أَوْ بَدَنِهِ أَوْ حَمَلَ ثَوْبٌ نَحْوَ بَرَاغِيثَ وَصَلَّى فِيهِ أَوْ فَرَشَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ أَوْ كَانَ زَائِدًا عَلَى مَلْبُوسِهِ لَا لِغَرَضٍ مِنْ تَجَمُّلٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يُعْفَ إلَّا عَنْ الْقَلِيلِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِمَا. وَلَوْ نَامَ فِي ثَوْبِهِ فَكَثُرَ فِيهِ دَمُ الْبَرَاغِيثِ الْتَحَقَ بِمَا يَقْتُلُهُ مِنْهَا عَمْدًا لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ مِنْ الْعُرْيِ عِنْدَ النَّوْمِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بَحْثًا، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ احْتِيَاجِهِ لِلنَّوْمِ فِيهِ، وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ، ثُمَّ مَحَلُّ الْعَفْوِ هُنَا، وَفِي نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ.
فَلَوْ وَقَعَ الْمُتَلَوِّثُ بِذَلِكَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ نَجَّسَهُ، وَلَا فَرْقَ فِي الْعَفْوِ بَيْنَ الْبَدَنِ الْجَافِّ وَالرَّطْبِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلرُّطُوبَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ عَرَقٍ وَنَحْوِ مَاءِ وُضُوءٍ وَغَسْلٍ وَحَلْقٍ أَوْ مَا يَتَسَاقَطُ مِنْ الْمَاءِ حَالَ شُرْبِهِ أَوْ مِنْ الطَّعَامِ حَالَ أَكْلِهِ أَوْ بُصَاقٍ فِي ثَوْبِهِ أَوْ مُمَاسِّ آلَةٍ نَحْوِ فَصَادٍ مِنْ رِيقٍ أَوْ دُهْنٍ وَسَائِرِ مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَلَا يُكَلَّفُ تَنْشِيفَ الْبَدَنِ لِعُسْرِهِ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ (وَدَمُ الْبَثَرَاتِ) بِالْمُثَلَّثَةِ خُرَّاجٌ صَغِيرٌ (كَالْبَرَاغِيثِ) فَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، وَإِنْ كَثُرَ وَانْتَشَرَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَأُلْحِقَ نَادِرُهُ بِغَالِبِهِ كَمَا مَرَّ مَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ، وَإِلَّا فَالْعَفْوُ خَاصٌّ حِينَئِذٍ بِالْقَلِيلِ (وَقِيلَ إنْ عَصَرَهُ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ) لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ وَحُصُولِهِ بِفِعْلِهِ، وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْأَصَحَّ الْعَفْوُ عَنْهُ مَعَ الْعَصْرِ وَلَوْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْقَلِيلِ عَدَمَ الْمَسِّ بَلْ مَعَهُ لَا تَكَادُ تُوجَدُ صُورَةٌ لِلْعَفْوِ. وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: سُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ رَجُلٍ يَقْصَعُ الْقَمْلَ عَلَى ظُفُرِهِ بِفِعْلِهِ فَهَلْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يُعْفَى عَنْ دَمِهِ لَوْ كَثُرَ كَخَمْسَةٍ إلَى عِشْرِينَ وَالْحَالُ إذَا خَالَطَ الدَّمُ مَعَ الْجِلْدِ وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا هَلْ يُعْفَى عَنْهُ؟ فَأَجَابَ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِ دَمٍ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا كَثِيرِهِ لِكَوْنِهِ بِفِعْلِهِ وَمُمَاسَّةِ الدَّمِ لِلْجِلْدِ لَا تُؤَثِّرُ. انْتَهَى. وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا إذَا مَرَّتْ الْقَمْلَةُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ هَلْ يُعْفَى عَنْهُ أَوْ لَا؟ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْعَفْوِ؛ لِكَثْرَةِ مُخَالَطَةِ الدَّمِ لِلْجِلْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَمَلَ نَحْوَ بَرَاغِيثَ) أَيْ لَيْسَ مِنْ لِبَاسِهِ وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ، وَإِنْ كَانَ حَمْلُهُ لِغَرَضٍ كَالْخَوْفِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ احْتِيَاجِهِ) وَمِنْ الْحَاجَةِ أَنْ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ الضَّرَرَ إذَا نَامَ عُرْيَانًا وَلَا يُكَلَّفُ إعْدَادَ ثَوْبٍ لِيَنَامَ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ (قَوْلُهُ: فِي مَاءٍ قَلِيلٍ نَجَّسَهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ، فَلَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ لِإِخْرَاجِ مَا فِي الْإِنَاءِ أَوْ الْأَكْلِ مِنْهُ، وَهِيَ مُتَلَوِّثَةٌ بِدَمِ الْبَرَاغِيثِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ سم (قَوْلُهُ: وَغَسْلٍ) وَلَوْ لِلتَّبَرُّدِ (قَوْلُهُ: وَحَلْقٍ) أَيْ وَمَاءِ حَلْقٍ وَلَا يَضُرُّ لُبْسُهُ لِلثَّوْبِ الَّذِي فِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ بَعْدَ غُسْلِ التَّبَرُّدِ (قَوْلُهُ: وَسَائِرِ مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ) مِنْهُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ سم عَلَى حَجّ. وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ مَسَحَ وَجْهَهُ الْمُبْتَلَّ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَلَيْسَ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ مَاءُ الْوَرْدِ، وَمَاءُ الزَّهْرِ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ إذَا رَشَّ عَلَى ثِيَابِهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ حَاجَةٌ، وَاَلَّذِي يَرُشُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِسَبِيلِ مَنْ مَنَعَ مَنْ يُرِيدُ الرَّشَّ مِنْهُ عَلَيْهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ لِمُدَاوَاةِ عَيْنِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَا يُكَلَّفُ تَنْشِيفَ الْبَدَنِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غُسْلٍ قَصَدَ بِهِ مُجَرَّدَ التَّبَرُّدِ أَوْ التَّنَظُّفِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ عَرِقَ بَدَنُهُ فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ الْمُبْتَلَّةِ (قَوْلُهُ: خَرَاجٌ) بِالتَّخْفِيفِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنْ عَصَرَهُ فَلَا) وَكَالْعَصْرِ مَا لَوْ بِجَرِّهِ أَوْ وَضَعَ عَلَيْهِ لُصُوقًا؛ لِيُخْرِجَ مَا فِيهِ مِنْ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لَمْ يُعْفَ إلَّا عَنْ الْقَلِيلِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ قَدْ حَصَلَ مِنْهُ مَسٌّ لِجِلْدِ الْقَمْلَةِ عِنْدَ قَتْلِهَا فِي مَسْأَلَتِهَا كَمَا يَصْدُقُ بِهِ كَلَامُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي لَهُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ فَعَلَ فِي صَلَاتِهِ غَيْرَهَا إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهَا بَطَلَتْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا قَتَلَهُ لِنَحْوِ قَمْلَةٍ لَمْ يَحْمِلْ جِلْدَهَا وَلَا مَسَّهُ وَهِيَ مَيِّتَةٌ وَإِنْ أَصَابَهُ قَلِيلٌ مِنْ دَمِهَا، إذْ الْكَلَامُ ثَمَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إنَّمَا هُوَ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ وَعَدَمِهِ لَا فِي الْعَفْوِ وَعَدَمِهِ، وَالْمَلْحَظُ فِي الْبُطْلَانِ مُمَاسَّةُ النَّجَاسَةِ الَّتِي لَا يُعْفَى عَنْهَا فِي الصَّلَاةِ، وَمِنْهُ جِلْدُ الْقَمْلَةِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ مَاءِ وُضُوءٍ إلَخْ) مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَاءُ الطِّيبِ كَمَاءِ الْوَرْدِ؛ لِأَنَّ الطِّيبَ مَقْصُودٌ شَرْعًا خُصُوصًا فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي هُوَ مَطْلُوبٌ فِيهَا كَالْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالْعَفْوِ مِنْ كَثِيرٍ مِمَّا ذَكَرُوهُ هُنَا خِلَافًا لِمَا فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: وَحَلْقٌ) صُورَتُهُ أَنَّ بَلَلَ الرَّأْسِ نَزَلَ عَلَى دَمِ الْبَرَاغِيثِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ، فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ الْعَفْوِ فِي اخْتِلَاطِ دَمِ جُرْحِ الرَّأْسِ بِبَلَلِ الْحَلْقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute