الصَّلَاةِ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، فَإِنْ طَالَ اسْتَأْنَفَ.
أَمَّا الشَّكُّ فِي النِّيَّةِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَيُؤَثِّرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ أَطَالَ فِي عَدَمِ الْفَرْقِ لِشَكِّهِ فِي أَصْلِ الِانْعِقَادِ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ يَعْتَمِدُهُ. وَمِنْهُ مَا لَوْ شَكَّ أَنَوَى فَرْضًا أَمْ نَفْلًا لَا الشَّكُّ فِي نِيَّةِ الْقُدْوَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنَّمَا لَمْ يَضُرَّ الشَّكُّ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّوْمِ فِي نِيَّتِهِ لِمَشَقَّةِ الْإِعَادَةِ فِيهِ؛ وَلِأَنَّهُ اُغْتُفِرَ فِيهَا فِيهِ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِيهَا هُنَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ السَّلَامِ مَا قَبْلَهُ. وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي تَرْكِ رُكْنٍ أَتَى بِهِ إنْ بَقِيَ مَحَلُّهُ، وَإِلَّا فَبِرَكْعَةٍ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ فِيهِمَا لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ أَوْ لِضَعْفِ النِّيَّةِ بِالتَّرَدُّدِ فِي مُبْطِلٍ. وَلَوْ سَلَّمَ وَقَدْ نَسِيَ رُكْنًا فَأَحْرَمَ بِأُخْرَى فَوْرًا لَمْ تَنْعَقِدْ لِبَقَائِهِ فِي الْأُولَى، ثُمَّ إنْ ذَكَرَ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ بَيْنَ السَّلَامِ وَتَيَقَّنَ التَّرْكَ بَنَى عَلَى الْأُولَى وَلَا نَظَرَ لِتَحَرُّمِهِ هُنَا بِالثَّانِيَةِ، وَإِنْ تَخَلَّلَ كَلَامٌ يَسِيرٌ أَوْ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ أَوْ بَعْدَ طُولِهِ اسْتَأْنَفَهَا لِبُطْلَانِهَا بِهِ مَعَ السَّلَامِ بَيْنَهُمَا، وَمَتَى بَنَى لَمْ تُحْسَبْ قِرَاءَتُهُ إنْ كَانَ قَدْ شَرَعَ فِي نَفْلٍ فَإِنْ شَرَعَ فِي فَرْضٍ حُسِبَتْ لِاعْتِقَادِهِ فَرْضِيَّتَهَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ؛ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ إذَا تَذَكَّرَ لَا يَجِبُ الْقُعُودُ، وَإِلَّا فَلَا تُحْسَبُ، وَعِنْدِي لَا تُحْسَبُ. اهـ وَهُوَ الْأَوْجَهُ.
وَخَرَجَ بِ (فَوْرًا) مَا لَوْ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ السَّلَامِ وَتَحَرُّمِ الثَّانِيَةِ فَيَصِحُّ التَّحَرُّمُ بِهَا، وَقَوْلُ الْقَائِلِ هُنَا بَيْنَ السَّلَامِ وَتَيَقُّنِ التَّرْكِ وَهْمٌ. وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ تَشَهَّدَ فِي الرَّابِعَةِ ثُمَّ قَامَ لِخَامِسَةٍ سَهْوًا كَفَاهُ بَعْدَ فَرَاغِهَا إنْ لَمْ يُسَلِّمْ، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ لِكَوْنِهِ هُنَا فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ تَضُرَّ زِيَادَةُ مَا هُوَ مِنْ أَفْعَالِهَا سَهْوًا وَثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا بِالسَّلَامِ فِي ظَنِّهِ، فَإِذَا انْضَمَّ إلَيْهَا طُولُ الْفَصْلِ صَارَ قَاطِعًا لَهَا عَمَّا يُرِيدُ إكْمَالَهَا بِهِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي دَعْوَاهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لَا تُسَنُّ مُرَاعَاةُ هَذَا الْقَوْلِ؛ لِأَنَّهَا تُوقِعُ فِي بَاطِلٍ، وَهُوَ فِعْلُ مَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ السَّلَامِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ زَائِدًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ. وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ شَكَّ فِي قَضَاءِ فَائِتَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ حَيْثُ نَأْمُرُهُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: فَيُؤَثِّرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ طُرُوُّ الشَّكِّ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ مِنْ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ مَا لَوْ شَكَّ) أَيْ مِنْ الشَّكِّ فِي النِّيَّةِ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُ فِي غَيْرِهِ فَكَمَّلَ عَلَيْهِ ثُمَّ عَلِمَ الْحَالَ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ ظَنَّ أَنَّ مَا أَحْرَمَ بِهِ نَفْلٌ، وَعَلَيْهِ فَهَذَا مِمَّا يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الظَّنِّ وَالشَّكِّ. اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ) يَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهَا مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ كَالْمُعَادَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ جَمْعِ تَقْدِيمٍ بِالْمَطَرِ، بِخِلَافِ الْمَنْذُورِ فِعْلُهَا جَمَاعَةً؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا لِصِحَّتِهَا بَلْ وَاجِبَةٌ لِلْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ فَرَاغِ الصَّوْمِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا شَكَّ قَبْلَ فَرَاغِهِ ضَرَّ فَيَجِبُ الْإِمْسَاكُ وَقَضَاؤُهُ إنْ كَانَ فَرْضًا (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْعَقِدْ) أَيْ ثَانِيَةً (قَوْلُهُ: قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ) أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَخَلَّلَهُ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ) أَيْ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَطِئَ نَجَاسَةً، وَيُفَارِقُ هَذِهِ الْأُمُورَ وَطْءُ النَّجَاسَةِ بِاحْتِمَالِهَا فِي الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ. اهـ سم عَلَى حَجّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ.
وَقَوْلُهُ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ: أَيْ بِغَيْرِ فِعْلٍ كَثِيرٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِيمَا لَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ (قَوْلُهُ: وَعِنْدِي لَا تُحْسَبُ) أَيْ بَلْ يَجِبُ الْعَوْدُ لِلْقُعُودِ وَإِلْغَاءِ قِيَامِهِ (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ التَّحَرُّمُ بِهَا) أَيْ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: إذَا انْضَمَّ إلَيْهَا) أَيْ الزِّيَادَةِ لِلسَّلَامِ، وَعِبَارَةُ حَجّ إلَيْهِ: أَيْ الْخُرُوجِ وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ) وَمِمَّا يُؤَيِّدُ إشْكَالَ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ نَهَضَ عَمْدًا إلَخْ
(قَوْلُهُ: إنْ بَقِيَ مَحَلُّهُ) يَعْنِي بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِثْلُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَبِرَكْعَةٍ: أَيْ؛ لِأَنَّ نَظِيرَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ وَيَلْغُو مَا بَيْنَهُمَا فَتَبْقَى عَلَيْهِ رَكْعَةٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ شَكَّ عَقِبَ الرُّكْنِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِرُكْنٍ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَالزِّيَادَةُ مُحَقَّقَةٌ، فَكَانَ يَنْبَغِي حَذْفُ لَفْظِ الِاحْتِمَالِ لِإِغْنَاءِ قَوْلِهِ أَوْ لِضَعْفِ النِّيَّةِ عَنْهُ وَمِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَأَحْرَمَ بِأُخْرَى فَوْرًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ طُولِ فَصْلٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ وَمِنْ مُحْتَرَزِهِ الْآتِي فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْفَوْرِيَّةَ الْحَقِيقِيَّةَ (قَوْلُهُ: وَعِنْدِي لَا تُحْسَبُ) أَيْ لِوُجُوبِ الْقُعُودِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ الرُّكْنُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ مِنْ الْأَرْكَانِ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالْقُعُودِ كَالرُّكُوعِ مَثَلًا، وَهَلَّا كَانَ عَوْدُهُ لِلْقُعُودِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُبْطِلًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ زِيَادَةُ رُكْنٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَكَانَ الْمُتَبَادَرُ عَوْدَهُ إلَى مَا شَكَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute