للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ رَفْعِ حُكْمِهِ وَهُوَ بِمَعْنَى مَنْ عَبَّرَ فِي النَّجَسِ بِالْإِزَالَةِ وَالشَّرْطُ فِي اللُّغَةِ الْعَلَامَةُ وَفِي الِاصْطِلَاحِ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ. وَالْحَدَثُ لُغَةً الشَّيْءُ الْحَادِثُ وَشَرْعًا يُطْلَقُ عَلَى ثَلَاثَةِ أُمُورٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ أَحَدُهَا وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا أَنَّهُ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ يَقُومُ بِالْأَعْضَاءِ يَمْنَعُ صِحَّةَ نَحْوِ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ إذْ لَا يَرْفَعُهُ إلَّا الْمَاءُ وَلَا فَرْقَ فِي الْحَدَثِ بَيْنَ الْأَصْغَرِ وَهُوَ مَا أَبْطَلَ الْوُضُوءَ وَالْمُتَوَسِّطِ وَهُوَ مَا أَوْجَبَ الْغُسْلَ مِنْ نَحْوِ جِمَاعٍ وَالْأَكْبَرُ وَهُوَ مَا أَوْجَبَهُ مِنْ نَحْوِ حَيْضٍ.

وَالنَّجَسُ لُغَةً الشَّيْءُ الْمُبْعَدُ وَشَرْعًا مُسْتَقْذَرٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ نَحْوِ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ (مَاءٌ مُطْلَقٌ) أَمَّا فِي الْحَدَثِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: ٦] فَأَوْجَبَ التَّيَمُّمَ عَلَى مَنْ فَقَدَ الْمَاءَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِغَيْرِهِ، وَأَمَّا فِي النَّجَسِ فَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا بَالَ الْأَعْرَابِيُّ فِي الْمَسْجِدِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

اللُّغَاتُ أَرْبَعَةً، وَفِي الْقَامُوسِ لُغَةٌ خَامِسَةٌ وَهِيَ كَعَضُدِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: أَيْ رُفِعَ حُكْمُهُ) إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا أُرِيدَ بِالْحَدَثِ الْأَسْبَابُ، أَمَّا إنْ أُرِيدَ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ أَوْ الْمَنْعُ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ لَا يَسْتَقِيمُ، وَسَيَأْتِي لَهُ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَرْكُ هَذَا الْمُقَدَّرِ، وَلَعَلَّهُ قَدَّرَهُ لِيَظْهَرَ وَجْهُ التَّعْبِيرِ بِالرَّفْعِ فِي النَّجَسِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ بِمَعْنَى مَنْ عَبَّرَ فِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ رَفْعُ حُكْمِهِ (قَوْلُهُ: وَالشَّرْطُ فِي اللُّغَةِ الْعَلَامَةُ) سَيَأْتِي لَهُ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّ مَا فَسَّرَ بِهِ الشَّرْطَ هُنَا مُوَافِقٌ لِلُّغَةِ خِلَافًا لِقَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ: إنَّ الْعَلَامَةَ مَعْنَى الشَّرْطِ بِالْفَتْحِ، وَأَمَّا الشَّرْطُ بِالسُّكُونِ فَمَعْنَاهُ إلْزَامُ الشَّيْءِ وَالْتِزَامُهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَرْفَعُهُ) أَيْ هَذَا الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا أَبْطَلَ الْوُضُوءَ) إنَّمَا سُمِّيَ أَصْغَرَ لِقِلَّةِ مَا يَحْرُمُ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَحْرُمُ بِالْجَنَابَةِ أَوْ الْحَيْضِ، وَسُمِّيَ الْحَيْضُ أَكْبَرَ لِكَثْرَةِ مَا يَحْرُمُ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ، وَالْجَنَابَةُ مُتَوَسِّطَةٌ لِتَوَسُّطِ مَا يَحْرُمُ بِهَا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ بِهَا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَحْرُمَانِ بِالْأَصْغَرِ وَالْحَيْضُ يَحْرُمُ بِهِ ذَلِكَ وَالصَّوْمُ وَالْوَطْءُ وَنَحْوُهُ (قَوْلُهُ: لَمَّا بَالَ الْأَعْرَابِيُّ) هُوَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ أَوْ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ حَجَرٍ فِي التُّحْفَةِ عَلَى الثَّانِي لَكِنَّهُ قَيَّدَهُ بِالتَّمِيمِيِّ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْإِصَابَةِ وَلِمَا فِي الْقَامُوسِ فَإِنَّهُ قَالَ: ذُو الْخُوَيْصِرَةِ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا تَمِيمِيٌّ وَالثَّانِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

فِي تَعْرِيفِ النَّوَوِيِّ الْآتِي خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: أَيْ رَفْعُ حُكْمِهِ) أَيْ النَّجَسِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا أَظْهَرَ فِيهِ مَعَ أَنَّ الْمَقَامَ لِلْإِضْمَارِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الْعَوْدِ إلَى الْحَدَثِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا قَصَرْنَاهُ عَلَى النَّجِسِ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ بِالْمَعْنَى الْآتِي لَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الَّذِي قَدَّرَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِمَعْنَى مَنْ عَبَّرَ إلَخْ) أَيْ بِحَسَبِ الْمَآلِ، وَإِلَّا فَالْمَعْنَى غَيْرُ الْمَعْنَى، وَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ حَمَلَ النَّجِسَ هُنَا عَلَى مَعْنًى مَجَازِيٍّ لَهُ غَيْرِ مَا يَأْتِي لِيَبْقَى التَّعْبِيرُ بِالرَّفْعِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعِبَارَتُهُ، وَهُوَ: أَيْ النَّجِسُ مُسْتَقْذَرٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ نَحْوِ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ، أَوْ مَعْنًى يُوصَفُ بِهِ الْمَحَلُّ الْمُلَاقِي لِعَيْنٍ مِنْ ذَلِكَ مَعَ رُطُوبَةٍ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا لَا أَنَّهُ الَّذِي لَا يَرْفَعُهُ إلَّا الْمَاءُ، وَلِأَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَعْمَلَ فِيهِ الرَّفْعَ كَمَا تَقَرَّرَ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ فِيهِ حَقِيقَةً إلَّا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَوَصْفُهُ بِهِ مِنْ مَجَازِ مُجَاوَرَتِهِ لِلْحَدَثِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: أَحَدُهَا، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا أَنَّهُ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ إلَخْ) إنَّمَا خَصَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الثَّانِيَ الَّذِي هُوَ الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى مَا ذُكِرَ لَا يَخْتَصُّ رَفْعُهُ بِالْمَاءِ بَلْ يَرْفَعُهُ التُّرَابُ أَيْضًا.

عَلَى أَنَّ الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ جَوَّزَ إرَادَتَهُ هُنَا أَيْضًا وَقَالَ: إنَّ مُرَادَنَا بِالرَّفْعِ الْعَامِّ، وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا الْمَاءُ، بِخِلَافِ التُّرَابِ، فَإِنَّهُ رَفْعٌ خَاصٌّ بِالنِّسْبَةِ لِفَرْضٍ وَاحِدٍ انْتَهَى بِالْمَعْنَى.

أَمَّا الْمَعْنَى الثَّالِثُ لِلْحَدَثِ فَلَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ هُنَا إلَّا بِتَقْدِيرٍ كَأَنْ يَجْعَلَ قَوْلَ الشَّارِحِ الْمَارَّ أَيْ رَفْعَ حُكْمِهِ رَاجِعًا لِلْحَدَثِ أَيْضًا إلَّا أَنَّ صَنِيعَهُ هُنَا يُنَافِيهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَرْفَعُهُ إلَّا الْمَاءُ) كَذَا فِي النُّسَخِ أَوْ الْقَرِيبَةِ وَحَقُّ الْعِبَارَةِ.

إذْ هُوَ الَّذِي لَا يَرْفَعُهُ إلَّا الْمَاءُ، وَلَعَلَّ الضَّمِيرَ، وَالْمَوْصُولَ سَقَطَا مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: فَأَوْجَبَ التَّيَمُّمَ عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ) أَيْ، وَالْمَاءُ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُطْلَقِ لِتَبَادُرِهِ إلَى الْأَذْهَانِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>