للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّا تَقَرَّرَ فِي التَّشْدِيدِ أَنَّهُ لَوْ أَظْهَرَ النُّونَ الْمُدْغَمَةَ فِي اللَّامِ فِي أَنْ لَا إلَهَ أَبْطَلَ لِتَرْكِهِ شَدَّةً مِنْهُ نَظِيرَ مَا يُقَالُ فِي أَلْ رَحْمَنَ بِإِظْهَارِ أَلْ، فَزَعَمَ عَدَمُ إبْطَالِهِ لِأَنَّهُ لَحْنٌ غَيْرُ مُغَيِّرٍ لِلْمَعْنَى لَيْسَ بِصَحِيحٍ، إذْ مَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَرْكُ حَرْفٍ وَالشَّدَّةُ بِمَنْزِلَةِ الْحَرْفِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ.

نَعَمْ لَا يَبْعُدُ عُذْرُ الْجَاهِلِ بِذَلِكَ لِخَفَائِهِ كَثِيرًا، وَقَوْلُ ابْنُ كَبْنٍ: إنَّ فَتْحَةَ لَامَ رَسُول اللَّهِ مِنْ عَارِفٍ مُتَعَمِّدٍ حَرَامٌ مُبْطِلٌ وَمِنْ جَاهِلٍ حَرَامٌ غَيْرُ مُبْطِلٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّعَلُّمُ وَإِلَّا أَبْطَلَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ إذْ لَيْسَ فِيهِ تَغْيِيرٌ لِلْمَعْنَى فَلَا حُرْمَةَ وَلَوْ مَعَ الْعَمْدِ وَالْعِلْمِ نَعَمْ لَوْ نَوَى الْعَالِمُ الْوَصْفِيَّةَ وَلَمْ يُضْمَرْ خَبَرًا أَبْطَلَ لِفَسَادِ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ (وَالزِّيَادَةُ) عَلَى مَا ذُكِرَ (إلَى حَمِيدٍ مَجِيدٍ) كَمَا فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلْوَارِدِ وَهِيَ «وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ» .

وَالْأَفْضَلُ الْإِتْيَانُ بِلَفْظِ السِّيَادَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ ظَهِيرَةَ وَصَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ وَبِهِ أَفْتَى الشَّارِحُ لِأَنَّ فِيهِ الْإِتْيَانَ بِمَا أُمِرْنَا بِهِ وَزِيَادَةُ الْأَخْبَارِ بِالْوَاقِعِ الَّذِي هُوَ أَدَبٌ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهِ وَإِنْ تَرَدَّدَ فِي أَفْضَلِيَّتِهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَأَمَّا حَدِيثُ «لَا تُسَيِّدُونِي فِي الصَّلَاةِ» فَبَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْحُفَّاظِ، وَقَوْلُ الطُّوسِيِّ: إنَّهَا مُبْطِلَةٌ غَلَطٌ.

وَآلُ إبْرَاهِيمَ إسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَأَوْلَادُهُمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

سَلَّمَ نَاسِيًا وَطَالَ الْفَصْلُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَظْهَرَ النُّونَ إلَخْ) قِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ أَظْهَرَ التَّنْوِينَ الْمُدْغَمَ فِي الرَّاءِ فِي وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَبْطَلَ، فَإِنَّ الْإِدْغَامَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فِي كَلِمَتَيْنِ، هَذَا وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّ الْإِظْهَارَ لَا يَزِيدُ عَلَى اللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى خُصُوصًا، وَقَدْ جَوَّزَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ الْإِظْهَارَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ الْجَزَرِيِّ فِي بَابِ أَحْكَامِ النُّونِ السَّاكِنَةِ وَالتَّنْوِينِ مَا نَصُّهُ: وَخَيَّرَ الْبِزِّيُّ بَيْنَ الْإِدْغَامِ وَالْإِظْهَارِ فِيهَا: أَيْ النُّونِ وَالتَّنْوِينِ عِنْدَهُمَا: أَيْ عِنْدَ اللَّامِ وَالرَّاءِ إلَخْ اهـ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إلَخْ فَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَمْ يُتْرَكْ هُنَا حَرْفٌ.

فَإِنْ قُلْت: فَاتَتْ صِفَةٌ.

قُلْنَا: وَفَاتَتْ فِي اللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ مَعَ أَنَّ هُنَا رُجُوعًا لِلْأَصْلِ وَفِيهِ اسْتِقْلَالُ الْحَرْفَيْنِ فَهُوَ مُقَابِلُ فَوَاتِ تِلْكَ الصِّفَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَا يَبْعُدُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ فِيهِ تَغْيِيرٌ لِلْمَعْنَى) وَلَا يَحْرُمُ إلَّا مَا يُغَيِّرُهُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَتَى بِيَاءٍ فِي اللَّهُمَّ صَلِّ بِسَبَبِ الْإِشْبَاعِ لِلْحَرَكَةِ لَمْ يَحْرُمْ وَلَمْ يَبْطُلْ لِعَدَمِ تَغْيِيرِهِ الْمَعْنَى، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُطْلَقِ الْقُرْآنِ حَيْثُ حَرُمَ فِيهِ اللَّحْنُ مُطْلَقًا بِأَنَّا تَعَبَّدْنَا بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَوَجَبَ التَّعَبُّدُ فِيهِ بِخُصُوصِ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ هَذَا (قَوْلُهُ: إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ مَا نَصُّهُ: وَفِي الْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِ الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِك وَرَسُولِك النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِ الْإِتْيَانَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا سَنُّ الْإِتْيَانِ بِلَفْظِ السِّيَادَةِ فِي الْأَذَانِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَعْظِيمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوَصْفِ السِّيَادَةِ حَيْثُ ذُكِرَ.

لَا يُقَالُ: لَمْ يَرِدْ وَصْفُهُ بِالسِّيَادَةِ فِي الْأَذَانِ.

لِأَنَّا نَقُولُ: كَذَلِكَ هُنَا وَإِنَّمَا طَلَبَ وَصْفَهُ بِهَا لِلتَّشْرِيفِ وَهُوَ يَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ: إسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَأَوْلَادُهُمَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَوْلَادُهُمَا بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ ذُرِّيَّتُهُمَا مُطْلَقًا لَكِنْ بِالْحَمْلِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِإِبْرَاهِيمَ مِنْ الْأَوْلَادِ إلَّا إسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاق، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَهُ أَوْلَادٌ عِدَّةٌ، فَفِي شَرْحِ الْمُنَاوِيِّ عَلَى الْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ» إلَخْ مَا نَصُّهُ: وَفِي الرَّوْضِ الْأُنُفِ كَانَ لِإِبْرَاهِيمَ سِتَّةُ أَوْلَادٍ سِوَى إسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ، ثُمَّ قَالَ: وَكَانُوا أَيْ أَوْلَادُ إبْرَاهِيمَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ اهـ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَشُرُوطُهَا شُرُوطُ التَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ: لِتَرْكِهِ شِدَّةً إلَخْ) نَازَعَ فِيهِ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ) لَيْسَ هَذَا مِنْ الزِّيَادَةِ وَإِنَّمَا الزِّيَادَةُ مَا بَعْدَهُ.

نَعَمْ الْإِتْيَانُ بِهِ بَدَلَ وَآلِهِ أَكْمَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>