لِلسَّيِّدِ تَأْخُذُهُ أَوْ تُبْرِيهِ عَنْهُ) أَيْ عَنْ قَدْرِهِ وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْإِنْشَاءِ لِتَعَنُّتِهِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَلَا بَيِّنَةَ عَمَّا لَوْ أَقَامَ السَّيِّدُ بَيِّنَةً بِمُدَّعَاهُ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ وَتُسْمَعُ مِنْهُ لِأَنَّ لَهُ فِيهَا غَرَضًا ظَاهِرًا هُوَ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْحَرَامِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: كَذَا أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ، وَشَرَطَ الصَّيْدَلَانِيُّ أَنْ يُعَيِّنَ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَيْضًا وَالْأَوْجَهُ الْإِطْلَاقُ (فَإِنْ أَبَى قَبَضَهُ الْقَاضِي) وَعَتَقَ إنْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ (وَإِنْ نَكَلَ الْمُكَاتَبُ) عَنْ الْحَلِفِ (حَلَفَ السَّيِّدُ) وَكَانَ كَإِقَامَتِهِ الْبَيِّنَةِ (وَلَوْ خَرَجَ الْمُؤَدَّى) مِنْ النُّجُومِ (مُسْتَحَقًّا رَجَعَ السَّيِّدُ بِبَدَلِهِ) لِفَسَادِ الْقَبْضِ (فَإِنْ كَانَ) مَا خَرَجَ مُسْتَحَقًّا أَوْ زَيْفًا (فِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ) مَثَلًا (بَانَ) وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ أَوْ السَّيِّدِ (أَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يَقَعْ) لِبُطْلَانِ الْأَدَاءِ (وَإِنْ كَانَ) السَّيِّدُ (قَالَ عِنْدَ أَخْذِهِ) أَيْ مُتَّصِلًا بِالْقَبْضِ (أَنْتَ حُرٌّ) أَوْ أَعْتَقْتُك لِبِنَائِهِ ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ وَهُوَ صِحَّةُ الْأَدَاءِ وَقَدْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ، أَمَّا إذَا قَالَ ذَلِكَ مُنْفَصِلًا عَنْ الْقَبْضِ وَالْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى كَوْنِهِ رَتَّبَهُ عَلَى الْقَبْضِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ قَوْلُهُ أَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ كَمَا رَجَّحَاهُ، وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ لَا فَرْقَ قَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا إذَا قَصَدَ الْإِخْبَارَ عَنْ حَالِهِ بَعْدَ أَدَاءِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ أَيْ إلَى الْمَالِ الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْجَمِيعَ وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مَا عَدَا مَا يَجِبُ إيتَاؤُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ مَعَ بَقَاءِ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ، وَمَا ذَكَرَهُ حَجّ هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا بَقِيَ مَا ذُكِرَ يَرْفَعُهُ لِقَاضٍ يُجْبِرُهُ عَلَى دَفْعِهِ أَوْ يَحْكُمُ بِالتَّقَاصِّ إنْ رَآهُ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِمَّا ذَكَرَهُ هُنَا أَنَّ مَا يَجِبُ إيتَاؤُهُ لَا يَسُوغُ مَعَهُ الْفَسْخُ مِنْ السَّيِّدِ، حَتَّى لَوْ فَسَخَ لَمْ يَنْفُذْ فَسْخُهُ لَا أَنَّهُ يَعْتِقُ بِمُجَرَّدِ بَقَائِهِ، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُرْفَعُ الْأَمْرُ لِلْقَاضِي بَعْدَ مَوْتِهِ لِيَحْكُمَ بِالتَّقَاصِّ إنْ رَآهُ وَعَتَقَ الْعَبْدُ فَيَمُوتُ حُرًّا وَيَكُونُ مَا كَسَبَهُ لِوَرَثَتِهِ وَيُوَافِقُ مَا قَالَهُ حَجّ مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَدِّ قَبْلَهُ أَدَّى بَعْدَهُ وَكَانَ قَضَاءً

(قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ الْمُصَدَّقُ الْمُكَاتَبُ (قَوْلُهُ: لِتَصْرِيحِهِمْ بِقَبُولِ خَبَرِ الْكَافِرِ) أَيْ وَلَوْ حَرْبِيًّا وَمُرْتَدًّا (قَوْلُهُ: لِلْعِتْقِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَأَمَّا تَوْجِيهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْإِطْلَاقُ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُعَيِّنَ الْمَغْصُوبَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَكَانَ كَإِقَامَتِهِ الْبَيِّنَةَ) يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّهُ إنَّمَا قَالَ كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لِتَقَدُّمِ حُكْمِ الْبَيِّنَةِ هُنَا فَأَحَالَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مُسْتَحَقًّا) أَوْ زَيْفًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ زَيْفًا) أَيْ كَأَنْ خَرَجَ نُحَاسًا، بِخِلَافِ الرَّدِيءِ فَإِنَّهُ لَا يَتَبَيَّنُ بِهِ عَدَمُ الْعِتْقِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ خَرَجَ مَعِيبًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا قَالَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مُتَّصِلًا بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ لَا فَرْقَ) أَيْ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا (قَوْلُهُ: قَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) مُعْتَمَدٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لَا عَلَيْهِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِحَوَالَةِ السَّيِّدِ عَلَيْهِ بِالنُّجُومِ: أَيْ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ صِحَّتَهَا.

(قَوْلُهُ: تُسْمَعُ مِنْهُ) أَيْ وَإِنْ تَضَمَّنَتْ إثْبَاتَهُ مِلْكَ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ وَكَانَ كَإِقَامَتِهِ الْبَيِّنَةَ) اُنْظُرْ هَلَّا قَالَ كَإِقْرَارِ الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَلَوْ خَرَجَ الْمُؤَدَّى مُسْتَحَقًّا) أَيْ أَوْ زَيْفًا كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ) أَيْ فِي الظَّاهِرِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ أَمَّا الْبَاطِنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>