للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَخْذُ بِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ بِالْمَسِّ وَيَعْتَمِدُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْمَسَّ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ قَبْلَ الْعَمَى فَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَوَاضِعُ لَمْسِهَا صَبَرَ فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ صَلَّى كَيْفَ اتَّفَقَ وَأَعَادَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي (فَإِنْ فَقَدَ) مَا ذُكِرَ (وَأَمْكَنَهُ الِاجْتِهَادُ) بِأَنْ كَانَ بَصِيرًا يَعْرِفُ أَدِلَّةَ الْقِبْلَةِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ وَأَضْعَفُهَا الرِّيَاحُ لِاخْتِلَافِهَا وَأَقْوَاهَا الْقُطْبُ قَالَا وَهُوَ نَجْمٌ صَغِيرٌ فِي بَنَاتِ نَعْشِ الصُّغْرَى بَيْنَ الْفَرْقَدَيْنِ وَالْجَدْيِ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَقَالِيمِ، فَفِي الْعِرَاقِ يَجْعَلُهُ الْمُصَلِّي خَلْفَ أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَفِي مِصْرَ خَلْف الْيُسْرَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْأَخْذُ بِخَبَرِ الْغَيْرِ إلَخْ، فَلَعَلَّ ذِكْرَهُ هُنَا لِبَيَانِ الْمَأْخَذِ لَا لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: الْأَخْذُ بِهِ) أَيْ بِالْخَبَرِ (قَوْلُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ) عِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالِاجْتِهَادِ فَعَلِمَ أَنَّ مَنْ بِالْمَسْجِدِ وَهُوَ أَعْمَى أَوْ فِي ظُلْمَةٍ لَا يَعْتَمِدُ إلَّا بِالْمَسِّ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ بِهِ الْيَقِينُ أَوْ إخْبَارُ عَدَدِ التَّوَاتُرِ، وَكَذَا قَرِينَةٌ قَطْعِيَّةٌ بِأَنْ كَانَ قَدْ رَأَى مَحَلًّا فِيهِ مَنْ جَعَلَ ظَهْرَهُ لَهُ مَثَلًا يَكُونُ مُسْتَقْبِلًا أَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ عَدَدُ التَّوَاتُرِ اهـ (قَوْلُهُ: بِالْمَسِّ) أَيْ حَيْثُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِيهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي وُجُوبِ سُؤَالِ مَنْ يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ وَفِي عَدَمِ تَكْلِيفِ صُعُودِهِ، بَلْ أَوْ دُخُولُ الْمَسْجِدِ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِحُصُولِ الْمَشَقَّةِ.

وَفِي حَاشِيَةِ سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَلَا حَائِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا: أَيْ وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي عِلْمِهَا، بِخِلَافِ الْأَعْمَى مَثَلًا إذَا أَمْكَنَهُ التَّحْسِيسُ عَلَيْهَا لَكِنْ بِمَشَقَّةٍ كَكَثْرَةِ الصُّفُوفِ وَالزِّحَامِ فَيَكُونُ كَالْحَائِلِ، هَكَذَا ظَهَرَ وَعَرَضْتُهُ عَلَى شَيْخِنَا طب فَوَافَقَ عَلَيْهِ اهـ.

وَعِبَارَتُهُ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ نَصُّهَا: وَقِيَاسُ هَذَا الَّذِي مَرَّ أَنَّ الْأَعْمَى وَمَنْ فِي ظُلْمَةٍ إذَا كَانَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ مَسْجِدٍ بِهِ مِحْرَابٌ مُعْتَمَدٌ وَشُقَّ عَلَيْهِ الْوُصُولُ لِلْكَعْبَةِ أَوْ الْمِحْرَابِ قَلَّدَ ثِقَةً إنْ وَجَدَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ الِاجْتِهَادُ وَهُوَ قَرِيبٌ، لَكِنْ قَدْ يُخَالِفُهُ قَوْلُهُمَا: وَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ: أَيْ عَلَى الْأَعْمَى مَوَاضِعُ لَمْسِهَا: أَيْ بِأَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْمِحْرَابُ بِغَيْرِهِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَصْبِرُ حَتَّى يُخْبِرَهُ غَيْرُهُ صَرِيحًا، فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَأَعَادَ اهـ.

فَقَدْ مَنَعْنَاهُ الِاجْتِهَادَ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْيَقِينِ بِالْمَسِّ لِلِاشْتِبَاهِ، فَكَيْفَ عِنْدَ إمْكَانِهِ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ الْمَسَّ ثُمَّ فِي نَفْسِهِ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ، لَكِنْ مُنِعَ مِنْهُ الِاشْتِبَاهُ الْمَنْسُوبُ فِيهِ إلَى تَقْصِيرٍ فَلَمْ يُعْذَرْ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ فِيهِ مَشَقَّةً فَعُذِرَ فِيهِ، وَلَوْلَا النَّظَرُ إلَى الْمَشَقَّةِ لَأَوْجَبْنَا صُعُودَ الْحَائِلِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْعَمَى) أَيْ أَوْ قَبْلَ الظُّلْمَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُدْرِكْهَا بِتَمَامِهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَقَدَ مَا ذُكِرَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ لَا يُكَلَّفُ تَحْصِيلَ الْمَاءِ مِنْهُ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ بَصِيرًا) مِثْلُهُ فِي الْمَحَلِّيِّ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ لَا يَعْرِفُ أَدِلَّتَهَا لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ، وَيُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الِاجْتِهَادِ وَتُعَلَّمْ الْأَدِلَّةِ كَأَعْمَى قَلَّدَ ثِقَةً عَارِفًا وَإِنْ قَدَرَ فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ التَّعَلُّمِ.

وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْرِفَةِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ حَاصِلَةً بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمَ (قَوْلُهُ وَأَقْوَاهَا الْقُطْبُ) عِبَارَةُ حَجّ: وَأَقْوَاهَا الْقُطْبُ الشَّمَالِيُّ بِتَثْلِيثِ الْقَافِ (قَوْلُهُ: فِي بَنَاتِ نَعْشَ) اتَّفَقَ سِيبَوَيْهِ وَالْفَرَّاءُ عَلَى تَرْكِ صَرْفِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ مَسْجِدَ مِحْرَابِهِ مُعْتَمَدٌ وَشَقَّ عَلَيْهِ لَمْسُ الْكَعْبَةِ فِي الْأَوَّلِ أَوْ الْمِحْرَابِ فِي الثَّانِي لِامْتِلَاءِ الْمَحَلِّ بِالنَّاسِ أَوْ لِامْتِدَادِ الصُّفُوفِ لِلصَّلَاةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ سَقَطَ عَنْهُ وُجُوبُ اللَّمْسِ وَجَازَ لَهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ.

قَالَ: وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَفِي ذَلِكَ مَزِيدٌ فِي شَرْحِنَا لِأَبِي شُجَاعٍ انْتَهَى (قَوْلُهُ: مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ بِالْمَسِّ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْمَسُّ يُفِيدُهُ الْيَقِينُ فِي الْجِهَةِ دُونَ الْعَيْنِ كَمَا فِي مَحَارِيبِ بَلْدَتِنَا رَشِيدٍ الْمَطْعُونِ فِيهَا تَيَامُنًا وَتَيَاسُرًا لَا جِهَةً، وَهُوَ مَفْهُومٌ مِمَّا مَرَّ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ، وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ عَلَى الْأَعْمَى لَمْسُ حَوَائِطِهَا لِيَسْتَفِيدَ الْيَقِينَ فِي الْجِهَةِ ثُمَّ يُقَلِّدَ فِي التَّيَامُنِ وَالتَّيَاسُرِ هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ الِاجْتِهَادُ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ عَارِفٌ بِالْأَدِلَّةِ بِالْفِعْلِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>