«إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ أَمَامَ وَجْهِهِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ» وَقِيسَ بِالْخَطِّ الْمُصَلِّي، وَقُدِّمَ عَلَى الْخَطِّ؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ فِي الْمُرَادِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا اسْتَتَرَ بِهِ مِقْدَارَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَرْضٌ كَسَهْمٍ، وَأَنْ لَا يَبْعُدَ عَنْ قَدَمَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ بِذِرَاعِ الْيَدِ، وَهَلْ تُحْسَبُ الثَّلَاثَةُ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ أَوْ مِنْ الْعَقِبِ فِيهِ احْتِمَالٌ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ.
وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يُمِيلَ السُّتْرَةَ عَنْ وَجْهِهِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً وَلَا يَجْعَلُهَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَإِذَا صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ عَلَى الْحُكْمِ الْمَارِّ سُنَّ لَهُ وَكَذَا لِغَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ تَفَقُّهًا.
(دَفْعُ الْمَارِّ) بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْمُصَلِّي جَرْيٌ عَلَى الْغَالِب،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ) أَيْ فِي كَمَالِ ثَوَابِهِ (قَوْلُهُ: ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ ارْتِفَاعُ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ قَدْرَ ذَلِكَ، وَامْتِدَادُ الْأَخِيرَيْنِ كَذَلِكَ، لَكِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ حَجّ لِقَدْرِ الْمُصَلِّي وَالْخَطِّ، بَلْ قَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ شَيْءٍ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ: وَكَانَ ارْتِفَاعُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ بِذَلِكَ فَأَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَبْعُدَ عَنْ قَدَمَيْهِ) أَيْ رُءُوسِ أَصَابِعِهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) وَجَزَمَ حَجّ بِالثَّانِي، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُصَلِّي قَائِمًا. أَمَّا الْمُصَلِّي جَالِسًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَلْيَتَيْنِ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ مُصَرِّحَةٌ بِذَلِكَ وَبِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمُسْتَلْقِي بِرَأْسِهِ. اهـ. وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ بِبُطُونِ الْقَدَمَيْنِ. ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ عَبْدِ الْحَقِّ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَبِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْجَالِسِ بِالرُّكْبَتَيْنِ. وَيَنْبَغِي أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمُضْطَجِعِ بِالْجُزْءِ الَّذِي يَلِي الْقِبْلَةَ مِنْ مُقَدَّمِ بَدَنِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ جُزْءٌ مُعَيَّنٌ فَيُعْتَدُّ بِوَضْعِهَا فِي مُقَابَلَةِ أَيِّ جُزْءٍ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: يَمْنَةً) ، وَهِيَ الْأَوْلَى، لَكِنْ نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْإِيعَابِ لحج أَنَّ الْأَوْلَى جَعْلُهَا يَسْرَةً، وَفِيهِ وَقْفَةٌ. وَأَقُولُ: يَنْبَغِي أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ يَمْنَةً لِشَرَفِ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَسْرَةً) أَيْ إمَالَةً قَلِيلَةً بِحَيْثُ تَسَامَتْ بَعْضُ بَدَنِهِ. اهـ حَجّ، وَلَا يُبَالِغُ فِي الْإِمَالَةِ بِحَيْثُ يَخْرُجُ بِهَا عَنْ كَوْنِهَا سُتْرَةً لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجْعَلُهَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ) وَلَيْسَ مِنْ السُّتْرَةِ الشَّرْعِيَّةِ مَا لَوْ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَاسْتَنَدَ فِي وُقُوفِهِ إلَى جِدَارٍ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سُتْرَةً عُرْفًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لِغَيْرِهِ) أَيْ الَّذِي لَيْسَ فِي صَلَاةٍ. اهـ حَجّ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ فِي صَلَاةٍ لَا يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي كَفِّ الشَّعْرِ وَغَيْرِهِ، وَيُسَنُّ لِمَنْ رَآهُ كَذَلِكَ وَلَوْ مُصَلِّيًا آخَرَ إلَخْ خِلَافُهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ دَفْعَ الْمَارِّ فِيهِ حَرَكَاتٌ فَرُبَّمَا يُشَوِّشُ خُشُوعَهُ، بِخِلَافِ حَلِّ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ. .
(قَوْلُهُ: دَفْعُ الْمَارِّ) قَالَ م ر لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَهِيمَةِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ دَفْعِ الصَّائِلِ، وَالصَّائِلُ يُدْفَعُ مُطْلَقًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: قَوْلُهُ: مُطْلَقًا: أَيْ وَلَوْ رَقِيقًا. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ.
فَرْعٌ: حَيْثُ سَاغَ الدَّفْعُ فَتَلِفَ الْمَدْفُوعُ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ، فَلَوْ تَوَقَّفَ دَفْعُهُ عَلَى دُخُولِهِ فِي يَدِهِ بِأَنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِقَبْضِهِ عَلَيْهِ وَتَحْوِيلِهِ فِي مَكَان إلَى آخَرَ فَهَلْ لَهُ الدَّفْعُ، وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ أَوْ لَا؟ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ حَيْثُ عُدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ ضَمِنَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْجَرِّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. اهـ. وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الضَّمَانِ حَيْثُ عُدَّ مِنْ دَفْعِ الصَّائِلِ، فَإِنَّ دَفْعَهُ يَكُونُ بِمَا يُمْكِنُهُ، وَإِنْ أَدَّى إلَى اسْتِيلَاءٍ عَلَيْهِ حَيْثُ تَعَيَّنَ طَرِيقًا فِي الدَّفْعِ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْجَرِّ فَإِنَّ الْجَرَّ لِنَفْعِ الْجَارِّ لَا لِدَفْعِ ضَرَرِ الْمَجْرُورِ (قَوْلُهُ: جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ) شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الدَّافِعُ مُصَلِّيًا وَأَرَادَ دَفْعَ مَنْ يَمُرُّ بَيْنَ يَدِي غَيْرِهِ؛ وَمِنْهُ مَا لَوْ اقْتَدَى شَخْصٌ بِإِمَامٍ اسْتَتَرَ بِمَا لَا يَكُونُ سُتْرَةً لِلْمَأْمُومِ كَعَصَا مَغْرُوزَةٍ بَيْنَ يَدِي الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومُ لَا يُحَاذِي بَدَنَهُ شَيْءٌ مِنْهَا فَلَهُ دَفْعُ مَنْ أَرَادَ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدِي إمَامِهِ، وَلَيْسَ لَهُ دَفْعُ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ دُونَ إمَامِهِ لِكَوْنِهِ لَمْ يُصَلِّ إلَى سُتْرَةٍ، وَإِنْ كَانَ إمَامُهُ مُصَلِّيًا إلَيْهَا، وَتَقَدَّمَ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute