للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(السَّلَامَ عَلَى الْمُقْتَدِينَ) مَنْ عَنْ يَمِينِهِ بِالْأُولَى، وَمَنْ عَنْ يَسَارِهِ بِالثَّانِيَةِ، وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ (وَهُمْ الرَّدَّ عَلَيْهِ) وَعَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْمَأْمُومِينَ فَيَنْوِيهِ مَنْ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ بِالثَّانِيَةِ وَمَنْ عَنْ يَسَارِهِ بِالْأُولَى، فَإِنْ حَاذَاهُ فَبِالْأُولَى أَوْلَى، لِأَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ فِي التَّرْجِيحِ فِي الثَّانِيَةِ هَلْ هِيَ مِنْ الصَّلَاةِ أَمْ لَا كَمَا مَرَّ، وَاسْتَشْكَلَ كَوْنُ الَّذِي عَنْ يَسَارِهِ يَنْوِي الرَّدَّ عَلَيْهِ بِالْأُولَى لِأَنَّ الرَّدَّ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ السَّلَامِ، وَالْإِمَامُ إنَّمَا يَنْوِي السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ بِالثَّانِيَةِ فَكَيْفَ يَرُدُّ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ إنَّمَا يُسَلِّمُ الْأُولَى مَعَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ التَّسْلِيمَتَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالتَّحْقِيقِ.

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ الْبَرَاءِ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نُسَلِّمَ عَلَى أَئِمَّتِنَا وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فِي الصَّلَاةِ» وَاسْتَشْكَلَ أَيْضًا قَوْلُهُمْ يَنْوِي السَّلَامَ عَلَى الْمُقْتَدِينَ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلنِّيَّةِ، فَإِنَّ الْخِطَابَ كَافٍ فِي الصَّرْفِ إلَيْهِمْ، فَأَيُّ مَعْنًى لِلنِّيَّةِ وَالصَّرِيحُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا كَمَا لَا يَحْتَاجُ الْمُسْلِمُ خَارِجَ الصَّلَاةِ إذَا سَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ إلَى نِيَّةٍ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ.

وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَمَّا عَارَضَ ذَلِكَ تَحَلُّلَ الصَّلَاةِ احْتَاجَ إلَى نِيَّةٍ بِخِلَافِ خَارِجِهَا.

(الثَّالِثَ عَشَرَ) مِنْ أَرْكَانِهَا (تَرْتِيبُ الْأَرْكَانِ) كَمَا ذَكَرْنَا فِي عَدِّهَا الْمُشْتَمِلِ عَلَى قَرْنِ النِّيَّةِ بِالتَّكْبِيرِ وَجَعْلِهِمَا مَعَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِالسَّلَامِ، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ قَالَ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ كَانَ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ غَيْرُ مُصَلٍّ لَمْ يَلْزَمْهُ الرَّدُّ لِانْصِرَافِهِ لِلتَّحَلُّلِ دُونَ التَّأْمِينِ الْمَقْصُودِ مِنْ السَّلَامِ الْوَاجِبِ رَدُّهُ، وَلِأَنَّ الْمُصَلِّيَ غَيْرُ مُتَأَهِّلٍ لِلْخِطَابِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الرَّدُّ بَلْ يُسَنُّ: أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ كَمَا يَأْتِي وَقِيَاسُهُ نَدْبُهُ هُنَا أَيْضًا اهـ: أَيْ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ كَأَنْ عَلِمَهُ مِنْ عَادَتِهِ بِإِخْبَارِهِ لَهُ سَابِقًا.

لَا يُقَالُ: يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا قَالُوهُ فِي الْأَيْمَانِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَلَوْ مِنْ الصَّلَاةِ حَنِثَ.

لِأَنَّا نَقُولُ: ذَاكَ مَحَلُّهُ إذَا قَصَدَهُ بِخُصُوصِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَلَا يَخْتَصُّ السَّلَامُ بِالْحَاضِرِينَ بَلْ يَعُمُّ كُلَّ مَنْ فِي جِهَةِ يَمِينِهِ وَإِنْ بَعُدُوا إلَى آخِرِ الدُّنْيَا، وَإِنْ اقْتَضَى قَوْلُ الْبَهْجَةِ وَنِيَّةُ الْحُضَّارِ بِالتَّسْلِيمِ تَخْصِيصَهُ بِهِمْ.

[فَرْعٌ اسْتِطْرَادِيٌّ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ شَخْصَيْنِ تَلَاقَيَا مَعَ شَخْصٍ وَاحِدٍ فَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ نَاوِيًا بِهِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ سَلَّمَ وَالِابْتِدَاءُ عَلَى مَنْ يُسَلِّمُ، فَهَلْ تَكْفِي هَذِهِ الصِّيغَةُ عَنْهُمَا أَوْ لَا، لِأَنَّ فِيهَا تَشْرِيكًا بَيْنَ فَرْضٍ وَهُوَ الرَّدُّ وَسُنَّةٍ وَهُوَ الِابْتِدَاءُ؟ فِيهِ نَظَرٌ.

أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ وَلَا يَضُرُّ التَّشْرِيكُ الْمَذْكُورُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الْمَأْمُومِينَ إذَا تَأَخَّرَ سَلَامُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ، فَكُلٌّ يَنْوِي بِكُلِّ تَسْلِيمَةٍ السَّلَامَ عَلَى مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ وَالرَّدَّ عَلَى مَنْ سَلَّمَ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ) لَا يَأْتِي إذَا تَوَسَّطَتْ تَسْلِيمَتَاهُ بَيْنَ تَسْلِيمَتَيْ الْمُسَلِّمِ وَقَدْ سَلَّمَ عَلَيْهِ الْمُسَلِّمُ بِثَانِيَتِهِ مَثَلًا اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَيَنْوِي حِينَئِذٍ الرَّدَّ لَا السَّلَامَ (قَوْلُهُ: وَهَمَ الرَّدُّ عَلَيْهِ) وَبَقِيَ رَدُّ مُنْفَرِدٍ عَلَى مُنْفَرِدٍ أَوْ إمَامٍ، وَرَدُّ إمَامٍ أَوْ مُنْفَرِدٍ أَوْ مُقْتَدِينَ بِغَيْرِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُتَصَوَّرُ غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ، فَحَرَّرَهُ وَانْظُرْ لِمَ تَرَكَهُ وَمَا حُكْمُهُ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَشَرْحُهُ لِشَيْخِنَا: وَسُنَّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَنْوِيَ بِسَلَامِهِ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُنْفَرِدًا مَنْ حَضَرَ مِنْ مَلَائِكَةٍ وَمُؤْمِنِي إنْسٍ وَجِنٍّ ابْتِدَاءً فِي الثَّلَاثَةِ، خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْإِسْعَادِ وَرَدًّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَأْمُومِ فَيَنْوِيهِ عَلَى الْإِمَامِ بِأَيِّ سَلَامِهِ شَاءَ إنْ كَانَ خَلْفَهُ، وَبِالثَّانِيَةِ إنْ كَانَ عَنْ يَمِينِهِ، وَبِالْأُولَى إنْ كَانَ عَنْ يَسَارِهِ، وَلِلْأَمَامِ إذَا لَمْ يَفْعَلْ مَنْ عَنْ يَسَارِهِ السُّنَّةَ بِأَنْ سَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ وَلَمْ يَصْبِرْ إلَى فَرَاغِهِ مِنْهَا، فَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ الرَّدَّ عَلَيْهِ بِالثَّانِيَةِ، خِلَافًا لِمَا فِي أَصْلِهِ مِنْ اخْتِصَاصِ الرَّدِّ بِالْمَأْمُومِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَشَرْحُهُ تُفِيدُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ وَالْمَأْمُومِ يُسَلِّمُونَ عَلَى مَنْ حَضَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُصَلِّيًا، وَأَنَّ الْمَأْمُومَ وَالْإِمَامَ يَرُدَّانِ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِمَا مِنْ الْمُصَلِّينَ بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ فَلَا يُسَنُّ لَهُ الرَّدُّ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَاذَاهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ خَلْفَهُ.

(قَوْلُهُ: الثَّالِثَ عَشَرَ إلَخْ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَلَى مُحَاذِيهِ، وَاقْتَصَرَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيَنْوِي الْإِمَامُ السَّلَامَ عَلَى الْمُقْتَدِينَ، عَلَى قَوْلِهِ هَذَا يَزِيدُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِالْمُقْتَدِينَ خَلْفَهُ انْتَهَى.

وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ مَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَمَنْ عَنْ يَسَارِهِ بِالْأَوْلَى) هَذَا ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>