وَكَإِجَابَةِ مُؤَذِّنٍ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِهَا لِمَصْلَحَتِهَا، فَكَانَ مُشْعِرًا بِالْإِعْرَاضِ وَلِتَغْيِيرِهِ النَّظْمَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، بِخِلَافِهِ مَعَ النِّسْيَانِ فَلَا يَقْطَعُهَا بَلْ يَبْنِي.
وَالذِّكْرُ بِكَسْرِ الذَّالِ بِاللِّسَانِ ضِدُّ الْإِنْصَاتِ وَبِالضَّمِّ بِالْقَلْبِ ضِدُّ النِّسْيَانِ قَالَهُ الْكِسَائِيُّ، وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّهُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى (فَإِنْ تَعَلَّقَ بِالصَّلَاةِ كَتَأْمِينِهِ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ وَفَتْحِهِ عَلَيْهِ) عِنْدَ تَوَقُّفِهِ وَسُكُوتِهِ إذْ الْفَتْحُ تَلْقِينُ الْآيَةِ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا دَامَ يُرَدِّدُهَا، وَكَسُجُودِهِ لِتِلَاوَةِ إمَامِهِ مَعَهُ وَسُؤَالِ رَحْمَةٍ وَاسْتِعَاذَةٍ مِنْ عَذَابٍ عِنْدَ قِرَاءَةِ آيَتِهِمَا (فَلَا) يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَتِهَا فَلَا يَجِبُ اسْتِئْنَافُهَا، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَطَعَ الْمُوَالَاةَ بِهِ، وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا لَمْ يُبَالُوا بِالْقَوْلِ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالتَّكْرِيرِ حِينَئِذٍ إنْ كَانَ بَعْدَ فَرَاغِ الْفَاتِحَةِ لِأَنَّ مُدْرِكَهُ أَضْعَفُ مِنْ مُدْرِكِ الْخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ خِلَافَانِ يُقَدَّمُ أَقْوَاهُمَا وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ أَنَّهُ عِنْدَ التَّعَارُضِ يَتْرُكُ رِعَايَةَ الْقَوْلَيْنِ مَعًا، وَأَفَادَ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ إمْكَانُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَذْهَبَيْنِ وَإِلَّا قَدَّمَ مَذْهَبَهُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَقْطَعُهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْدُوبٍ كَالْحَمْدِ عِنْدَ الْعُطَاسِ وَغَيْرِهِ وَرُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ.
(وَيَقْطَعُ) الْمُوَالَاةَ (السُّكُوتُ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الصَّلَاةِ، فَلَا يُنَافِي مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعُبَابِ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَطَسَ فِي الصَّلَاةِ سُنَّ لَهُ الْحَمْدُ، وَقَالَ فِي بَيَانِهِ سم: لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُسَنُّ لَهُ فِيهَا مَا يَقْطَعُ مُوَالَاتِهَا (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِهِ مَعَ النِّسْيَانِ) أَيْ فَلَا يَقْطَعُهَا: أَيْ وَإِنْ طَالَ مَا أَتَى بِهِ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا حَجّ (قَوْلُهُ: وَفَتَحَهُ عَلَيْهِ عِنْدَ تَوَقُّفِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ التَّوَقُّفُ فِي قِرَاءَةِ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إعَانَةً لِلْإِمَامِ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْمَطْلُوبَةِ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: هَذَا التَّوَقُّفُ تَقُولُ الْعَرَبُ فِيهِ اُرْتُجَّ عَلَيْهِ مُخَفَّفًا مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ إرْتَاجًا مِنْ أَرْتَجْتُ الْبَابَ أَغْلَقْته، وَلَا يَجُوزُ ارْتَجَّ عَلَيْهِ بِالتَّشْدِيدِ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَلَا بُدَّ فِي الْفَتْحِ عَلَيْهِ مِنْ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ وَلَوْ مَعَ الْفَتْحِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ زِيَادِيٌّ.
وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَتَحَ عَلَيْهِ وَشَكَّ بَعْدَ الْفَتْحِ هَلْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ أَمْ لَا هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ) أَيْ لَا يُسَنُّ فَإِنْ فَتَحَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ انْقَطَعَتْ الْمُوَالَاةُ تَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ وَاسْتِعَاذَةٍ مِنْ عَذَابٍ) وَمِنْهُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ قِرَاءَةِ مَا فِيهِ اسْمُهُ فِيمَا يَظْهَرُ بِنَاءً عَلَى اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ، وَهُوَ مَا نَقَلَ سم اعْتِمَادُهُ عَنْ الشَّارِحِ، وَسَيَأْتِي فِيهِ كَلَامٌ لِلشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَالصَّحِيحُ سَنُّ الصَّلَاةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عِنْدَ قِرَاءَةِ آيَتِهِمَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا سَمِعَ سُؤَالَ الْإِمَامِ الرَّحْمَةَ وَالِاسْتِعَاذَةَ مِنْ النَّارِ أَمَّنَ وَلَا يُشَارِكُهُ فِي الدُّعَاءِ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْقُنُوتِ إنْ كَانَ الْإِمَامُ أَتَى بِهِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ فِي الْأَصَحِّ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ عَدَمُ الْقَطْعِ وَلَوْ طَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ عَمِيرَةُ، وَمُقْتَضَى النَّظَرِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: بِالتَّكْرِيرِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ كَرَّرَهَا لِإِتْيَانِهِ بِالذِّكْرِ الْمَارِّ، وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ بَعْدَ فَرَاغِ الْفَاتِحَةِ، قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَرَّرَ آيَةً مِنْ الْفَاتِحَةِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهَا أَوْ قَرَأَ بَعْضَهَا بَعْدَ إتْمَامِهَا لَمْ تَبْطُلْ قَطْعًا، وَلَكِنَّ قَوْلَهُ وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا لَمْ يُبَالُوا إلَخْ، لَا يَظْهَرُ وَجْهُهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَا لَوْ فَتَحَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: وَأَفَادَ أَيْضًا) أَيْ الزَّرْكَشِيُّ (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَقْطَعُهَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الذِّكْرِ الْمُتَعَلِّقِ بِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: كَالْحَمْدِ عِنْدَ الْعُطَاسِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ (قَوْلُهُ لَيْسَ مِنْ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ) قَضِيَّةُ الِاقْتِصَارِ فِي الرَّدِّ عَلَى مَا ذُكِرَ تَسْلِيمُ أَنَّ مَا تَعَلَّقَ بِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ مِنْ التَّأْمِينِ وَالْفَتْحِ لَيْسَ بِمَنْدُوبٍ، وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ مِنْ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُؤَمِّنَ مَعَ إمَامِهِ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ:
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: يَرِدُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ رَدَّ حِينَئِذٍ انْقَطَعَتْ الْمُوَالَاةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بَعْدَ فَرَاغِ الْفَاتِحَةِ) أَيْ الصَّادِقِ بِهِ أَوْلَوِيَّةُ الِاسْتِئْنَافِ إذْ هُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ تَمَّمَ الْفَاتِحَةَ أَوْ لَا، لَكِنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا اسْتَأْنَفَهَا بَعْدَ تَمَامِهَا كَمَا نَبَّهَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute