للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَظْهَرُ؛ لِوُجُودِ الصَّارِفِ أَخْذًا مِمَّا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ فِي سُنَّةِ الطَّوَافِ (لَا رَكْعَةَ) أَيْ لَا يَحْصُلُ بِهَا التَّحِيَّةُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِخَبَرِ «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسُ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» .

وَالثَّانِي نَعَمْ لِحُصُولِ الْإِكْرَامِ بِهَا الْمَقْصُودِ مِنْ الْخَبَرِ وَيَجْرِي فِيمَا بَعْدَهُ (قُلْت: وَكَذَا الْجِنَازَةُ وَسَجْدَةُ تِلَاوَةٍ وَ) سَجْدَةُ (شُكْرٍ) فَلَا تَحْصُلُ بِهَذِهِ، وَلَا بِبَعْضِهَا لِلْحَدِيثِ أَيْضًا.

(وَتَتَكَرَّرُ) التَّحِيَّةُ: أَيْ طَلَبُهَا (بِتَكَرُّرِ الدُّخُولِ عَلَى قُرْبٍ فِي الْأَصَحِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِتَجَدُّدِ سَبَبِهَا كَالْبُعْدِ وَالثَّانِي لَا لِلْمَشَقَّةِ وَتَفُوتُ بِجُلُوسِهِ قَبْلَ فِعْلِهَا، وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ إلَّا إنْ جَلَسَ سَهْوًا وَلَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَيُطَوِّلُ الْوُقُوفَ أَيْضًا كَمَا أَفْتَى بِهَا الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيَاسًا عَلَى فَوَاتِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ بِطُولِ الْفَصْلِ بَعْدَ قِرَاءَتِهَا، وَكَمَا يَفُوتُ سُجُودُ السَّهْوِ بِطُولِ الْفَصْلِ بَعْدَ سَلَامِهِ، وَلَوْ سَهْوًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا إنَّمَا يُفْعَلُ لِعَارِضٍ وَقَدْ زَالَ، وَقَوْلُهُمْ إنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ تَفُوتُ بِجُلُوسِهِ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا قَبْلَ فِعْلِهَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ مِنْ حَالِ دَاخِلِ الْمَسْجِدِ.

وَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا قَائِمًا ثُمَّ أَرَادَ الْقُعُودَ لِإِتْمَامِهَا فَالْأَوْجَهُ الْجَوَازُ، وَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا جَالِسًا فَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَوَازُهُ حَيْثُ جَلَسَ لِيَأْتِيَ بِهَا إذْ لَيْسَ لَنَا نَافِلَةٌ يَجِبُ التَّحَرُّمُ بِهَا قَائِمًا، وَحَدِيثُهَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَلِهَذَا لَا تَفُوتُ بِجُلُوسٍ قَصِيرٍ نِسْيَانًا أَوْ جَهْلًا، وَإِنْ جَرَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى خِلَافِهِ.

وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ فَوَاتُهَا بِجُلُوسِهِ لِلشُّرْبِ عَمْدًا؛ لِأَنَّهُ إذَا قِيلَ بِفَوَاتِهَا بِجُلُوسِهِ مِنْ أَجْلِهَا فَفَوَاتُهَا بِهِ لِغَيْرِهَا أَوْلَى، وَمَرَّ أَيْضًا أَنَّ لَنَا قَوْلًا بِفَوَاتِهَا بِتَقْدِيمِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ عَلَيْهَا مَعَ اخْتِلَافِ الْأَئِمَّةِ فِي وُجُوبِهَا وَمَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فَوَاتُهَا أَيْضًا لِمَنْ دَخَلَ غَيْرَ قَائِمٍ وَطَالَ الْفَصْلُ قَبْلَ فِعْلِهَا.

وَيُكْرَهُ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ دُخُولُ الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ، فَإِنْ دَخَلَ فَلْيَقُلْ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ رَكْعَتَيْنِ فِي الْفَضْلِ، زَادَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، وَغَيْرُهُ زَادَ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ؛ لِأَنَّهَا الطَّيِّبَاتُ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ وَصَلَاةُ الْحَيَوَانَاتِ وَالْجَمَادَاتِ.

وَفِي الْأَذْكَارِ عَنْ بَعْضِهِمْ: يُسَنُّ لِمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهَا لِحَدَثٍ أَوْ شُغْلٍ أَوْ نَحْوِهِ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ أَرْبَعًا، قَالَ الْمُصَنِّفُ: إنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ التَّحِيَّاتِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَطُلْ بِهَا فَصْلٌ (قَوْلُهُ: وَيُطَوِّلُ الْوُقُوفَ) أَيْ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَسَهْوِهِ إلَخْ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ ثُمَّ خَرَجَ بِطُولِ الْوُقُوفِ مَا لَوْ اتَّسَعَ الْمَسْجِدُ جِدًّا فَدَخَلَهُ وَلَمْ يَقِفْ فِيهِ بَلْ قَصَدَ الْمِحْرَابَ مَثَلًا وَزَادَ مَشْيُهُ إلَيْهِ عَلَى مِقْدَارِ رَكْعَتَيْنِ فَلَا تَفُوتُ التَّحِيَّةُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَهْوًا) الْأَوْلَى إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَلَوْ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَفُوتُ بِالسَّلَامِ: أَيْ سُجُودُ السَّهْوِ عَمْدًا مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: بِجُلُوسِهِ سَهْوًا) أَيْ حَيْثُ طَالَ الْفَصْلُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: حَيْثُ جَلَسَ لِيَأْتِيَ بِهَا) خَرَجَ صُورَةُ الْإِطْلَاقِ فَتَفُوتُ التَّحِيَّةُ بِالْجُلُوسِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَتَفُوتُ بِجُلُوسِهِ قَبْلَ فِعْلِهَا، وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ (قَوْلُهُ: بِجُلُوسِهِ لِلشُّرْبِ عَمْدًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ بِهِ عَطَشٌ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ دَخَلَ عَطْشَانَا لَمْ تَفُتْ بِشُرْبِهِ جَالِسًا عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ لِعُذْرٍ: أَيْ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلشَّارِحِ كَمَا تَرَى، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ حَجّ عَلَى مَا إذَا اشْتَدَّ الْعَطَشُ وَكَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَشْتَدَّ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ أَنَّهُ يَشْرَبُ مِنْ وُقُوفٍ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ وَهُوَ قَرِيبٌ.

(قَوْلُهُ: فَلْيَقُلْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ سُبْحَانَ اللَّهِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الْوُضُوءُ فِيهِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ وَإِلَّا فَلَا تَحْصُلُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْوُضُوءِ مَعَ تَيَسُّرِهِ (قَوْلُهُ: وَصَلَاةُ الْحَيَوَانَاتِ) أَيْ دُعَاؤُهُمْ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ أَرْبَعًا) مُعْتَمَدٌ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

الطَّلَبِ يَسْقُطُ وَفِيهِ بُعْدٌ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ سَلَامِهِ وَلَوْ سَهْوًا) كَذَا فِي نُسَخٍ وَلَا مَعْنَى لِلْغَايَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ إسْقَاطُ لَفْظِ وَلَوْ وَهِيَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَيْضًا) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَأَيْضًا فَقَدْ مَرَّ إلَخْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>