للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ كَانَتْ قُرْآنًا لَكَفَرَ جَاحِدُهَا.

لِأَنَّا نَقُولُ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ قُرْآنًا لَكَفَرَ مُثْبِتُهَا، وَأَيْضًا فَالتَّكْفِيرُ لَا يَكُونُ بِالظَّنِّيَّاتِ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ تُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا، لَا لِخَلَلٍ فِي الصِّحَّةِ وَإِنَّمَا هِيَ لِحِيَازَةِ فَضِيلَةٍ، كَأَنْ صَلَّى الْمَرِيضُ قَاعِدًا ثُمَّ وَجَدَ خِفَّةً بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ لِيَرْكَعَ، وَإِذَا قَامَ اُسْتُحِبَّ لَهُ إعَادَةُ الْفَاتِحَةِ لِتَقَعَ فِي حَالِ الْكَمَالِ: كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، قَالَ: وَهَكَذَا كُلُّ مَوْضِعٍ انْتَقَلَ إلَى مَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ كَمَا لَوْ صَلَّى مُضْطَجِعًا ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ، وَحِينَئِذٍ إذَا قَرَأَهَا ثَانِيًا قَاعِدًا ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ لِوُجُودِ مَنْ يُمْسِكُهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَيَجِبُ أَنْ يَقُومَ وَتُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهَا، وَإِنْ ضَمَمْت إلَى ذَلِكَ قُدْرَتَهُ عَلَى الْقِيَامِ إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ قَبْلَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ فَيَزِيدُ أَيْضًا اسْتِحْبَابُهَا وَيَنْتَظِمُ مِنْهُ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَأَبْلَغُ مِمَّا سَبَقَ وُجُوبُ تَكْرِيرِ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَأَكْثَرَ، كَأَنْ نَدَرَ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ كُلَّمَا عَطَسَ فَعَطَسَ فِي صَلَاتِهِ: فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ وَجَبَ عَلَيْهِ.

أَنْ يَقْرَأَ إذَا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْقِيَامِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ حَالًا لِأَنَّ تَكْرِيرَ الْفَاتِحَةِ لَا يَضُرُّ، كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ مِنْ فَتَاوِيهِ (وَتَشْدِيدَاتُهَا) مِنْهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَتُهَا فَلَا يُخِلُّ بِشَيْءٍ مِنْهَا حَيْثُ كَانَ قَدْرًا لِأَنَّهَا هَيْئَاتٌ لِحُرُوفِهَا، وَالْحَرْفُ الْمُشَدَّدُ بِحَرْفَيْنِ، وَهِيَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شَدَّةً مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْبَسْمَلَةِ، فَلَوْ خَفَّفَ مِنْهَا تَشْدِيدَةً لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَةُ تِلْكَ الْكَلِمَةِ لِتَغْيِيرِهِ نَظْمَهَا، بَلْ تَرْكُهُ التَّشْدِيدَ مِنْ إيَّاكَ نَعْبُدُ مُتَعَمِّدًا عَارِفًا مَعْنَاهُ يَكْفُرُ بِهِ كَمَا قَالَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَأَرِقَّاءَ وَإِنَاثًا، وَشَمَلَتْ الْعِبَارَةُ الصِّبْيَانَ الْمُمَيَّزِينَ (قَوْلُهُ: فَالتَّكْفِيرُ لَا يَكُونُ بِالظَّنِّيَّاتِ) قَالَ حَجّ: وَلَا بِيَقِينِيٍّ لَمْ يَصْحَبْهُ تَوَاتُرٌ وَإِنْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ كَإِنْكَارِ أَنَّ لِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ اهـ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَالِمِ بِهِ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: فَعَطَسَ فِي صَلَاتِهِ) أَوْرَدَ عَلَيْهِ م ر أَنَّ شَرْطَ نَذْرِ التَّبَزُّرِ أَنْ يَكُونَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مَرْغُوبًا فِيهِ وَالْعُطَاسُ لَيْسَ مَرْغُوبًا فِيهِ، فَقَالَ بَلْ مَرْغُوبٌ فِيهِ لِأَنَّ فِيهِ رَاحَةً لِلْبَدَنِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ م ر (قَوْلُهُ أَنْ يَقْرَأَ إذَا فَرَغَ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ إلَى فَرَاغِ الصَّلَاةِ وَلَا يُكَلَّفُ الْقِرَاءَةَ فِي الرُّكُوعِ وَنَحْوِهِ، فَلَوْ خَالَفَ وَقَرَأَ فِي الرُّكُوعِ أَوْ غَيْرِهِ اعْتَدَّ بِقِرَاءَتِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي الْمَأْمُومِ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ رُكُوعُ الْإِمَامِ، فَإِنْ عَارَضَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُتَابِعَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَيَتَدَارَكَ بَعْدُ، ثُمَّ قَوْلُهُ حَالًا ظَاهِرٌ إنْ عَطَسَ بَعْدَ فَرَاغِ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْمِلَ الْفَاتِحَةَ عَنْ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ ثُمَّ يَأْتِيَ بِهَا عَنْ النَّذْرِ إنْ أَمِنَ رُكُوعَ الْإِمَامِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا أَخَّرَهَا إلَى تَمَامِ الصَّلَاةِ.

وَبَقِيَ مَا لَوْ عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ جُنُبٌ، هَلْ يَقْرَأُ وَهُوَ جُنُبٌ أَوْ يُؤَخِّرُ الْقِرَاءَةَ إلَى أَنْ يَغْتَسِلَ وَيَكُونَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ الْمَنْذُورَةَ لَيْسَ لَهَا وَقْتٌ مَحْدُودٌ تَفُوتُ بِسَبَبِهِ فَهِيَ مِنْ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ، وَلَا يَجِبُ فِيهِ فَوْرٌ حَتَّى لَوْ نَذَرَ أَنْ يَقْرَأَ عَقِبَ الْعُطَاسِ كَانَ مَحْمُولًا عَلَى عَدَمِ الْمَانِعِ وَهَذَا عُذْرٌ فِي التَّأْخِيرِ، وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ عَطَسَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقِرَاءَةِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ لِوُقُوعِ الْقِرَاءَةِ عَنْ الْوَاجِبِ الْقَصْدِ لِأَنَّ طَلَبَهَا لِلْعُطَاسِ صَارِفٌ عَنْ وُقُوعِهَا عَنْ الْوَاجِبِ أَمْ لَا؟ فَإِذَا قَرَأَهَا مَرَّتَيْنِ وَقَعَتْ إحْدَاهُمَا عَنْ الرُّكْنِ وَالْأُخْرَى عَنْ النَّذْرِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَا لِكُلٍّ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ وَقَعَتْ الْقِرَاءَةُ لَغْوًا، وَأَمَّا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَرَكَعَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَإِنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: وَالْحَرْفُ الْمُشَدَّدُ بِحَرْفَيْنِ) لِأَنَّهُ حَرْفَانِ أَوَّلُهُمَا سَاكِنٌ لَا عَكْسُهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَةُ تِلْكَ الْكَلِمَةِ) أَيْ فَيُعِيدُهَا عَلَى الصَّوَابِ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا حَيْثُ لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى وَمِنْ تَخْفِيفِ الْمُشَدَّدِ مَا لَوْ قَرَأَ الرَّحْمَنَ بِفَكِّ الْإِدْغَامِ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ أَلْ لَمَّا ظَهَرَتْ خَلَفَتْ الشَّدَّةَ فَلَمْ يَحْذِفْ شَيْئًا لِأَنَّ ظُهُورَهَا لَحْنٌ وَلَمْ يُمْكِنْ قِيَامُهُ مَقَامَهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ لِتَغْيِيرِهِ نَظْمَهَا) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ لَحَنَ لَحْنًا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى كَفَتْحِ النُّونِ مِنْ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ فَإِذَا كَانَ عَامِدًا عَالِمًا حَرُمَ وَلَمْ تَبْطُلْ بِهِ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ وَلَا بُطْلَانَ، وَمِثْلُهُ فَتْحُ دَالِ نَعْبُدُ، وَلَا تَضُرُّ زِيَادَةُ يَاءٍ بَعْدَ كَافِ مَالِكِ لِأَنَّ كَثِيرًا مَا تَتَوَلَّدُ حُرُوفُ الْإِشْبَاعِ مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>