للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ ذِي السَّبَبِ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ وَرَكْعَتَا الْوُضُوءِ وَالْإِحْرَامِ وَالِاسْتِخَارَةِ وَالطَّوَافِ وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَسُنَّةُ الزَّوَالِ وَصَلَاةُ الْغَفْلَةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصَّلَاةُ فِي بَيْتِهِ إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ لِلسَّفَرِ وَالْمُسَافِرُ إذَا نَزَلَ مَنْزِلًا وَأَرَادَ مُفَارَقَتَهُ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ فِي الْأُولَى وَالْإِحْيَاءُ فِي الثَّانِيَةِ وَقِيَاسًا عَلَيْهِمَا فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِكُلِّ صَلَاةٍ وَإِنْ نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي الثَّالِثَةِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهَا ذَلِكَ.

وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذَا الْمَقَامِ عَدَمُ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّ هَذَا الْمَفْعُولَ لَيْسَ عَيْنَ ذَلِكَ الْمُقَيَّدِ وَإِنَّمَا هُوَ نَفْلٌ مُطْلَقٌ حَصَلَ بِهِ مَقْصُودُ ذَلِكَ الْمُقَيَّدِ.

وَالْوِتْرُ صَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَا تَجِبُ إضَافَتُهَا إلَى الْعِشَاءِ، بَلْ يَنْوِي سُنَّةَ الْوِتْرِ، وَيَنْوِي بِجَمِيعِهِ إنْ أَوْتَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةِ الْوِتْرِ أَيْضًا وَإِنْ فَصَلَهُ كَمَا يَنْوِي التَّرَاوِيحَ بِجَمِيعِهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَنْوِي فِي الْأَخِيرَةِ مِنْهُ وَفِيمَا سِوَاهَا الْوِتْرَ أَوْ سُنَّتَهُ، وَيَتَخَيَّرُ فِيمَا سِوَى الْأَخِيرَةِ مِنْهُ إذَا فَصَلَهُ بَيْنَ نِيَّةِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَمُقَدِّمَةِ الْوِتْرِ وَسُنَّتِهِ وَهِيَ أَوْلَى.

قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَالِيَّةٌ وَتَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ، وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهَا فِي الْجُمْلَةِ بِأَنْ كَانَتْ بِالْمَالِ وَقُدِّمَتْ عَلَى الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ بِالْإِضَافَةِ إلَى السَّبَبِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ (قَوْلُهُ وَصَلَاةُ الْحَاجَةِ) وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ (قَوْلُهُ: وَسُنَّةُ الزَّوَالِ) سَيَأْتِي أَنَّ ذَاتَ السَّبَبِ تَفُوتُ بِزَوَالِهِ، وَعَلَيْهِ فَلْيُنْظَرْ بِمَاذَا تَفُوتُ سُنَّةُ الزَّوَالِ هَلْ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ أَوْ بِطُولِ الزَّمَنِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ فَوَاتِهَا لِأَنَّهَا طُلِبَتْ بَعْدَ الزَّوَالِ، فَالزَّوَالُ سَبَبٌ لِطَلَبِ فِعْلِهَا وَهُوَ بَاقٍ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ فَلْيُرَاجَعْ، وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ دَخَلَ الْوَقْتُ وَلَمْ يُصَلِّ مَا تَحْصُلُ بِهِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَأَنْ صَلَّى سُنَّةَ الظُّهْرِ أَوْ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ مَثَلًا بَعْدَ الزَّوَالِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَهَا فَهَلْ تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْعِبَادَةَ إذَا لَمْ تُطْلَبْ لَا تَنْعَقِدُ، وَهَذِهِ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ حِينَئِذٍ لِدُخُولِهَا فِيمَا صَلَّاهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا.

وَقِيَاسُ عَدَمِ حُصُولِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إذَا نَفَاهَا انْتِفَاءَ سُنَّةِ الزَّوَالِ إذَا فَعَلَ سُنَّةَ الظُّهْرِ مَثَلًا وَنَفَى سُنَّةَ الزَّوَالِ عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةُ فِي بَيْتِهِ) وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ (قَوْلُهُ: وَالْمُسَافِرُ إذَا نَزَلَ) وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ رَكْعَتَا الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِذَلِكَ صَلَاةُ التَّوْبَةِ وَرَكْعَتَا الْقَتْلِ وَعِنْدَ الزِّفَافِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا قُصِدَ بِهِ مُجَرَّدُ الشُّغْلِ بِالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: حَصَلَ بِهِ مَقْصُودُ ذَلِكَ) كَشُغْلِ الْبُقْعَةِ فِي حَقِّ دَاخِلِ الْمَسْجِدِ وَإِيقَاعِ صَلَاةٍ بَعْدَ الْوُضُوءِ فِي حَقِّ الْمُتَوَضِّئِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ الْمَقْصُودُ إلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ نَفْسَهُ لَمْ يَحْصُلْ، فَلَا يُقَالُ صَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ مَثَلًا وَإِنَّمَا يُقَالُ صَلَّى صَلَاةً حَصَلَ بِهَا الْمَقْصُودُ مِنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَعَلَى هَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي سُنَّةَ الْوُضُوءِ أَوْ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ مَثَلًا لَا يَحْنَثُ بِمَا صَلَّاهُ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُ مَا حَلَفَ عَلَى عَدَمِ فِعْلِهِ، وَكَذَا لَا يَحْصُلُ ثَوَابُهَا حَيْثُ لَمْ تُنْوَ وَإِنْ سَقَطَ الطَّلَبُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُعِيدَ التَّحِيَّةَ هَلْ تَصِحُّ أَمْ لَا لِدُخُولِهَا فِي ضِمْنِ مَا فَعَلَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِحُصُولِهَا بِمَا فَعَلَهُ أَوَّلًا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا قَالُوهُ فِي الْجَنَائِزِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ أَعَادَ مِرَارًا وَلَوْ مُنْفَرِدًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ سَقَطَ فِعْلُهَا، لِأَنَّ تِلْكَ خَرَجَتْ عَنْ النَّظَائِرِ لِغَرَضِ حُصُولِ الرَّحْمَةِ لِلْمَيِّتِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ إضَافَتُهَا) أَيْ فَلَوْ أَضَافَهَا لَهَا صَحَّ كَأَنْ قَالَ وِتْرَ الْعِشَاءِ، وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ الْوِتْرُ الْمَطْلُوبُ بَعْدَ الْعِشَاءِ، بَلْ قَدْ يُشْعِرُ بِسِنِّ الْإِضَافَةِ اقْتِصَارُهُ عَلَى نَفْيِ الْوُجُوبِ حَيْثُ قَالَ: فَلَا يَجِبُ دُونَ فَلَا يَطْلُبُ (قَوْلُهُ: وَسُنَّتُهُ) هَذِهِ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ سُنَّتُهُ، وَلَعَلَّ ذِكْرَهَا هُنَا لِقَوْلِهِ وَهِيَ أَوْلَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَا ذِي السَّبَبِ، وَلَعَلَّ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ سَقْطًا (قَوْلُهُ: وَسُنَّةِ الزَّوَالِ وَصَلَاةِ الْغَفْلَةِ) هَاتَانِ ذَاتَا وَقْتٍ لَا سَبَبٍ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ إضَافَتُهَا إلَى الْعِشَاءِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ يَجُوزُ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ قَالَ: الْوِتْرُ سُنَّةُ الْعِشَاءِ، فَلَا يَصِحُّ إذَا لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الْوِتْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا بِقَوْلِهِمْ: وَلَا تُضَافُ إلَى الْعِشَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>