فَإِنَّهُ إذَا سَبَّحَ اُلْتُفِتَ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ» فَلَوْ صَفَّقَ هُوَ وَسَبَّحَتْ هِيَ فَخِلَافُ السُّنَّةِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ أَوْ فِي الْخَلْوَةِ أَوْ بِحَضْرَةِ الْمَحَارِمِ أَوْ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ فَتُصَفِّقُ؛ لِأَنَّهُ وَظِيفَتُهَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ، خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي حَالَةِ خُلُوِّهَا عَنْ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ، وَمَا لَوْ كَثُرَ مِنْهَا وَتَوَالَى وَزَادَ عَلَى الثَّلَاثِ عِنْدَ حَاجَتِهَا فَلَا تَبْطُلُ بِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَفْعِ الْمَارِّ، وَإِنْقَاذِ نَحْوِ الْغَرِيقِ بِأَنَّ الْفِعْلَ فِيهَا خَفِيفٌ، فَأَشْبَهَ تَحْرِيكَ الْأَصَابِعِ فِي سُبْحَةٍ أَوْ حَكٍّ إنْ كَانَتْ كَفُّهُ قَارَّةً كَمَا سَيَأْتِي، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ قَارَّةٌ أَشْبَهَ تَحْرِيكَهَا لِلْجَرَبِ بِخِلَافِهِ فِي ذَيْنِك، وَقَدْ «أَكْثَرَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - التَّصْفِيقَ حِينَ جَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُصَلِّي بِهِمْ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ» . وَقَوْلُ الْجِيلِيِّ يُعْتَبَرُ فِي التَّصْفِيقِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى مَرَّتَيْنِ إنْ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ بِهِمَا الْإِعْلَامُ فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ: لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، ثُمَّ التَّنْبِيهُ فِيمَا ذُكِرَ مَنْدُوبٌ لِمَنْدُوبٍ، كَتَنْبِيهِ الْإِمَامِ عَلَى سَهْوِهِ، وَمُبَاحٌ لِمُبَاحٍ كَإِذْنِهِ لِدَاخِلٍ، وَوَاجِبٌ لِوَاجِبٍ كَإِنْذَارِهِ أَعْمَى إنْ تَعَيَّنَ، وَأَشَارَ بِالْأَمْثِلَةِ الثَّلَاثَةِ إلَى أَحْكَامِهِ الْمَذْكُورَةِ.
(وَلَوْ) (فَعَلَ فِي صَلَاتِهِ غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ أَفْعَالِهَا (إنْ كَانَ) الْمَفْعُولُ (مِنْ جِنْسِهَا) أَيْ جِنْسِ أَفْعَالِهَا كَزِيَادَةِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ لِغَيْرِ مُتَابَعَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ لِتَلَاعُبِهِ. نَعَمْ لَا يَضُرُّ تَعَمُّدُ جُلُوسِهِ قَلِيلًا بِأَنْ جَلَسَ مِنْ اعْتِدَالِهِ قَدْرَ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ الْمَطْلُوبَةِ بِالْأَصَالَةِ ثُمَّ سَجَدَ، أَوْ جَلَسَ مِنْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ لِلِاسْتِرَاحَةِ قَبْلَ قِيَامِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْجِلْسَةَ عُهِدَتْ فِي الصَّلَاةِ غَيْرَ رُكْنٍ، بِخِلَافِ نَحْوِ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِيهَا إلَّا رُكْنًا فَكَانَ تَأْثِيرُهُ فِي نَظْمِهَا أَشَدَّ.
وَلَوْ انْتَهَى مِنْ قِيَامِهِ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ لِقَتْلِ نَحْوِ حَيَّةٍ لَمْ يَضُرَّ كَمَا قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ، وَلَا فِعْلِهِ الْكَثِيرِ لَوْ صَالَتْ عَلَيْهِ وَتَوَقَّفَ دَفْعُهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إذَا سَبَّحَ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ فَلْيُسَبِّحْ، وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ (قَوْلُهُ: فَخِلَافُ السُّنَّةِ) أَيْ وَلَيْسَ مَكْرُوهًا (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ كَثُرَ مِنْهَا) وَكَذَا مِنْ الرَّجُلِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اسْتِدْلَالُهُ الْآتِي اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَقَدْ أَكْثَرَ الصَّحَابَةُ (قَوْلُهُ: وَزَادَ عَلَى الثَّلَاثِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ بِضَرْبِ بَطْنٍ عَلَى بَطْنٍ لَكِنْ فِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: بَقِيَ مَا لَوْ ضَرَبَ بَطْنًا عَلَى بَطْنٍ لَا بِقَصْدِ خِلَافٍ لَكِنَّهُ كَثُرَ وَتَوَالَى فَيَحْتَمِلُ الْبُطْلَانَ أَنَّهُ فِعْلٌ كَثِيرٌ غَيْرُ مَطْلُوبٍ وَيَحْتَمِلُ عَدَمَهُ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْمَطْلُوبِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْفِعْلَ فِيهَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ التَّصْفِيقِ (قَوْلُهُ: فِي سُبْحَةٍ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَالسُّبْحَةُ جَمْعُهَا سُبَحٍ كَغُرْفَةٍ وَغُرَفٍ (قَوْلُهُ: يُعْتَبَرُ فِي التَّصْفِيقِ) عِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ لِلْجَامِعِ الصَّغِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ» نَصُّهَا: وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ بَدَلُ التَّصْفِيقِ التَّصْفِيحُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: بِالْحَاءِ وَبِالْقَافِ فِي آخِرِهِ سَوَاءٌ، يُقَالُ صَفَّقَ بِيَدِهِ وَصَفَّحَ إذَا ضَرَبَ بِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، وَقِيلَ بِالْحَاءِ الضَّرْبُ بِظَاهِرِ إحْدَاهُمَا عَلَى بَاطِنِ الْأُخْرَى، وَقِيلَ بَلْ بِأُصْبُعَيْنِ مِنْ إحْدَاهُمَا عَلَى صَفْحَةِ الْأُخْرَى لِلْإِنْذَارِ وَالتَّنْبِيهِ وَبِالْقَافِ الضَّرْبُ بِجَمِيعِ إحْدَى الصَّفْحَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى لِلَّهْوِ وَاللَّعِبِ. اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَا دَلِيلَ فِي الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُمْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهْوِ وَاللَّعِبِ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ) قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ سُنَّةٌ فَلَا دَخْلَ لَهُمَا فِي الْإِبْطَالِ، وَالثَّالِثَةَ فِعْلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ لَا تَضُرُّ، فَالْقِيَاسُ أَنَّهَا لَا تُبْطِلُ إلَّا بِثَلَاثٍ بَعْدَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ تَعَيَّنَ) أَيْ وَحَرَامٌ لِحَرَامٍ كَالتَّنْبِيهِ لِشَخْصٍ يُرِيدُ قَتْلَ غَيْرِهِ عُدْوَانًا، وَمَكْرُوهٌ لِمَكْرُوهٍ كَالتَّنْبِيهِ لِلنَّظَرِ لِمَكْرُوهٍ.
(قَوْلُهُ: كَزِيَادَةِ رُكُوعٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ انْحَنَى إلَى حَدٍّ لَا تُجْزِئُهُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ بِأَنْ صَارَ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ مِنْهُ لِلْقِيَامِ عَدَمُ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رُكُوعًا وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَأَنَّهُ مَتَى انْحَنَى حَتَّى خَرَجَ مِنْ حَدِّ الْقِيَامِ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ لِتَلَاعُبِهِ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي السُّجُودِ (قَوْلُهُ: مِنْ اعْتِدَالِهِ) أَيْ أَوْ عَقِبَ سَلَامِ إمَامٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّ جُلُوسِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: الْمَطْلُوبَةِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: تَقَدَّمَ آخِرَ الْبَابِ السَّابِقِ عَنْ م ر أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْبُطْلَانُ بِزِيَادَةِ هَذَا الْجُلُوسِ عَلَى قَدْرِ طُمَأْنِينَةِ الصَّلَاةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ انْتَهَى مِنْ قِيَامِهِ)
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute