للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالرَّاجِحُ تَحْرِيمُهُ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ مُطْلَقًا وَجَوَازُهُ قَبْلَهُ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ ابْنِ حَزْمٍ فَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيهَا بِأَنَّ الْوَلَدَ كَافِرٌ، وَبَيَّنَ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ حَزْمٍ مَرْدُودٌ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا كُلُّهُ فِي اسْتِعْمَالِ الدَّوَاءِ بَعْدَ الْإِنْزَالِ، فَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ، أَمَّا اسْتِعْمَالُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ دَوَاءً لِمَنْعِ الْحَبَلِ فَقَدْ سُئِلَ عَنْهَا الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ ذَلِكَ وَظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ، وَبِهِ أَفْتَى الْعِمَادُ بْنُ يُونُسَ، فَسُئِلَ عَمَّا إذَا تَرَاضَى الزَّوْجَانِ الْحُرَّانِ عَلَى تَرْكِ الْحَبَلِ هَلْ يَجُوزُ التَّدَاوِي لِمَنْعِهِ بَعْدَ طُهْرِ الْحَيْضِ. أَجَابَ لَا يَجُوزُ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ لَا يَزِيدُ عَلَى الْعَزْلِ، وَلَيْسَ فِيهِ سِوَى سَدُّ بَابِ النَّسْلِ ظَنًّا وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا، وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ فَلَوْ فُرِّقَ بَيْنَ مَا يَمْنَعُ بِالْكُلِّيَّةِ وَبَيْنَ مَا يَمْنَعُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ فَيَكُونُ كَالْعَزْلِ لَكَانَ مُتَّجِهًا. وَفِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ لِلْبَالِسِيِّ نَحْوُ هَذَا اهـ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ قَالَ الْأَصْحَابُ: فِيمَنْ لَمْ يَجِدْ أُهْبَةَ النِّكَاحِ يَكْسِرُهَا بِالصَّوْمِ وَلَا يَكْسِرُهَا بِالْكَافُورِ وَنَحْوِهِ، وَعَبَّرَ الْبَغَوِيّ بِقَوْلِهِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَحْتَالَ فِي قَطْعِ شَهْوَتِهِ اهـ. وَفَهِمَ جَمْعٌ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ تَحْرِيمَ الْكَافُورِ وَنَحْوِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ. وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْجَوَازِ عَلَى مَا يُفَتِّرُ الشَّهْوَةَ فَقَطْ وَلَا يَقْطَعُهَا، وَلَوْ أَرَادَ إعَادَتَهَا بِاسْتِعْمَالِ ضِدِّ تِلْكَ الْأَدْوِيَةِ لَأَمْكَنَهُ، وَالْحُرْمَةُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ. وَالْعَزْلُ حَذَرًا مِنْ الْوَلَدِ مَكْرُوهٌ وَإِنْ أَذِنَتْ فِيهِ الْمَعْزُولُ عَنْهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى قَطْعِ النَّسْلِ.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي تَبْصِرَتِهِ وَالْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ: أُصُولُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ مُتَظَافِرَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ وَطْءِ السَّرَارِي اللَّاتِي يُجْلَبْنَ الْيَوْمَ مِنْ الرُّومِ وَالْهِنْدِ وَغَيْرِهِمَا إلَّا أَنْ يُنَصِّبَ الْإِمَامُ مَنْ يُقَسِّمُ الْغَنَائِمَ مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ وَلَا ظُلْمٍ.

وَعَارَضَهُمْ الْفَزَارِيّ فَأَفْتَى بِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قِسْمَةُ الْغَنَائِمِ بِحَالٍ وَلَا تَخْمِيسُهَا وَلَا تَفْضِيلُ بَعْضِ الْغَانِمِينَ وَحِرْمَانُ بَعْضِهِمْ، وَزَعَمَ أَنَّ سِيرَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَقْتَضِي ذَلِكَ. وَرَدَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ بِأَنَّهُ خَارِقٌ لِلْإِجْمَاعِ فِيهِ هَذَا إنْ كَانَ مَأْخُوذًا بِالْقَهْرِ، فَإِنْ كَانَ مَسْرُوقًا أَوْ مُخْتَلَسًا خُمِّسَ أَيْضًا عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْحَرْبِيُّ مِنْ مِثْلِهِ يَمْلِكُهُ وَأَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا قَهَرَ حَرْبِيًّا مَلَكَهُ.

وَالنَّصُّ أَنَّ مَا حَصَّلَهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ بِقِتَالٍ لَيْسَ بِغَنِيمَةٍ فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُمْ، فَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ فِيمَا عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ غَنِيمَةٍ لَمْ تُخَمَّسْ، وَإِلَّا فَمَا يُبَاعُ مِنْ السَّرَارِي وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ وَالْأَمْرُ فِيهِ مُحْتَمِلٌ لِذَلِكَ لَا يَكُونُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، وَكَانَ بَعْضُ الْمُتَوَرِّعِينَ إذَا أَرَادَ التَّسَرِّيَ بِأَمَةٍ اشْتَرَاهَا مِنْ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ يَجُوزُ لَهُ تَمَلُّكُ الْأَمَةِ بِطَرِيقِ الظَّفَرِ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ فِيهَا حِينَئِذٍ إلَى بَيْتِ الْمَالِ لِلْجَهْلِ بِالْمُسْتَحَقِّينَ.

وَفِي كَلَامِ التَّاجِ ابْنِ الْفِرْكَاحِ أَنَّ الْغَلُولَ فِي الْغَنِيمَةِ يَحْرُمُ مَا كَانَتْ الْغَنِيمَةُ تُقَسَّمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ، فَإِذَا تَغَيَّرَ الْحَالُ جَازَ لِمَنْ ظَفِرَ بِقَدْرِ حَقِّهِ وَبِمَا دُونَهُ أَنْ يَخْتَزِلَهُ وَيَكْتُمَهُ اهـ. وَمُقْتَضَاهُ جَوَازُ الْأَخْذِ ظَفَرًا فِي الْغَنِيمَةِ فَضْلًا عَنْ بَيْتِ الْمَالِ، لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ نَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْفَعْ السُّلْطَانُ إلَى كُلِّ الْمُسْتَحِقِّينَ حُقُوقَهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَهَلْ يَجُوزُ لِأَحَدِهِمْ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؟ قَالَ فِيهِ أَرْبَعَةُ مَذَاهِبَ: أَحَدُهَا، لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ وَلَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: فَأَمَّا قَبْلَهُ) أَيْ اسْتِعْمَالِ مَا يَمْنَعُ الْحَبَلَ قَبْلَ إنْزَالِ الْمَنِيِّ حَالَةَ الْجِمَاعِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ هُوَ لَا يَزِيدُ عَلَى الْعَزْلِ) مُعْتَمَدٌ أَيْ وَالْعَزْلُ مَكْرُوهٌ فَيَكُونُ هَذَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَوْ فُرِّقَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ

(قَوْلُهُ: يَحْرُمُ مَا كَانَتْ الْغَنِيمَةُ تُقَسَّمُ) أَيْ مُدَّةَ كَوْنِ الْغَنِيمَةِ تُقَسَّمُ عَلَى إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنْ يَخْتَزِلَهُ) أَيْ يَأْخُذَهُ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ مُطْلَقًا) اُنْظُرْ وَلَوْ كَانَ مِنْ حَرْبِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْإِجْهَاضِ. وَصُورَتُهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ قَبْلَ الْإِنْزَالِ أَنْ تَسْتَعْمِلَ دَوَاءً يُوجِبُ أَنَّهَا إذَا حَمَلَتْ أَجْهَضَتْ، وَأَمَّا اسْتِعْمَالُ الدَّوَاءِ الْمَانِعِ لِلْحَبَلِ فَسَيَأْتِي بَعْدُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ طُهْرِ الْحَيْضِ) اُنْظُرْ مَا الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَلَعَلَّ صُورَةَ السُّؤَالِ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: أُصُولُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ) الْإِضَافَةُ إلَيْهَا بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَعَارَضَهُمْ) كَانَ الظَّاهِرُ وَعَارَضَهُمَا (قَوْلُهُ: يَجُوزُ لَهُ تَمَلُّكُ الْأَمَةِ) أَيْ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>