الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْعُبَابِ أَنَّهَا غَيْرُهَا، وَعَلَى مَا فِيهِ يُنْدَبُ قَضَاؤُهَا إذَا فَاتَتْ؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ وَقْتٍ (وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْصَى بِهِمَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَنَّهُ لَا يَدَعْهُمَا، وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصَ وَهُمَا أَفْضَلُ فِي ذَلِكَ مِنْ الشَّمْسِ وَالضُّحَى، وَإِنْ وَرَدَتَا أَيْضًا إذْ الْإِخْلَاصُ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَالْكَافِرُونَ تَعْدِلُ رُبُعَهُ بِلَا مُضَاعَفَةٍ، وَأَدْنَى الْكَمَالِ أَرْبَعٌ وَأَكْمَلُ مِنْهُ سِتٌّ.
وَاخْتَلَفَ فِي أَكْثَرِهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَأَكْثَرُهَا ثِنْتَا عَشْرَةَ) لِخَبَرٍ فِيهِ ضَعِيفٍ، وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ أَكْثَرَهَا ثَمَانٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يَصِحَّ ضُحًى إنْ أَحْرَمَ بِالْجَمِيعِ دُفْعَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ ثِنْتَيْنِ صَحَّ إلَّا الْإِحْرَامَ الْخَامِسَ فَلَا يَصِحُّ ضُحًى، ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْمَنْعَ وَتَعَمَّدَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَإِلَّا وَقَعَ نَفْلًا كَنَظِيرِهِ مِمَّا مَرَّ. وَيُسَنُّ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ كَبَقِيَّةِ الرَّوَاتِبِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ جَمْعُ أَرْبَعٍ فِي التَّرَاوِيحِ؛ لِأَنَّهَا أَشْبَهَتْ الْفَرَائِضَ بِطَلَبِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا، وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ الْوِتْرُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ جَازَ جَمْعُ أَرْبَعٍ مِنْهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
صَلَاةِ الضُّحَى م ر اهـ. وَفِي حَجّ مَا يُوَافِقُهُ وَعَلَيْهِ فَتَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْنِ. وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِأَكْثَرَ انْعَقَدَتْ، وَأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ بِصَلَاةٍ أُخْرَى يَنْوِي بِهَا ذَلِكَ لَمْ تَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ حَصَلَتْ بِالْأُولَى وَالثَّانِيَةُ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصَ) وَيَقْرَؤُهُمَا أَيْضًا فِيمَا لَوْ صَلَّى أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَمْ يُصَلِّ أَرْبَعًا أَوْ سِتًّا بِإِحْرَامٍ فَلَا يُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ سُورَةٍ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَمِثْلُهُ كُلُّ سُنَّةٍ تَشَهَّدَ فِيهَا بِتَشَهُّدَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَقْرَأُ السُّورَةَ فِيمَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: بِلَا مُضَاعَفَةٍ) غَرَضُهُ دَفْعُ مَا أُورِدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ كَيْفَ يُعْقَلُ أَنَّ الْإِخْلَاصَ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ مَعَ أَنَّهَا مِنْهُ وَبَاقِيهِ يَشْتَمِلُ عَلَى يس ~ وَتَبَارَكَ الْمُلْكُ وَنَحْوِهِمَا، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا فِيهَا ثَوَابٌ مَخْصُوصٌ إذَا جُمِعَ زَادَ مَجْمُوعُهُ عَلَى ثُلُثَيْ الْقُرْآنِ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: وَأَكْثَرُهَا ثِنْتَا عَشْرَةَ إلَخْ) .
[فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ صَلَاةِ الضُّحَى قَالَ: مَا أَخْبَرَنِي أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الضُّحَى إلَّا أُمُّ هَانِئٍ، فَإِنَّهَا حَدَّثَتْ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ بَيْتَهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَاغْتَسَلَ فَسَبَّحَ» : أَيْ صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ إلَخْ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: فَاغْتَسَلَ أَخَذَ مِنْهُ أَئِمَّتُنَا أَنَّهُ يُسَنُّ لِمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ أَنْ يَغْتَسِلَ أَوَّلَ يَوْمٍ لِصَلَاةِ الضُّحَى اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ. ثُمَّ قَالَ أَيْضًا فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ: قِيلَ وَقَوْلُهَا: أَيْ عَائِشَةَ السَّابِقُ: مَا رَأَيْته يُصَلِّيهَا يُنَازِعُ مَنْ جَعَلَ مِنْ خَصَائِصِهِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَرِوَايَةُ الدَّارَقُطْنِيّ «أُمِرْت بِصَلَاةِ الضُّحَى وَلَمْ تُؤْمَرُوا بِهَا» ضَعِيفَةٌ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الَّذِي مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وُجُوبُ أَصْلِ صَلَاتِهَا لَا تَكْرِيرُهَا. انْتَهَى.
ثُمَّ قَالَ فِيهِ أَيْضًا: فَائِدَةٌ مِنْ فَوَائِدِ صَلَاةِ الضُّحَى أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ الصَّدَقَةِ الَّتِي تُصْبَحُ عَلَى مَفَاصِلِ الْإِنْسَانِ الثَّلَاثِمِائَةِ وَسِتِّينَ مَفْصِلًا كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَفِيهِ: وَيُجْزِئُ عَنْ ذَلِكَ رَكْعَتَا الضُّحَى. وَحَكَى الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الزَّيْنُ الْعِرَاقِيُّ أَنَّهُ اُشْتُهِرَ بَيْنَ الْعَوَامّ أَنَّهُ مَنْ قَطَعَهَا يُعْمَى فَصَارَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يَتْرُكُهَا أَصْلًا لِذَلِكَ، وَلَيْسَ لِمَا قَالُوهُ أَصْلٌ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِمَّا أَلْقَاهُ الشَّيْطَانُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ لِيَحْرِمَهُمْ الْخَيْرَ الْكَثِيرَ لَا سِيَّمَا إجْزَاؤُهَا عَنْ تِلْكَ
[حاشية الرشيدي]
يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: إنَّمَا أَرَادَ بِحَسَبِ رُؤْيَتِهِ بَدَلَ عِلْمِهِ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ إنَّمَا قَالَتْ مَا رَأَيْته يُصَلِّيهَا (قَوْلُهُ: بِلَا مُضَاعَفَةٍ) أَيْ فِي الْقُرْآنِ فَهَذَا الثَّوَابُ بِالنَّظَرِ لِأَصْلِ ثَوَابِ الْقُرْآنِ، وَالْمُرَادُ أَيْضًا ثُلُثُ الْقُرْآنِ أَوْ رُبُعُهُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ الْإِخْلَاصُ بَلْ وَلَا الْكَافِرُونَ (قَوْلُهُ: كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ) فِيهِ أَنَّ الْمَتْنَ لَا إشَارَةَ فِيهِ لِلْخِلَافِ أَصْلًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute