للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ كَالْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ أَذَانُهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ. نَعَمْ يَصِحُّ أَذَانُ سَكْرَانَ فِي أَوَائِلِ نَشْأَتِهِ لِانْتِظَامِ قَصْدِهِ وَفِعْلِهِ حِينَئِذٍ (وَ) شَرْطُهُ أَيْضًا (الذُّكُورَةُ) وَلَوْ عَبْدًا، فَلَا يَصِحُّ أَذَانُ غَيْرِ الذَّكَرِ كَمَا تَقَدَّمَ إيضَاحُهُ. نَعَمْ لَوْ أَذَّنَ الْخُنْثَى فَبَانَتْ ذُكُورَتُهُ عَقِبَ أَذَانِهِ فَالْوَجْهُ إجْزَاؤُهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي غُنْيَتِهِ. وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ نَصْبِ مُؤَذِّنٍ رَاتِبٍ مِنْ قِبَلِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ أَوْ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ النَّصْبِ شَرْعًا كَوْنُهُ عَارِفًا بِالْمَوَاقِيتِ بِأَمَارَةٍ أَوْ بِخَبَرِ ثِقَةٍ عَنْ عِلْمٍ، وَأَنْ يَكُونَ بَالِغًا أَمِينًا، فَغَيْرُ الْعَارِفِ لَا يَجُوزُ نَصْبُهُ وَإِنْ صَحَّ أَذَانُهُ، وَبِخِلَافِ مَنْ يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِجَمَاعَةٍ مِنْ غَيْرِ نَصْبٍ فَلَا تُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِهَا، بَلْ مَتَى عَلِمَ دُخُولَ الْوَقْتِ صَحَّ أَذَانُهُ كَأَذَانِ الْأَعْمَى، هَذَا حَاصِلُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِمَنْ فَهِمَ مِنْ كَلَامِهِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ، وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ كَصَاحِبِ الْإِسْعَادِ، وَلَوْ أَذَّنَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْوَقْتِ فَصَادَفَهُ اُعْتُدَّ بِأَذَانِهِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهِ وَبِهِ فَارَقَ التَّيَمُّمَ وَالصَّلَاةَ

(وَيُكْرَهُ) الْأَذَانُ (لِلْمُحْدِثِ) حَدَثًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

هُنَا عَلَى صِدْقِهِ قَبْلَ خَبَرِهِ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي لَهُ فِي الصَّوْمِ أَنَّ الْكَافِرَ إنْ أَخْبَرَ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَوَقَعَ فِي الْقَلْبِ صِدْقُهُ قَبَلُ وَإِلَّا فَلَا وَأَنَّ الْفَاسِقَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ أَيْضًا الذُّكُورَةُ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ فِي أَذَانِ الصَّلَاةِ وَأَذَانِ غَيْرِهَا مِنْ الْأَذَانِ فِي أُذُنِ الْمَوْلُودِ وَغَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ، وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ فِي أَذَانِ غَيْرِ الصَّلَاةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: عَقِبَ أَذَانِهِ) لَعَلَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ تُبْنَ حَالَا طَلَبِ الْأَذَانِ مِنْ غَيْرِهِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِإِذْنِهِ ظَاهِرًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَتْ ذُكُورَتُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ لَمْ يَعْتَدَّ بِأَذَانِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ قِبَلِ الْإِمَامِ) عِبَارَةُ حَجّ: وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ نَصْبِ نَحْوِ الْإِمَامِ انْتَهَى وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِتَوْلِيَتِهِ، بِخِلَافِ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ إلَخْ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ الْبُطْلَانُ لَكِنَّهُ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ لَا سِيَّمَا وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا يَفْعَلُ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَمَتَى فَعَلَ خِلَافَ ذَلِكَ لَا يَعْتَدُّ بِفِعْلِهِ، وَعَلَى مَا أَفْهَمَهُ إطْلَاقُ الشَّارِحِ مِنْ الِاعْتِدَادِ بِتَوْلِيَتِهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ تَوْلِيَةِ الْإِمَامِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِذَلِكَ؟ وَلَعَلَّهُ أَنَّ الْخَلَلَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ الَّذِي يَخْشَى مِنْ غَيْرِ الْأَهْلِ يَبْعُدُ عِلْمُ الْمَأْمُومِينَ بِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمُؤَذِّنُ فَإِنَّ أَذَانَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ لَوْ فُرِضَ يُسَهِّلُ عِلْمَ النَّاسِ بِهِ فَلَا يُقَلِّدُونَهُ فِي أَذَانِهِ، وَنُقِلَ عَنْ م ر مَا يُوَافِقُ إطْلَاقَ شَرْحِهِ مِنْ صِحَّةِ تَوْلِيَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ النَّصْبِ شَرْعًا) كَالنَّاظِرِ الْمُفَوَّضِ لَهُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارِقَ التَّيَمُّمَ وَالصَّلَاةَ) وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ خَطَبَ لِلْجُمُعَةِ جَاهِلًا بِدُخُولِ الْوَقْتِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ فِي الْوَقْتِ أَجْزَأَهُ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُطْبَةِ، وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ أَشْبَهَتْ الصَّلَاةَ. وَقِيلَ إنَّهَا بَدَلٌ عَنْ رَكْعَتَيْنِ انْتَهَى حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَوْلُهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّ فِي الْوَقْتِ أَجْزَأَهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ

(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الْأَذَانُ لِلْمُحْدِثِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَذْكَارِ لَا يُكْرَهُ لِلْمُحْدِثِ لِأَنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْأَذْكَارِ لَا يُكْرَهُ لَهُ فَبَقِيَّةُ الْأَذْكَارِ بِالْأَوْلَى. قَالَ فِي التِّبْيَانِ: فَصْلٌ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ فَإِنْ قَرَأَ مُحْدِثًا جَازَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ قَالَهُ الْإِمَامُ الْحُسَيْنُ. وَلَا يُقَالُ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا بَلْ هُوَ تَارِكٌ لِلْأَفْضَلِ انْتَهَى. وَفِي الْعُبَابِ: وَلَا تُكْرَهُ: أَيْ التِّلَاوَةُ لِمُحْدِثٍ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ مَعَ الْحَدَثِ كَمَا صَحَّ عَنْهُ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ كَوْنُهَا فِي حَقِّ الْمُحْدِثِ خِلَافَ الْأَفْضَلِ انْتَهَى. وَبَيَّنَ قَوْلَ ذَلِكَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْعُبَابُ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ، فَعَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ عِلَّةُ كَرَاهَةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِلْمُحْدِثِ مُجَرَّدَ كَوْنِهِمَا ذِكْرًا كَمَا تَوَهَّمَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَفِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ فِي بَابِ الْأَذَانِ: وَلَا يُكْرَهُ الذِّكْرُ لِلْمُحْدِثِ بَلْ وَلَا لِلْجُنُبِ انْتَهَى. وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ) أَيْ الْمُؤَذِّنِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ أَذَانُ غَيْرِ الذَّكَرِ) أَيْ لِلرِّجَالِ، وَالْخَنَاثَى بِخِلَافِهِ لِلنِّسَاءِ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ عَلَى مَا مَرَّ فَيَجُوزُ وَلَا يُسْتَحَبُّ، وَيَكُونُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا ذَكَرَهُ حَجّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>