للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَهُ أَجِيرٌ لِذَلِكَ وَلَمْ يَتَوَسَّمْ مِنْ نَحْوِ صِدِّيقٍ إعَانَتَهُ فَلَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ عَلَيْهَا وَهِيَ سَائِرَةٌ إلَى جِهَةِ مَقْصِدِهِ وَيُومِئُ وَيُعِيدُ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ السَّرِيرِ صِحَّةُ مَا أَفَادَهُ الْبَدْرُ بْنُ شُهْبَةَ حَيْثُ قَالَ: وَقَضِيَّةُ هَذَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ فِي الْمِحَفَّةِ السَّائِرَةِ، لِأَنَّ مَنْ بِيَدِهِ زِمَامُ الدَّابَّةِ يُرَاعِي الْقِبْلَةَ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ يَحْتَاجُ إلَيْهَا، وَفَرَّقَ الْمُتَوَلِّي بَيْنَ الدَّابَّةِ السَّائِرَةِ بِنَفْسِهَا وَبَيْنَ الرِّجَالِ السَّائِرِينَ بِالسَّرِيرِ بِأَنَّ الدَّابَّةَ لَا تَكَادُ تَثْبُتُ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا تُرَاعِي الْجِهَةَ، بِخِلَافِ الرِّجَالِ، قَالَ: حَتَّى لَوْ كَانَ لِلدَّابَّةِ مَنْ يَلْزَمُ لِجَامَهَا وَيُسَيِّرُهَا بِحَيْثُ لَا تَخْتَلِفُ الْجِهَةُ جَازَ ذَلِكَ، وَسَبَقَهُ إلَى هَذَا الْأَخِيرِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَمَا نَظَرَ بِهِ فِي كَلَامِ الْمُتَوَلِّي صَاحِبُ الْإِسْعَادِ بِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ مُرَاعَاةُ السَّائِرِ بِنَفْسِهِ الِاسْتِقْبَالَ اخْتِيَارًا وَلَا اخْتِيَارَ لِلدَّابَّةِ وَلَيْسَ سَيْرُهَا كَالْحَاصِلِ لِلسَّائِرِ بِنَفْسِهِ يُرَدُّ بِأَنَّ الْعِلَّةَ لَيْسَتْ هِيَ اخْتِيَارَ السَّائِرِ إذْ لَا يَصِحُّ مَنَاطًا لِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهِ بَلْ الْأَمْنُ مِنْ التَّحَوُّلِ عَنْ الْقِبْلَةِ بِالِانْحِرَافِ الْمُبْطِلِ لِصَلَاتِهِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَفَرَّقَ غَيْرُ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّ السَّرِيرَ مَنْسُوبٌ لِحَامِلِهِ دُونَ رَاكِبِهِ وَلِهَذَا اُحْتِيجَ فِي وُقُوعِ الطَّوَافِ لِلْمَحْمُولِ إلَى قَرِينَةٍ تَصْرِفُهُ عَنْ الْحَامِلِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّ سَيْرَ الدَّابَّةِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ أَنَّهَا لَوْ مَشَتْ بِهِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ بَطَلَتْ بِثَلَاثِ خُطُوَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ، وَمِثْلُهَا الْوَثْبَةُ الْفَاحِشَةُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَشَمَلَ كَلَامُهُ الصَّلَاةَ الْمَنْذُورَةَ وَيَلْحَقُ بِهَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ لِسُلُوكِهِمْ بِالْأُولَى مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ، وَلِأَنَّ الرُّكْنَ الْأَعْظَمَ فِي الثَّانِيَةِ الْقِيَامُ وَفِعْلُهَا عَلَى الدَّابَّةِ يَمْحُو صُورَتَهَا، وَلِنُدْرَةِ هَذِهِ الصَّلَاةِ وَلِاحْتِرَامِ الْمَيِّتِ حَتَّى لَوْ فُرِضَ إتْمَامُهُ عَلَيْهَا فَكَذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ كَالْقُونَوِيِّ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ فِي النَّفْلِ إنَّمَا كَانَتْ لِكَثْرَتِهِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مُطْلَقًا بِخِلَافِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَوَسَّمْ) أَيْ لَمْ يَجُزْ مِنْ نَحْوِ صَدِيقٍ ذَلِكَ بِعَلَامَةٍ (قَوْلُهُ: فِي الْمِحَفَّةِ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَالْمِحَفَّةِ بِالْكَسْرِ مَرْكَبٌ مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ كَالْهَوْدَجِ إلَّا أَنَّهَا لَا تُقَبَّبُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ) وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِمَّا يَأْتِي عَنْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الدَّابَّةَ لَا تَكَادُ تَثْبُتُ) وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانُوا مَمْلُوكِينَ لِلْمَحْمُولِ أَوْ مَأْمُورِينَ لَهُ وَإِنْ كَانُوا أَعْجَمِيِّينَ يَعْتَقِدُونَ وُجُوبَ طَاعَتِهِ فَتَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ فَلَا يُقَالُ: مِلْكُهُ لَهُمْ وَاعْتِقَادُهُمْ وُجُوبَ طَاعَتِهِ صَيَّرَ سَيْرَهُمْ مَنْسُوبًا إلَيْهِ.

لِأَنَّا نَقُولُ: الْعِلَّةُ فِي الصِّحَّةِ لُزُومُهُمْ جِهَةً وَاحِدَةً وَعَقْلُهُمْ يَقْتَضِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانُوا مِلْكًا أَوْ اعْتَقَدُوا الْوُجُوبَ (قَوْلُهُ: جَازَ ذَلِكَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا الْوَثْبَةُ الْفَاحِشَةُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلِنُدْرَةِ هَذِهِ الصَّلَاةِ) قَالَ حَجّ: وَالْفَرْقُ بِهَذَا أَوْلَى مِنْ الْفَرْقِ بِأَنَّ الْجُلُوسَ يَمْحُو صُورَتَهَا لِأَنَّهُ مُنْتَقَضٌ بِامْتِنَاعِ فِعْلِهَا عَلَى السَّائِرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مَعَ بَقَاءِ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ فُرِضَ إتْمَامُهُ) أَيْ الْقِيَامُ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ) أَيْ لَا يَصِحُّ حَيْثُ كَانَتْ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَالدَّابَّةُ سَائِرَةٌ.

أَمَّا إذَا كَانَتْ لَهَا وَهِيَ وَاقِفَةٌ فَلَا وَجْهَ لِعَدَمِ الصِّحَّةِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ إتْمَامُهُ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِيهِ رَاجِعٌ لِلْقِيَامِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ.

وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ صَلَّى شَخْصٌ قَادِرٌ عَلَى النُّزُولِ فَرْضًا وَلَوْ نَذْرًا وَكَذَا صَلَاةُ جِنَازَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَهِيَ وَاقِفَةٌ جَازَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَيُومِئُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ هُوَ مُضِرٌّ؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ لَازِمَةٌ حِينَئِذٍ، وَإِنْ أَتَمَّ الْأَرْكَانَ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا لَوْ مَشَتْ) أَيْ حَيْثُ اشْتَرَطْنَا وُقُوفَهَا، فَهُوَ رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ، وَكَأَنَّهُ أَخْرَجَ بِقَوْلِهِ مَشَتْ مَا إذَا تَحَرَّكَتْ؛ إذْ تَحَرُّكُهَا لَيْسَ مَنْسُوبًا إلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ) أَيْ فِي خُصُوصِ قَوْلِهِ أَوْ سَائِرَةً فَلَا وَإِلَّا يَلْزَمُ عَلَيْهِ خَلَلٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِهَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ) أَيْ فَلَمْ يَشْمَلْهَا كَلَامُهُ، لَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ فِي حَلِّ الْمَتْنِ عَيْنِيًّا أَوْ غَيْرَهُ، وَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ

<<  <  ج: ص:  >  >>