الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا جَوَّزُوا لَهُ الدُّخُولَ فِيهَا مَعَ الشَّكِّ كَمَا عَلِمْت فَأَوْلَى أَنْ لَا يُؤَثِّرَ طُرُّوهُ عَلَى فَرَاغِهَا فَعُلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَلْتَفُّونَ لِهَذَا الشَّكِّ عَمَلًا بِأَصْلِ الِاسْتِصْحَابِ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ فِيمَا لَوْ تَوَضَّأَ ثُمَّ جَدَّدَ ثُمَّ صَلَّى ثُمَّ تَيَقَّنَ تَرْكَ مَسْحٍ مِنْ أَحَدِ الْوُضُوءَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَيَقَّنْ صِحَّةَ وُضُوئِهِ الْأَوَّلِ حَتَّى يَسْتَصْحِبَ، فَالْإِعَادَةُ هُنَا مُسْتَنِدَةٌ لِتَيَقُّنِ تَرْكٍ لَا لِشَكٍّ فَلَيْسَتْ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ (وَسَهْوِهِ) أَيْ مُقْتَضَى سَهْوِ الْمَأْمُومِ (حَالَ قُدْوَتِهِ) وَلَوْ لِكَمِّيَّةٍ كَمَا يَأْتِي أَوَّلَ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَكَمَا فِي الْمَزْحُومِ (يَحْمِلُهُ إمَامُهُ) الْمُتَطَهِّرُ كَمَا يَتَحَمَّلُ عِنْدَ الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا فَلَا يَحْمِلُ الْإِمَامُ الْمُحْدِثُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ لِلتَّحَمُّلِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ أَدْرَكَهُ رَاكِعًا فَإِنَّهُ لَا يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ، وَإِنَّمَا أُثِيبَ الْمُصَلِّي خَلْفَهُ عَلَى الْجَمَاعَةِ؛ لِوُجُودِ صُورَتِهَا؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْفَضَائِلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا؛ وَخَرَجَ بِحَالِ الْقُدْوَةِ بَعْدَهَا وَسَيَأْتِي وَسَهْوُهُ قَبْلَهَا كَمَا لَوْ سَهَا وَهُوَ مُنْفَرِدٌ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ فَلَا يَتَحَمَّلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُمَا فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ تَرْجِيحَ تَحَمُّلِهِ؛ لِعَدَمِ اقْتِدَائِهِ بِهِ حَالَ سَهْوِهِ، وَإِنَّمَا لَحِقَهُ سَهْوُ إمَامِهِ قَبْلَ اقْتِدَائِهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ عُهِدَ تَعَدَّى الْخَلَلِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ إلَى صَلَاةِ الْمَأْمُومِ دُونَ عَكْسِهِ.
وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْإِمَامُ ضَامِنٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يُرِيدُ بِالضَّمَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَحَمَّلُ سَهْوَ الْمَأْمُومِ، وَلِأَنَّ مُعَاوِيَةَ شَمَّتَ الْعَاطِسَ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَسْجُدْ وَلَا أَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالسُّجُودِ (فَلَوْ) (ظَنَّ سَلَامَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (فَسَلَّمَ) الْمَأْمُومُ (فَبَانَ خِلَافُهُ) أَيْ خِلَافُ مَا ظَنَّهُ (سَلَّمَ مَعَهُ) أَيْ بَعْدَهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ الْأَوْلَى إذْ سَلَامُهُ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ مُمْتَنِعٌ (وَلَا سُجُودَ) لِسَهْوِهِ حَالَ الْقُدْوَةِ فَيَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ (وَلَوْ ذَكَرَ) الْمَأْمُومُ (فِي تَشَهُّدِهِ) أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ (تَرْكَ رُكْنٍ غَيْرِ) سَجْدَةٍ مِنْ الْأَخِيرَةِ كَمَا مَرَّ فِي التَّرْتِيبِ وَغَيْرِ (النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرَةِ) لِلتَّحَرُّمِ أَوْ شَكَّ فِيهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ تَدَارُكُهُ مَعَ بَقَاءِ الْقُدْوَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْمُتَابَعَةِ الْوَاجِبَةِ وَ (قَامَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ إلَى رَكْعَتِهِ) الْفَائِتَةِ بِفَوَاتِ الرُّكْنِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَلَا يَسْجُدُ) فِي التَّذَكُّرِ لِوُقُوعِ السَّهْوِ حَالَ الْقُدْوَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي فِعْلِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقُدْوَةِ فَيَتَدَارَكُ ذَلِكَ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ زَائِدًا عَلَى تَقْدِيرٍ وَلَا يَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ كَمَا مَرَّ.
وَلِهَذَا لَوْ شَكَّ فِي إدْرَاكِ رُكُوعٍ أَوْ فِي أَنَّهُ أَدْرَكَ مَعَهُ الصَّلَاةَ كَامِلَةً أَوْ نَاقِصَةً رَكْعَةً أَتَى بِرَكْعَةٍ وَسَجَدَ فِيهَا؛ لِوُجُودِ شَكِّهِ الْمُقْتَضِي لِلسُّجُودِ بَعْدَ الْقُدْوَةِ أَيْضًا.
أَمَّا النِّيَّةُ وَتَكْبِيرَةُ التَّحَرُّمِ فَتَذَكُّرُ تَرْكِ أَحَدِهِمَا أَوْ شَكُّهُ فِيهِ أَوْ فِي شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ إذَا طَالَ أَوْ مَضَى مَعَهُ رُكْنٌ يَقْتَضِي إعَادَتَهَا كَمَا مَرَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: يَحْمِلُهُ إمَامُهُ) أَيْ فَيَصِيرُ الْمَأْمُومُ كَأَنَّهُ فَعَلَهُ حَتَّى لَا يُنْقَصُ شَيْءٌ مِنْ ثَوَابِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أُثِيبَ الْمُصَلِّي خَلْفَهُ) أَيْ خَلْفَ الْإِمَامِ الْمُحْدِثِ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ بِحَدَثِهِ وَقْتَ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مُعَاوِيَةَ) أَيْ ابْنَ الْحَكَمِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: شَمَّتَ الْعَاطِسَ) أَيْ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ (قَوْلُهُ: إذْ سَلَامُهُ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ مُمْتَنِعٌ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ سَلَّمَ مَعَهُ لَا لِخُصُوصِ كَوْنِهِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَيَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ) أَيْ وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بَعْدَ سَهْوِ الْمَأْمُومِ. اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: مَعَ بَقَاءِ الْقُدْوَةِ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ نَوَى مُفَارَقَتَهُ (قَوْلُهُ: أَتَى بِرَكْعَةٍ) أَيْ وُجُوبًا وَسَجَدَ: أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: أَوْ مَضَى مَعَهُ رُكْنٌ إلَخْ) هُوَ صَادِقٌ بِأَقَلِّ الْأَرْكَانِ نَحْوِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَكَالرُّكْنِ بَعْضِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَبَعْضُ الرُّكْنِ صَادِقٌ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَفِيهِ كَلَامٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ
[حاشية الرشيدي]
قَالَ: أَعْنِي الشِّهَابَ الْمَذْكُورَ: أَمَّا إذَا عَلِمَ سَبْقَ حَدَثِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ طَهَارَةً بَعْدَهُ فَالْوَجْهُ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ وَإِنْ عَرَضَ الشَّكُّ فِي الطَّهَارَةِ بَعْدَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَدَثِ، كَمَا أَنْ لَوْ تَيَقَّنَ طَهَارَةً لَمْ يَضُرَّ الشَّكُّ فِي الْحَدَثِ لَا قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَا فِيهَا وَلَا بَعْدَهَا اهـ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ إذَا جَوَّزُوا لَهُ الدُّخُولَ مَعَ الشَّكِّ) فِيهِ أَنَّ هَذَا الشَّكَّ لَا عِبْرَةَ بِهِ مَعَ يَقِينِ الطَّهَارَةِ، بِخِلَافِ الشَّكِّ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ كَمَا عَلِمْت فَالْأَوْلَوِيَّةُ بَلْ الْمُسَاوَاةُ مَمْنُوعَةٌ (قَوْلُهُ: فِي التَّذَكُّرِ) أَيْ بِخِلَافِهِ فِي صُورَةِ الشَّكِّ الَّتِي زَادَهَا هُوَ كَمَا يَأْتِي عَلَى الْأَثَرِ بِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ بِخِلَافِ الشَّكِّ لِفِعْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute