للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَصْلِ بِهِ وَوُجُوبِ نَزْعِهِ كَالْعَظْمِ النَّجِسِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْآدَمِيِّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَمًا أَوْ لَا كَمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَقَدْ نَصَّ فِي الْمُخْتَصَرِ بِقَوْلِهِ: وَلَا يَصِلُ إلَى مَا انْكَسَرَ مِنْ عَظْمِهِ إلَّا بِعَظْمِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ ذَكِيًّا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَبْرُ بِعَظْمِ الْآدَمِيِّ مُطْلَقًا، فَلَوْ وَجَدَ نَجِسًا يَصْلُحُ وَعَظْمَ آدَمِيٍّ كَذَلِكَ وَجَبَ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ، وَخِيَاطَةُ الْجُرْحِ وَمُدَاوَاتُهُ بِالنَّجِسِ كَالْجَبْرِ فِي تَفْصِيلِهِ الْمَذْكُورِ.

وَكَذَا الْوَشْمُ، وَهُوَ غَرْزُ الْجِلْدِ بِالْإِبْرَةِ حَتَّى يَخْرُجَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

غَيْرُ الْوَاصِلِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ إلَخْ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ عَظْمَ نَفْسِهِ لَا يَمْتَنِعُ وَصْلُهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّ الْوَصْلِ كَأَنْ وَصَلَ عَظْمَ يَدِهِ بِشَيْءٍ مِنْ عَظْمِ رِجْلِهِ مَثَلًا، وَنُقِلَ عَنْ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ جَوَازُ ذَلِكَ نَقْلًا عَنْ الْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ. وَعِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ: وَعَظْمُ الْآدَمِيِّ وَلَوْ مِنْ نَفْسِهِ فِي تَحْرِيمِ الْوَصْلِ بِهِ وَوُجُوبِ نَزْعِهِ كَالنَّجَسِ انْتَهَى. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الِامْتِنَاعِ بِعَظْمِ نَفْسِهِ إذَا أَرَادَ نَقْلَهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ، أَمَّا إذَا وَصَلَ عَظْمَ يَدِهِ بِيَدِهِ مَثَلًا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي أُبِينَ مِنْهُ فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُ إصْلَاحٌ لِلْمُنْفَصِلِ مِنْهُ وَلِمَحَلِّهِ، وَيَكُونُ هَذَا مِثْلَ رَدِّ عَيْنِ قَتَادَةَ فِي أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ إصْلَاحَ مَا خَرَجَ مِنْ عَيْنِ قَتَادَةَ بِرَدِّهِ إلَى مَحَلِّهِ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ نَقَلَهُ إلَى غَيْرِ مَوْضِعِهِ، فَإِنَّهُ بِانْفِصَالِهِ حَصَلَ لَهُ احْتِرَامُ وَطَلَبُ مُوَارَاتِهِ، ثُمَّ ظَاهِرُ إطْلَاقِ جَوَازِ الْوَصْلِ لِعَظْمِ الْآدَمِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، فَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ الْوَصْلُ بِعَظْمِ الْأُنْثَى وَعَكْسُهُ، ثُمَّ يَنْبَغِي إذَا مَسَّهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ، فَإِنْ اكْتَسَى لَحْمًا وَحَلَّتْهُ الْحَيَاةُ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ بَقِيَّةِ أَجْزَاءِ الرَّجُلِ فَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ وَلَا وُضُوءُ غَيْرِهِ مِنْ الرِّجَالِ بِمَسِّهِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا مَكْشُوفًا وَلَمْ تَحِلَّهُ الْحَيَاةُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى نِسْبَتِهِ لِلْأُنْثَى، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ وَوُضُوءُ غَيْرِهِ بِمَسِّهِ؛ لِأَنَّ الْعُضْوَ الْمُبَانَ لَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِمَسِّهِ إلَّا إذَا كَانَ مِنْ الْفَرْجِ وَأَطْلَقَ اسْمَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِلُ إلَى مَا انْكَسَرَ إلَخْ) ضَمَّنَهُ مَعْنَى يَضُمُّ فَعَدَاهُ بِإِلَى، وَفِي نُسْخَةٍ: أَيْ مَا انْكَسَرَ، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْوَصْلُ بِعَظْمِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَلَعَلَّهُ مَنَعَ مِنْ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ دَلِيلٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ حَيْثُ وَجَدَ مَا يَصْلُحُ لِلْجَبْرِ وَلَوْ نَجِسًا فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ فَلَوْ وَجَدَ نَجِسًا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ وَجَدَ نَجِسًا) وَلَوْ مُغَلَّظًا (قَوْلُهُ: وَجَبَ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ حَيًّا فَيَجُوزُ قَطْعُ عُضْوِهِ مَثَلًا لِيَصِلَ بِعَظْمِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى عَظْمِ الْآدَمِيِّ الْمَيِّتِ لِحُرْمَتِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنَّمَا يَقْطَعُهُ بَعْدَ إزْهَاقِ رُوحِهِ حَيْثُ كَانَ فِي قَطْعِ الْعُضْوِ زِيَادَةُ تَعْذِيبٍ.

وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَالُوهُ فِي السِّيَرِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُ مَا لَا يُؤْكَلُ لِاِتِّخَاذِ جِلْدِهِ سِقَاءً، وَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ ذَاكَ عَلَى مُجَرَّدِ الْحَاجَةِ وَمَا هُنَا ضَرُورَةٌ، ثُمَّ قَوْلُهُ: وَجَبَ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا عَظْمَ آدَمِيٍّ وَصَلَ بِهِ،، وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْمُضْطَرُّ لَحْمَ آدَمِيٍّ، وَيَنْبَغِي تَقَدُّمُ عَظْمِ الْكَافِرِ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَنَّ الْعَالِمَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ وَأَنَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ النَّبِيِّ (قَوْلُهُ: وَمُدَاوَاتُهُ) وَمِنْهَا دَهْنُهُ وَرَبْطُهُ كَمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا الْوَشْمُ) أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْجَبْرِ بِالنَّجِسِ فِي تَفْصِيلِهِ الْمَذْكُورِ. قَالَ فِي الذَّخَائِرِ فِي الْعَظْمِ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: هَذَا الْكَلَامُ فِيهِ إذَا فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ فُعِلَ بِهِ بِاخْتِيَارِهِ، فَإِنْ فُعِلَ بِهِ مُكْرَهًا لَمْ تَلْزَمْهُ إزَالَتُهُ قَوْلًا وَاحِدًا. قُلْت: وَفِي مَعْنَاهُ الصَّبِيُّ إذَا وَشَمَتْهُ أُمُّهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَبَلَغَ. وَأَمَّا الْكَافِرُ إذَا وَشَمَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَبْرُ بِعَظْمِ الْآدَمِيِّ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ الْمُحْتَرَمُ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ وَإِنْ تَعَيَّنَ فَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَظْمِ النَّجِسِ كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ، كَمَا أَنَّ مَا اقْتَضَاهُ أَيْضًا مِنْ مَنْعِ الْجَبْرِ بِغَيْرِ عَظْمِ الْمُزَكَّى لَيْسَ مُرَادًا أَيْضًا. وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَنَّهُ لَوْ وَصَلَ عَظْمَهُ بِعَظْمِ أُنْثَى يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ وَوُضُوءُ غَيْرِهِ بِمَسِّهِ مَا دَامَ لَمْ تَحُلَّهُ الْحَيَاةُ وَلَمْ يَكْتَسِ بِاللَّحْمِ، وَهُوَ سَهْوٌ لِمَا مَرَّ فِي بَابِ الْحَدَثِ مِنْ أَنَّ الْعُضْوَ الْمَفْصُولَ لَا يَنْقُضُ مَسُّهُ وَلَوْ سَلَّمْنَاهُ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: لَا يَصِحُّ لَهُ وُضُوءٌ مَا دَامَ الْعَظْمُ الْمَذْكُورُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَاسٌّ لَهُ دَائِمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>