الْأَذَانِ مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ وَهِيَ أَذَانُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ، وَسَبَبُهُ التَّطْوِيلُ عَلَى الْحَاضِرِينَ فَإِنَّهُمْ مُجْتَمِعُونَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ غَالِبًا سِيَّمَا مَنْ امْتَثَلَ السُّنَّةَ وَبَكَّرَ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ لِتَصْرِيحِهِمْ ثُمَّ بِأَنَّ السُّنَّةَ كَوْنُ الْمُؤَذِّنِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاحِدًا. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَعِنْدَ التَّرْتِيبِ لَا يَتَأَخَّرُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ لِئَلَّا يَذْهَبَ أَوَّلُ الْوَقْتِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ سُنَّ لَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ الْمَرَّتَيْنِ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ فَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَالْمُؤَذِّنُ الْأَوَّلُ أَوْلَى بِالْإِقَامَةِ مَا لَمْ يَكُنْ الرَّاتِبُ غَيْرَهُ فَيَكُونُ الرَّاتِبُ أَوْلَى
(وَيُسَنُّ لِسَامِعِهِ) وَمُسْتَمِعِهِ وَمِثْلُهُ الْمُقِيمُ (مِثْلُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَلَى اخْتِلَالِ الْأَذَانِ وَالِاخْتِلَاطِ عَلَى اخْتِلَاطِ الْأَصْوَاتِ وَاشْتِبَاهِهَا (قَوْلُهُ: وَسَبَبُهُ التَّطْوِيلُ) الْأَوْلَى عَدَمُ التَّطْوِيلِ، وَوَجْهُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّطْوِيلُ لَوْ تَرَتَّبُوا فِي أَذَانِهِمْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنْ يُؤَذِّنَ الْمَرَّتَيْنِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يُؤَذِّنْ قَبْلَ الْفَجْرِ فَهَلْ يُسَنُّ بَعْدَهُ أَذَانَانِ نَظَرًا لِلْأَصْلِ أَوْ لَا، وَيَحْكُمُ بِفَوَاتِ الْأَوَّلِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَوْ قَضَى فَائِتَةَ الصُّبْحِ فَهَلْ يُسَنُّ لَهَا أَذَانَانِ أَوْ وَاحِدٌ فَقَطْ؟ قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ: فِي كُلٍّ مِنْهُمَا نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُسَنُّ أَذَانَانِ نَظَرًا لِلْأَصْلِ كَمَا طَلَبَ التَّثْوِيبَ فَائِتَتُهَا نَظَرًا لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا يَقَعُ لِلْمُؤَذِّنَيْنِ فِي رَمَضَانَ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَذَانِ عَلَى الْفَجْرِ كَافٍ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى. وَقَدْ يُقَالُ مُلَاحَظَةُ مَنْعِ النَّاسِ مِنْ الْوُقُوعِ فِيمَا يُؤَدِّي إلَى الْفِطْرِ إنْ أَخَّرَ الْأَذَانَ إلَى الْفَجْرِ مَانِعٌ مِنْ كَوْنِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى. لَا يُقَالُ: لَكِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى مَفْسَدَةٍ أُخْرَى وَهِيَ صَلَاتُهُمْ قَبْلَ الْفَجْرِ لِأَنَّا نَقُولُ: عِلْمُهُمْ بِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِالْأَذَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ. وَحَامِلٌ عَلَى تَحَرِّي تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ لِيَتَيَقَّنَ دُخُولَ الْوَقْتِ أَوْ ظَنَّهُ (قَوْلُهُ: أَوْلَى بِالْإِقَامَةِ) لَعَلَّهُ لِأَنَّهُ بِتَقَدُّمِهِ اسْتَحَقَّ الْإِقَامَةَ فَأَذَانُ الثَّانِي بَعْدَهُ لَا يَسْقُطُ مَا ثَبَتَ لِلْأَوَّلِ
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِسَامِعِهِ) شَامِلٌ لِلْأَذَانِ لِلصَّلَاةِ وَلِغَيْرِهَا كَالْأَذَانِ فِي أُذُنِ الْمَوْلُودِ وَخَلْفَ الْمُسَافِرِ، وَيُوَافِقُهُ عُمُومُ حَدِيثِ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ» إلَخْ الْآتِيَ فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ أَنَّ اللَّامَ فِيهِ لِلِاسْتِغْرَاقِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: إذَا سَمِعْتُمْ أَيَّ مُؤَذِّنٍ سَوَاءٌ أَذَّنَ لِلصَّلَاةِ أَوْ لِغَيْرِهَا، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ م ر أَنَّهُ لَا سُكْنَى إلَّا أَذَانَ الصَّلَاةِ، وَعَلَيْهِ فَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ لِلْعَهْدِ فَلْيُرَاجَعْ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لِسَامِعِهِ أَنَّهُ يُجِيبُ وَلَوْ بِصَوْتٍ لَمْ يَفْهَمْهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةَ حَجّ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَعِبَارَتُهُ عَلَى الْمِنْهَاجِ: وَيُسَنُّ لِسَامِعِهِ كَالْإِقَامَةِ بِأَنْ يُفَسِّرَ اللَّفْظَ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَدَّ بِسَمَاعِهِ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي السُّورَةِ لِلْإِمَامِ انْتَهَى. وَفِي سم عَلَى الْبَهْجَةِ قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَوْ ثَنَّى حَنَفِيٌّ احْتَمَلَ أَنَّهُ لَا يُجِيبُهُ فِي الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ يَرَاهَا خِلَافَ السُّنَّةِ وَقِيَاسًا عَلَى الِاعْتِبَارِ بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ وَكَمَا لَوْ زَادَ فِي الْأَذَانِ تَكْبِيرًا أَوْ غَيْرَهُ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُتَابِعُهُ انْتَهَى. وَهُوَ مُتَّجَهٌ جِدًّا وَإِنْ أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ فِي اعْتِقَادِ الْآتِي بِهَا سُنَّةُ الْإِقَامَةِ فَيُنْدَبُ إجَابَتُهَا، وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اعْتِبَارِ عَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ بِأَنَّ الْإِمَامَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ رَابِطَةٍ وَهِيَ مُتَعَذِّرَةٌ مَعَ اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ بُطْلَانَ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَهُنَا لَا يَحْتَاجُ لِرَابِطَةٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ فِي الْأَذَانِ بِأَنَّهُ لَا قَائِلَ بِهَا يُعْتَدُّ بِهِ فَلَمْ يُرَاعِ خِلَافَهُ، بِخِلَافِ تَثْنِيَةِ كَلَامِ الْإِقَامَةِ انْتَهَى فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي فَلَوْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ يُثَنِّي الْإِقَامَةَ فَهَلْ يُثَنِّي السَّامِعُ إلَخْ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا.
[فَرْعٌ] لَوْ دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي أَثْنَاءِ الْأَذَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ، فَفِي الْعُبَابِ تَبَعًا لِمَا اخْتَارَهُ أَبُو شُكَيْلٍ أَنَّهُ يُجِيبُ قَائِمًا ثُمَّ يُصَلِّي التَّحِيَّةَ بِخِفَّةٍ لِيَسْمَعَ أَوَّلَ الْخُطْبَةِ سم عَلَى حَجّ. وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ يُصَلِّي ثُمَّ يُجِيبُ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّ الْإِجَابَةَ لَا تَفُوتُ بِطُولِ الْفَصْلِ مَا لَمْ يَفْحُشُ الطُّولُ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِالْإِجَابَةِ وَالْخَطِيبُ يَخْطُبُ، بِخِلَافِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَسَبَبُهُ التَّطْوِيلُ) أَيْ: خَشْيَتُهُ
(قَوْلُهُ: وَمُسْتَمِعِهِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute