للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إطْلَاقُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ دَلِيلُ الثَّانِي أَرْجَحَ بِدَلِيلِ تَقْيِيدِهِمْ اقْتِرَانَ ظُهُورِ الصَّوَابِ بِظُهُورِ الْخَطَأِ، إذْ كَيْفَ يَظْهَرُ لَهُ الصَّوَابُ مَعَ التَّسَاوِي الْمُقْتَضِي لِلشَّكِّ.

وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ بَلْ هُوَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأُمِّ وَاتِّفَاقُ الْأَصْحَابِ: لَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ شَكَّ وَلَمْ يَتَرَجَّحْ لَهُ جِهَةٌ أَتَمَّهَا إلَى جِهَتِهِ وَلَا إعَادَةَ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عَلِمَ أَنَّ مَحَلَّ الْعَمَلِ بِالثَّانِي فِي الصَّلَاةِ وَاسْتِمْرَارَ صِحَّتِهَا إذَا ظَنَّ الصَّوَابَ مُقَارِنًا لِظُهُورِ الْخَطَأِ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَظُنَّهُ مُقَارِنًا بَطَلَتْ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الصَّوَابِ عَلَى قُرْبٍ لَمَضَى جُزْءٌ مِنْهَا إلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ، وَلَوْ اجْتَهَدَ اثْنَانِ فِي الْقِبْلَةِ وَاتَّفَقَ اجْتِهَادُهَا وَاقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَزِمَهُ الِانْحِرَافُ إلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ، وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ الْمُفَارَقَةَ وَإِنْ اخْتَلَفَا تَيَامُنًا وَتَيَاسُرًا، وَذَلِكَ عُذْرٌ فِي مُفَارَقَةِ الْمَأْمُومِ. وَلَوْ قَالَ مُجْتَهِدٌ لِمُقَلِّدٍ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ أَخْطَأَ بِكَ فُلَانٌ وَالْمُجْتَهِدُ الثَّانِي أَعْرَفُ عِنْدَهُ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرُ عَدَالَةً كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ، أَوْ قَالَ لَهُ أَنْتَ عَلَى الْخَطَأِ قَطْعًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَعْرَفَ عِنْدَهُ مِنْ الْأَوَّلِ تَحَوَّلَ إنْ بَانَ لَهُ الصَّوَابُ مُقَارِنًا لِلْقَوْلِ بِأَنْ أَخْبَرَ بِهِ وَبِالْخَطَأِ مَعًا، لِبُطْلَانِ تَقْلِيدِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِ مَنْ هُوَ أَرْجَحُ مِنْهُ فِي الْأُولَى، وَبِقَطْعِ الْقَاطِعِ فِي الثَّانِيَةِ، فَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ أَيْضًا فِي الثَّانِيَةِ قُطِعَ بِأَنَّ الصَّوَابَ مَا ذَكَرَهُ وَلَمْ يَكُنْ الثَّانِي أَعْلَمَ لَمْ يُؤَثِّرْ، قَالَهُ الْإِمَامُ، فَإِنْ لَمْ يَبِنْ لَهُ الصَّوَابُ مُقَارِنًا بَطَلَتْ وَإِنْ بَانَ لَهُ الصَّوَابُ عَنْ قُرْبٍ لِمَا مَرَّ، وَلَوْ قِيلَ لِأَعْمًى وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ صَلَاتُك إلَى الشَّمْسِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ قِبْلَتَهُ غَيْرُهَا اسْتَأْنَفَ لِبُطْلَانِ تَقْلِيدِ الْأَوَّلِ بِذَلِكَ، وَإِنْ أَبْصَرَ وَهُوَ فِي أَثْنَائِهَا وَعَلِمَ أَنَّهُ عَلَى الْإِصَابَةِ لِلْقِبْلَةِ لِمِحْرَابٍ أَوْ نَجْمٍ أَوْ خَبَرِ ثِقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَتَمَّهَا أَوْ عَلَى الْخَطَأِ أَوْ تَرَدُّدٍ بَطَلَتْ لِانْتِفَاءِ ظَنِّ الْإِصَابَةِ، وَإِنْ ظَنَّ الصَّوَابَ غَيْرَهَا انْحَرَفَ إلَى مَا ظَنَّهُ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَبَيْنَ مَا لَوْ حَصَلَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِهَا (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ) أَيْ التَّفْصِيلَ بَيْنَ كَوْنِهِ فِيهَا وَخَارِجَهَا (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَظَهَرَ لَهُ أَنَّ الصَّوَابَ فِي جِهَةٍ إلَخْ، وَمِنْ قَوْلِهِ عَمِلَ بِالثَّانِي حَتْمًا إنْ تَرَجَّحَ، فَإِنَّ مَعْنَى الْعَمَلِ بِالثَّانِي أَنْ يَتَحَوَّلَ إلَى جِهَتِهِ فَوْرًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَتَأَتَّى حَيْثُ كَانَ ظُهُورُ الصَّوَابِ مُقَارِنًا لِلْخَطَأِ (قَوْلُهُ: مُقَارِنًا لِظُهُورِ الْخَطَأِ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُقَارَنَةِ مَا هُوَ الْأَعَمُّ مِنْ الْمُقَارَنَةِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ لَمْ يَمْضِ قَبْلَ ظُهُورِ الصَّوَابِ مَا يَسَعُ رُكْنًا، كَمَا لَوْ تَرَدَّدَ فِي النِّيَّةِ وَزَالَ تَرَدُّدُهُ فَوْرًا، وَكَمَا لَوْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ نِسْيَانًا أَوْ دَارَتْ بِهِ السَّفِينَةُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ حَيْثُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِعَوْدِهِ فَوْرًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا) غَايَةً: أَيْ وَلَا يَكُونُ التَّخَالُفُ مُغْنِيًا عَنْ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَهَذَا مَحَلُّهُ حَيْثُ عَلِمَ بِانْحِرَافِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الِانْحِرَافَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَظْهَرَ وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُ أَعْمَى. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ فَرْضِهِ صَبْرًا عَلَى الْقَوْلِ بِهِ عِنْدَ تَبَيُّنِ نَجَاسَةٍ بِثَوْبِ الْإِمَامِ بِأَنَّ الشُّعُورَ بِالِانْحِرَافِ أَقْرَبُ مِنْ الشُّعُورِ بِنَجَاسَةِ ثَوْبِ الْإِمَامِ فِي حَقِّ الْأَعْمَى لِأَنَّهَا لَا طَرِيقَ لِإِدْرَاكِهَا إلَّا الْبَصَرُ وَالِانْحِرَافُ قَدْ يُدْرِكُهُ بِالسَّمْعِ.

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ عُذْرٌ) أَيْ فَلَا تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: تَحَوَّلَ) أَيْ وُجُوبًا، وَيُفَارِقُ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ نَدْبِ الْأَخْذِ بِقَوْلِ الْأَعْلَمِ إذَا اخْتَلَفَا عَلَيْهِ خَارِجَهَا بِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ دَعْوَى أَحَدِ الْمُجْتَهِدَيْنِ الْخَطَأَ عَلَى الْآخَرِ وَلَا دَعْوَى خَطَأِ الْخِلَافِ مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَإِنَّمَا لَمْ نُوجِبْ الِاسْتِئْنَافَ لِأَنَّ مُجَرَّدَ قَوْلِهِ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ تَيَقُّنَ خَطَأِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ الثَّانِي أَعْلَمَ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّانِي أَعْلَمَ أَثَّرَ وَهَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ وُجُوبُ الْأَخْذِ بِقَوْلِ الثَّانِي أَوْ الْأَوْلَوِيَّةُ فَقَطْ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَبَادِرُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: انْحَرَفَ إلَى مَا ظَنَّهُ) أَيْ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>