الْوَلَاءُ بَيْنَ عَصَبَتَيْهِمَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَعْتِقْ شَيْءٌ مِنْهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مُسْتَوْلَدَةُ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ ثَبَتَ إيلَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي قَدْرِ نَصِيبِهِ، فَإِذَا مَاتَا فَالْوَلَاءُ بَيْنَ عَصَبَتَيْهِمَا كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا ثَبَتَ الْإِيلَادُ فِي نَصِيبِ الْمُوسِرِ إذْ لَا نِزَاعَ لِلْمُعْسَرِ فِيهِ وَالنِّزَاعُ فِي نَصِيبِ الْمُعْسِرِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِيهِ، فَإِذَا مَاتَ الْمُوسِرُ أَوَّلًا عَتَقَ نَصِيبُهُ وَوَلَاؤُهُ لِوَرَثَتِهِ، فَإِذَا مَاتَ الْمُعْسِرُ بَعْدَهُ عَتَقَ نَصِيبُهُ وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ، وَإِنْ مَاتَ الْمُعْسِرُ أَوَّلًا لَمْ يَعْتِقْ شَيْءٌ مِنْهَا. فَإِذَا مَاتَ الْمُوسِرُ بَعْدَهُ عَتَقَتْ كُلُّهَا وَوَلَاءُ نَصِيبِ الْمُوسِرِ لِوَرَثَتِهِ وَوَلَاءُ الْآخَرِ مَوْقُوفٌ، أَمَّا لَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ عَكْسَهُ فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ أَنْتَ وَطِئْتَ أَوَّلًا فَسَرَى إلَى نَصِيبِي وَهُمَا مُوسِرَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَقَالَ الْبَغَوِيّ يَتَحَالَفَانِ ثُمَّ يُنْفِقَانِ عَلَيْهَا، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فِي صُورَةِ يَسَارِهِمَا لَمْ يَعْتِقْ نَصِيبُهُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ أَنَّ الْآخَرَ سَبَقَهُ وَعَتَقَ نَصِيبُ الْحَيِّ لِإِقْرَارِهِ وَوُقِفَ وَلَاؤُهُ، فَإِذَا مَاتَ عَتَقَتْ كُلُّهَا وَوُقِفَ وَلَاءُ الْكُلِّ، فَإِذَا مَاتَ الْمُوسِرُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَوَّلًا عَتَقَتْ كُلُّهَا نَصِيبُهُ بِمَوْتِهِ وَوَلَاؤُهُ لِعَصَبَتِهِ وَنَصِيبُ الْمُعْسِرِ بِإِقْرَارِهِ وَوُقِفَ وَلَاؤُهُ، وَإِنْ مَاتَ الْمُعْسِرُ أَوَّلًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهَا شَيْءٌ لِاحْتِمَالِ سَبْقِ الْمُوسِرِ، فَإِذَا مَاتَ الْمُوسِرُ عَتَقَتْ كُلُّهَا وَوَلَاءُ نَصِيبِهِ لِعَصَبَتِهِ وَوَلَاءُ نَصِيبِ الْمُعْسِرِ مَوْقُوفٌ، وَلَوْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَكَمَا لَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ أَوْلَدَهَا قَبْلَ إيلَادِ الْآخَرِ لَهَا وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ وَالْعِبْرَةُ فِي الْيَسَارِ وَعَدَمِهِ بِوَقْفِ الْإِحْبَالِ
وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ فِي أَيْدِيهِمْ أَمَةٌ وَوَلَدُهَا وَهُوَ مَجْهُولُ النَّسَبِ فَقَالَ أَحَدُهُمْ هِيَ أُمُّ وَلَدِ أَبِينَا وَالِابْنُ أَخُونَا، وَقَالَ الْآخَرُ هِيَ أُمُّ وَلَدِي وَوَلَدُهَا مِنِّي، وَقَالَ الْآخَرُ هِيَ جَارِيَتِي وَوَلَدُهَا عَبْدِي لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ أَبِيهِمْ وَيَثْبُتُ مِنْ الثَّانِي، وَالْوَلَدُ حُرٌّ بِقَوْلِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَيَعْتِقُ عَلَى الثَّانِي نَصِيبُ مُدَّعِي الرِّقِّ مِنْ الْوَلَدِ وَيَنْفُذُ إيلَادُهُ فِي نَصِيبِهِ مِنْ الْأَمَةِ وَيَسْرِي إلَى حَقِّ مُدَّعِي الْمِلْكِ إنْ كَانَ مُوسِرًا، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا، وَذَلِكَ بَعْدَ التَّحَالُفِ بَيْنَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَقَطْ لِأَنَّ الْقَائِلَ هِيَ أُمُّ وَلَدِ أَبِينَا لَمْ يَدَّعِ لِنَفْسِهِ شَيْئًا عَلَى الْآخَرَيْنِ فَلَا يُحَلِّفُهُمَا، نَعَمْ إنْ ادَّعَتْ الْأَمَةُ ذَلِكَ وَأَنَّهَا عَتَقَتْ بِمَوْتِ الْأَبِ حَلَّفَتْهُمَا عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِمَا بِأَنَّ أَبَاهُمَا أَوْلَدَهَا، وَأَمَّا الْآخَرَانِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِي مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ هَذَا يَقُولُ هِيَ مُسْتَوْلَدَتِي وَهَذَا يَقُولُ هِيَ مِلْكِي فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ فِي الثُّلُثِ الَّذِي فِي يَدِهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ: وَالْقَائِلُ هِيَ أُمُّ وَلَدِ أَبِينَا لَا غُرْمَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي شَيْئًا وَلَا عَلَيْهِ، وَاَلَّذِي يَدَّعِي الْإِيلَادَ يَلْزَمُهُ الْغُرْمُ لِمُدَّعِي الْمِلْكِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ نَصِيبَهُ مِنْ الْأَمَةِ وَالْوَلَدِ، كَذَا عَلَّلُوهُ، وَمُقْتَضَاهُ أَنْ تَكُونَ الصُّورَةُ فِيمَا إذَا سَلِمَ أَنَّهُ كَانَ لِمُدَّعِي الرِّقَّ فِيهَا نَصِيبٌ بِالْإِرْثِ أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ مُسْتَوْلَدَةٌ كَوْنُهَا مُشْتَرَكَةً مِنْ قَبْلُ، وَيَغْرَمُ لِلثَّالِثِ ثُلُثَ الْقِيمَةِ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهَا فِي يَدِ الثَّلَاثَةِ حُكْمًا، قَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ يُقَالُ يُكْتَفَى بِالْيَدِ عَنْ تَسَلُّمِ نَصِيبِ مُدَّعِي الرِّقِّ لَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لُحُوقُهُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنْ كَانَ بَيْنَ وَطْءِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَوِلَادَتِهِ فَوْقَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ
(قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَدَّعِي الْإِيلَادَ يَلْزَمُهُ الْغُرْمُ)
[حاشية الرشيدي]
مِنْهُمَا وَلَدًا: أَيْ وَاشْتَبَهَا كَأَنْ مَاتَا، وَهَذَا هُوَ صَرِيحُ الْعِبَارَةِ، وَالتَّفْصِيلُ الْآتِي لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: أَنْتِ وُطِئْت) يَعْنِي أَحَبَلْت (قَوْلُهُ: فَسَرَى إلَى نَصِيبِي) فِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا كَانَ الْمُوسِرُ أَحَدَهُمَا فَقَطْ، إذْ لَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ لِلْآخَرِ فَسَرَى إلَى نَصِيبِي، وَكَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ الْآتِي إذْ هَذَا مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْهُمَا) يَعْنِي مِنْ الْمُعْسِرَيْنِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ أَبِيهِمْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِهِ غَيْرُ جَائِزٍ (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَيْهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى لَهُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ الْغُرْمُ لِمُدَّعِي الْمِلْكِ) وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يَغْرَمُهُ لَهُ (قَوْلُهُ: ثُلُثُ الْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةِ الْأُمِّ وَالْوَالِدِ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ الْمَارِّ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ فَوَّتَ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا فِي يَدِ الثَّلَاثَةِ حُكْمًا) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ دَعْوَى الْأَوَّلِ أَنَّهَا عَتِيقَةٌ هِيَ وَوَلَدُهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِالنَّظَرِ لِمَا لَهُ مِنْ الْوَلَاءِ، لَكِنْ قَدْ يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ لِنَفْسِهِ شَيْئًا فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُنْظَرْ حُكْمُ الْوَلَاءِ عَلَى الْأُمِّ (قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ) أَيْ جَوَابًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute