للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَقْتِ يَسَعُ الصَّلَاةَ بِلَا نَحْوِ سُعَالٍ مُبْطِلٍ لَمْ تَبْطُلْ كَسَلَسِ الْحَدَثِ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَلَوْ شُفِيَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ.

نَعَمْ التَّنَحْنُحُ لِلْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ لَا يُبْطِلُهَا، وَإِنْ كَثُرَ، وَلَوْ ظَهَرَ مِنْ إمَامِهِ حَرْفَانِ بِتَنَحْنُحٍ لَمْ يَلْزَمْهُ مُفَارَقَتُهُ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْعُذْرِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَحَرُّزُهُ عَنْ الْمُبْطِلِ. نَعَمْ قَالَ السُّبْكِيُّ: قَدْ تَدُلُّ قَرِينَةُ حَالِهِ عَلَى عَدَمِ عُذْرِهِ فَتَجِبُ مُفَارَقَتُهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ لَحَنَ فِي الْفَاتِحَةِ لَحْنًا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَجَبَتْ مُفَارَقَتُهُ كَمَا لَوْ تَرَكَ وَاجِبًا. اهـ. وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَثُرَ مَا قَرَأَهُ عُرْفًا فَيَصِيرُ كَلَامًا أَجْنَبِيًّا مُبْطِلًا، وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا. وَالْأَوْجَهُ: أَيْ حَيْثُ لَمْ تَبْطُلْ أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَرْكَعَ بَلْ بَحْثُ بَعْضِهِمْ عَدَمُ اللُّزُومِ بَعْدَ رُكُوعِهِ أَيْضًا لِجَوَازِ سَهْوِهِ كَمَا لَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ أَوْ سَجَدَ قَبْلَ رُكُوعِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

زَمَنًا وَزَمَانَةً فَهُوَ زَمِنٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ، وَهُوَ مَرَضٌ يَدُومُ زَمَانًا طَوِيلًا وَالْقَوْمُ زَمْنَى، مِثْلُ مَرْضَى أَزْمَنَهُ اللَّهُ فَهُوَ مُزْمَنٌ. (قَوْلُهُ: يَسَعُ الصَّلَاةَ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَ الِانْقِطَاعَ فِي وَقْتٍ يَسَعُ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي انْتِظَارِهِ، وَإِلَّا فَمُرَاقَبَةُ مَا يَزُولُ الْمَانِعُ فِيهِ غَايَةٌ مِنْ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ) فَإِنْ خَلَا مِنْ الْوَقْتِ زَمَنًا يَسَعُهَا بَطَلَتْ بِعُرُوضِ السُّعَالِ الْكَثِيرِ فِيهَا، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ خَلَا مِنْ السُّعَالِ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُهُ فِي بَقِيَّتِهِ بِحَيْثُ لَا يَخْلُو مِنْهُ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ وَجَبَتْ الْمُبَادَرَةُ لِلْفِعْلِ، وَأَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ السَّلَامَةُ مِنْهُ فِي وَقْتٍ يَسَعُ الصَّلَاةَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا وَجَبَ انْتِظَارُهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ السُّعَالِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ مَنْ حَصَلَ لَهُ سَبَبٌ كَسُعَالٍ أَوْ نَحْوِهِ يَحْصُلُ مِنْهُ حَرَكَاتٌ مُتَوَالِيَةٌ كَارْتِعَاشِ يَدٍ أَوْ رَأْسٍ، وَلَوْ صَلَّى خَلْفَ إمَامٍ فَوَجَدَهُ يُحَرِّكُ رَأْسَهُ مَثَلًا فِي صَلَاةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِمَرَضٍ مُزْمِنٍ صَحَّتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ حَمْلًا، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لِمَرَضٍ مُزْمِنٍ، وَإِلَّا بَطَلَتْ.

وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ كَانَ السُّعَالُ مُزْمِنًا وَلَكِنْ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّ الْحَمَّامَ يُسْكِنُ عَنْهُ السُّعَالَ مُدَّةً تَسَعُ الصَّلَاةَ هَلْ يُكَلَّفُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَأَجَبْتُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ مِنْ وُجُوبِ تَسْخِينِ الْمَاءِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ إذَا تَوَقَّفَ الْوُضُوءُ بِهِ عَلَى تَسْخِينِهِ حَيْثُ وَجَدَ أُجْرَةَ الْحَمَّامِ فَاضِلَةً عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ، وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ فَوَاتُ الْجَمَاعَةِ وَأَوَّلِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَهَرَ مِنْ إمَامِهِ) أَيْ وَلَوْ مُخَالِفًا؛ لِأَنَّهُ إمَّا نَاسٍ، وَهُوَ مِنْهُ لَا يَضُرُّ أَوْ عَامِدٌ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُخَالِفِ الَّذِي لَا يُبْطِلُ فِي اعْتِقَادِهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ السَّهْوِ (قَوْلُهُ: يُغَيِّرُ الْمَعْنَى) كَضَمِّ تَاءِ أَنْعَمْت أَوْ كَسْرِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ حَيْثُ لَمْ تَبْطُلْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: بَعْدَ رُكُوعِهِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ: أَيْ وَيَنْتَظِرُهُ الْمَأْمُومُ فِي الْقِيَامِ فَإِذَا قَامَ مِنْ السُّجُودِ، وَقَرَأَ عَلَى الصَّوَابِ وَافَقَهُ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ إنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ عَلَى الصَّوَابِ اسْتَمَرَّ الْمَأْمُومُ فِي الْقِيَامِ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلَوْ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ، وَسَيَأْتِي هُنَا مَا يُوَافِقُ هَذَا الْبَحْثِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: قَبْلُ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ، لِجَوَازِ أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ قَالَ يُفَارِقُهُ حَالًا ثُمَّ تَرَقَّى بِمَا أَوْرَدَهُ مِنْ الْبَحْثِ إلَى أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ مُطْلَقًا.

هَذَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ مَنْ كَانَ مَذْهَبُهُ عَدَمَ الْبُطْلَانِ بِاللَّحْنِ الْمَذْكُورِ فَتَجِبُ مُفَارَقَتُهُ عِنْدَ الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْعَوْدَ لِمَا فَوَّتَهُ، وَبَيْنَ مَنْ مَذْهَبُهُ الْبُطْلَانُ إذَا لَمْ يَعُدْ فَإِنَّهُ إذَا تَذَكَّرَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَجَدَ قَبْلَ رُكُوعِهِ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قِيلَ فِي الْمُخَالِفِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَخَلَّ بِرُكْنٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كَسَلَسِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ انْتِظَارُ الْوَقْتِ الَّذِي يَخْلُو فِيهِ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَوْ أَوْقَع الصَّلَاةَ فِي غَيْرِهِ لَمْ تَصِحَّ (قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ) أَيْ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ فِي الْغَلَبَةِ مُطْلَقًا، وَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ لِلْحَمْلِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ وَهَذَا مَحْمُولٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ لَحَنَ فِي الْفَاتِحَةِ لَحْنًا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَجَبَ مُفَارَقَتُهُ كَمَا لَوْ تَرَكَ وَاجِبًا) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَكِنْ هَلْ يُفَارِقُهُ فِي الْحَالِ أَوْ حَتَّى يَرْكَعَ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَحَنَ سَاهِيًا وَقَدْ يَتَذَكَّرُ فَيُعِيدُ الْفَاتِحَةَ، الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَابِعُهُ فِي فِعْلِ السَّهْوِ انْتَهَى. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْحَمْلَ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ لَا يُلَاقِيهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَرْكَعَ) أَيْ خِلَافًا لِمَا اسْتَقَرَّ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ كَمَا مَرَّ: أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّ مَا أَتَى بِهِ لَمْ يَكْثُرْ عُرْفًا بِحَيْثُ يَصِيرُ كَلَامًا

<<  <  ج: ص:  >  >>