للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا وَلَيْسَ مِثْلُهُ الْمِنْدِيلَ الَّذِي عَلَى عِمَامَتِهِ وَالْمُلْقَى عَلَى عَاتِقِهِ لِأَنَّهُ مَلْبُوسٌ لَهُ، بِخِلَافِ مَا فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ كَالْمُنْفَصِلِ، وَلَوْ سَجَدَ عَلَى شَيْءٍ فَالْتَصَقَ بِجَبْهَتِهِ وَارْتَفَعَ مَعَهُ وَسَجَدَ عَلَيْهِ ثَانِيًا ضَرَّ، وَإِنْ نَحَّاهُ ثُمَّ سَجَدَ لَمْ يَضُرَّ، وَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا وَسَجَدَ عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ لَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ إلَّا إذَا صَلَّى قَائِمًا لَمْ يُجْزِهِ السُّجُودُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(وَلَا يَجِبُ) (وَضْعُ يَدَيْهِ) أَيْ بَطْنِهِمَا، (وَرُكْبَتَيْهِ وَقَدَمَيْهِ) فِي سُجُودِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: ٢٩] وَلِلْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ «إذَا سَجَدْت فَمَكِّنْ جَبْهَتَك» فَإِفْرَادُهَا بِالذِّكْرِ دَلِيلٌ عَلَى مُخَالَفَتِهَا، وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ وَضْعُهَا لَوَجَبَ الْإِيمَاءُ بِهَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ وَضْعِهَا وَالْإِيمَاءُ بِهَا غَيْرُ وَاجِبٍ فَلَمْ يَجِبْ وَضْعُهَا، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ وَضْعُ أَشْرَفِ الْأَعْضَاءِ عَلَى مَوَاطِئِ الْأَقْدَامِ وَهُوَ خِصِّيصٌ بِالْجَبْهَةِ، وَيُتَصَوَّرُ رَفْعُ جَمِيعِهَا كَأَنْ يُصَلِّي عَلَى حَجَرَيْنِ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ قَصِيرٌ يَنْبَطِحُ عَلَيْهِ عِنْدَ سُجُودِهِ وَيَرْفَعُهَا (قُلْت: الْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَإِنْ كَانَتْ مَسْتُورَةً لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ» وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ» وَمَنْ لَازِمِ ذَلِكَ اعْتِمَادُهُ عَلَى بُطُونِهَا، وَمُرَادُهُ بِالْيَدَيْنِ بَطْنُ الْكَفِّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا لَوْ سَجَدَ عَلَى طَرْفِ رِدَاءٍ عَلَى كَتِفَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِثْلُهُ) أَيْ فِي صِحَّةِ السُّجُودِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَالْتَصَقَ بِجَبْهَتِهِ) وَمِنْهُ التُّرَابُ حَيْثُ مَنَعَ مُبَاشَرَةَ جَمِيعِ الْجَبْهَةِ مَحَلَّ السُّجُودِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَحَّاهُ ثُمَّ سَجَدَ لَمْ يَضُرَّ) فَلَوْ رَآهُ مُلْتَصِقًا بِجَبْهَتِهِ وَلَمْ يَدْرِ فِي أَيِّ السَّجَدَاتِ الْتَصَقَ، فَعَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ إنْ رَآهُ بَعْدَ السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ وَجَوَّزَ أَنَّ الْتِصَاقَهُ فِيمَا قَبْلَهَا أَخَذَ بِالْأَسْوَإِ، فَإِنْ جُوِّزَ أَنَّهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَدْرٌ أَنَّهُ فِيهَا لِيَكُونَ الْحَاصِلُ لَهُ رَكْعَةً إلَّا سَجْدَةً أَوْ فِيمَا قَبْلَهَا قَدْرُهُ فِيهِ لِيَكُونَ الْحَاصِلُ لَهُ رَكْعَةً بِغَيْرِ سُجُودٍ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ احْتَمَلَ طُرُوُّهُ بَعْدَهُ فَالْأَصْلُ مُضِيُّهَا عَلَى الصِّحَّةِ وَإِلَّا فَإِنْ قَرُبَ الْفَصْلُ بَنَى وَأَخَذَ بِالْأَسْوَإِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّهُ الْتَصَقَ فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ لَمْ يَعُدْ شَيْئًا (قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِهِ السُّجُودُ عَلَيْهِ) خِلَافًا لحج وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي فَتَاوِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَرُكْبَتَيْهِ) قَالَ حَجّ: تَنْبِيهٌ: لَمْ أَرَ لِأَحَدٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا تَحْدِيدَ الرُّكْبَةِ، وَعَرَّفَهَا فِي الْقَامُوسِ بِأَنَّهَا مِفْصَلُ مَا بَيْنَ أَسَافِلِ أَطْرَافِ الْفَخِذِ وَأَعَالِي السَّاقِ اهـ.

وَصَرِيحٌ مَا يَأْتِي فِي الثَّامِنِ وَمَا بَعْدَهُ أَنَّهَا مِنْ أَوَّلِ الْمُنْحَدِرِ عَنْ آخِرِ الْفَخِذِ إلَى أَوَّلِ أَعْلَى السَّاقِ، وَعَلَيْهِ فَكَأَنَّهُمْ اعْتَمَدُوا فِي ذَلِكَ الْعُرْفَ لِبُعْدِ تَقْيِيدِ الْأَحْكَامِ بِحَدِّهَا اللُّغَوِيِّ لِقِلَّتِهِ جِدًّا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادُوا بِالْمِفْصَلِ مَا قَرَّرْنَاهُ وَهُوَ قَرِيبٌ، ثُمَّ رَأَيْت الصِّحَاحَ قَالَ: وَالرُّكْبَةُ مَعْرُوفَةٌ فَبَيَّنَ أَنَّ الْمَدَارَ فِيهَا عَلَى الْعُرْفِ وَالْكَلَامُ فِي الشَّرْعِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَامُوسَ إنْ لَمْ تُحْمَلْ عِبَارَتُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ اعْتَمَدَ فِي حَدِّهِ لَهَا بِذَلِكَ عَلَيْهِ، وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ لَهُ الْخُرُوجُ عَنْ اللُّغَةِ إلَى غَيْرِهَا كَمَا يَأْتِي أَوَّلَ التَّعْزِيرِ اهـ (قَوْلُهُ وَهُوَ خِصِّيصٌ) أَيْ مَخْصُوصٌ (قَوْلُهُ: وَيُتَصَوَّرُ) أَيْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ) فِي الْمَحَلِّيِّ إسْقَاطُ عَلَى مِنْ قَوْلِهِ عَلَى الْجَبْهَةِ إلَخْ، وَلَعَلَّ فِي الْحَدِيثِ رِوَايَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَالرُّكْبَتَيْنِ) أَيْ فَلَوْ مَنَعَ مِنْ السُّجُودِ عَلَيْهِمَا مَانِعٌ كَأَنْ جُمِعَتْ ثِيَابُهُ تَحْتَ رُكْبَتَيْهِ فَمَنَعَتْ مِنْ وُصُولِ الرُّكْبَةِ لِمَحَلِّ السُّجُودِ وَصَارَ الِاعْتِمَادُ عَلَى أَعْلَى السَّاقِ لَمْ يَكْفِ (قَوْلُهُ: بَطْنُ الْكَفِّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا) وَانْظُرْ لَوْ خُلِقَ كَفُّهُ مَقْلُوبًا هَلْ يَجِبُ وَضْعُ ظَهْرِ الْكَفِّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الظَّهْرَ فِي حَقِّهِ بِمَنْزِلَةِ الْبَطْنِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ عَرَضَ لَهُ الِانْقِلَابُ هَلْ يَجِبُ وَضْعُ الْبَطْنِ وَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ وَلَوْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: لَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ إلَّا إذَا صَلَّى قَائِمًا) ظَاهِرُهُ إنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْقِيَامِ فَلْيُرَاجَعْ

<<  <  ج: ص:  >  >>