للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَطُولِ مُكْثٍ وَهُبُوبِ رِيحٍ (أَوْ بِمَاءٍ) وَلَوْ نَجِسًا زِيدَ عَلَيْهِ أَوْ نَبَعَ مِنْهُ أَوْ نَقَصَ مِنْهُ وَالْبَاقِي بَعْدَهُ كَثِيرٌ (طَهُرَ) لِزَوَالِ سَبَبِ النَّجَاسَةِ فَعَادَ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلُ وَافْهَمْ كَلَامَهُ، وَالْعِلَّةُ أَنَّ الْقَلِيلَ لَا يَطْهُرُ بِانْتِفَاءِ تَغَيُّرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَطْهُرَ بِذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ تَغَيُّرُهُ بِمَيِّتٍ لَا يَسِيلُ دَمُهُ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا يُعْفَى عَنْهُ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ طَهَارَتِهِ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ بِنَفْسِهِ هُوَ نَظِيرُ الْمُرَجَّحِ فِي الْجَلَالَةِ إذَا زَالَ تَغَيُّرُهَا بِمُرُورِ الزَّمَانِ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا حَاجَةَ إلَى الْفَرْقِ؛ وَلَوْ زَالَ التَّغَيُّرُ ثُمَّ عَادَ فَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ جَامِدَةً وَهِيَ فِيهِ فَنَجَسٌ، وَإِنْ كَانَتْ مَائِعَةً أَوْ جَامِدَةً وَقَدْ أُزِيلَتْ قَبْلَ التَّغَيُّرِ الثَّانِي لَمْ يَنْجُسْ.

وَطَهُرَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ (أَوْ) زَالَ: أَيْ ظَاهِرًا، فَلَا يُنَافِي التَّعْلِيلَ بِالشَّكِّ. الْآتِي فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي الْعَطْفِ الْمُقْتَضِي لِتَقْدِيرِ الزَّوَالِ الَّذِي ذَكَرْته تَغَيُّرُ رِيحِهِ (بِمِسْكٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَأَنْ كَانَتْ بِرَائِحَةِ الْبَوْلِ أَوْ طَعْمِهِ أَوْ لَوْنِهِ (قَوْلُهُ وَهُبُوبِ رِيحٍ) أَيْ أَوْ شَمْسٍ (قَوْلُهُ: وَالْعِلَّةُ أَنَّ الْقَلِيلَ لَا يَطْهُرُ) هِيَ قَوْلُهُ لِزَوَالِ سَبَبِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَطْهُرَ بِذَلِكَ) سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَا تُنَجِّسُ مَائِعًا الْجَزْمُ بِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا حَاجَةَ إلَى الْفَرْقِ) مُرَادُهُ الرَّدُّ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ مُسَلَّمٌ كَمَا ذُكِرَ مِنْ حَيْثُ الرَّاجِحُ، وَابْنُ حَجَرٍ إنَّمَا قَصَدَ الْفَرْقَ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ عَوْدِ الطَّهَارَةِ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ بِنَفْسِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِالنَّجَاسَةِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ فَلَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ.

(قَوْلُهُ: فَنَجِسٌ) أَيْ مِنْ الْآنَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ زَالَ تَغَيُّرُهُ فَتَطْهُرُ مِنْهُ جُمِعَ ثُمَّ عَادَ تَغَيُّرُهُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ إعَادَةُ الصَّلَاةِ الَّتِي فَعَلُوهَا وَلَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةِ أَبْدَانِهِمْ وَلَا ثِيَابِهِمْ؛ لِأَنَّهُ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ حُكِمَ بِطَهُورِيَّتِهِ وَالتَّغَيُّرُ الثَّانِي يَجُوزُ أَنَّهُ بِنَجَاسَةٍ تَحَلَّلَتْ مِنْهُ بَعْدُ وَهِيَ لَا تَضُرُّ فِيمَا مَضَى ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ مَا نَصُّهُ وَلَوْ زَالَ التَّغَيُّرُ بِالنَّجَاسَةِ مِنْ الْمَاءِ الْكَثِيرِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ وَالنَّجَاسَةُ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ تِلْكَ النَّجَاسَةَ جَامِدَةٌ بَاقِيَةٌ فِيهِ حَتَّى عَادَ التَّغَيُّرُ فَهُوَ نَجَسٌ: أَيْ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا فِيهِ مَعَ جُمُودِهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّغَيُّرَ الثَّانِيَ مِنْهَا انْتَهَى.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا نَظَرَ إلَى طُولِ زَمَانِ انْتِفَاءِ التَّغَيُّرِ بَعْدَ زَوَالِهِ وَقِصَرِهِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ حُكِمَ بِطَهُورِيَّةِ الْمَاءِ، فَأَشْبَهَ ذَلِكَ مَا لَوْ مَاتَ حَيَوَانٌ فِي الْمَاءِ وَمَضَتْ مُدَّةٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ فِيهَا الْمَاءُ بَعْدَ مَوْتِ الْحَيَوَانِ فِيهِ ثُمَّ تَغَيَّرَ بَعْدُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ إلَى التَّغَيُّرِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، فَبَقَاءُ الْجَامِدِ فِي الْمَاءِ بَعْدَ زَوَالِ تَغَيُّرِهِ لَا يَزِيدُ عَلَى بَقَاءِ الْمَيْتَةِ فِيهِ مُدَّةً بِلَا تَغَيُّرٍ. وَفِي شَرْحِ الشَّيْخِ حَمْدَانَ: وَلَوْ زَالَ تَغَيُّرُ الْمَاءِ الْكَثِيرِ بِالنَّجَاسَةِ وَعَادَ عَادَ تَنَجُّسُهُ بِعَوْدِ تَغَيُّرِهِ، وَالْحَالَةُ أَنَّ النَّجَسَ الْجَامِدَ بَاقٍ فِيهِ إحَالَةً لِلتَّغَيُّرِ الثَّانِي عَلَيْهِ انْتَهَى. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّغَيُّرَ الْعَائِدَ غَيْرُ التَّغَيُّرِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا نَشَأَ مِنْ تَحَلُّلٍ حَصَلَ فِي النَّجَاسَةِ بَعْدَ طَهَارَةِ الْمَاءِ فَلَا أَثَرَ لِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ فِي الطَّهَارَةِ مَا دَامَ الْمَاءُ صَافِيًا مِنْ التَّغَيُّرِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْجُسْ) وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ التَّغَيُّرُ وَشُكَّ فِي سَبَبِهِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا يَقَعُ فِي الْفَسَاقِيِّ. وَفِي ابْنِ حَجَرٍ مَا حَاصِلُهُ التَّرَدُّدُ فِيمَا لَوْ زَالَ نَحْوَ رِيحٍ مُتَنَجِّسٍ بِالْغَسْلِ ثُمَّ عَادَ.

أَقُولُ: وَمَحَلُّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ أَمْكَنَ وُجُودُ سَبَبٍ آخَرَ يُحَالُ عَلَيْهِ عَوْدُ الصِّفَةِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ حُكْمٌ بِبَقَاءِ نَجَاسَتِهِ حَيْثُ تَتَغَيَّرُ وَلَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ تَغَيُّرِهَا، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ الثَّانِي، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ وَلَوْ عَادَ التَّغَيُّرُ لَمْ يَضُرَّ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ أَنَّهُ بِتَرَوُّحٍ نَجَسٍ آخَرَ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَطَهَرَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّهَا) ظَاهِرُهُ اسْتِوَاءُ اللُّغَتَيْنِ فِي كُلِّ مَا قَامَتْ بِهِ الطَّهَارَةُ بَدَنًا كَانَ أَوْ ثَوْبًا.

وَفِي الْمِصْبَاحِ: طَهَرَ الشَّيْءُ مِنْ بَابَيْ قَتَلَ وَقَرُبَ طَهَارَةً، وَالِاسْمُ الطُّهْرُ وَهُوَ النَّقَاءُ مِنْ الدَّنَسِ وَالنَّجَسِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضِ مِنْ بَابِ قَتَلَ، وَفِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ مِنْ بَابِ قَرُبَ وَتَطَهَّرَتْ اغْتَسَلَتْ اهـ.

فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا لَوْ أَسْنَدَ الْفِعْلَ إلَى الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ، فَقِيلَ طَهُرَ الثَّوْبُ أَوْ الْمَكَانُ لِيَكُونَا مُتَسَاوِيَيْنِ (قَوْلُهُ: بِالشَّكِّ الْآتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِلشَّكِّ فِي أَنَّ التَّغَيُّرَ زَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: تَغَيَّرَ رِيحُهُ) هُوَ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ زَالَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَيْ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) سَيَأْتِي لَهُ اعْتِمَادُ خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ جَامِدَةً إلَخْ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>