للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْبِنَاءُ بِأَمْرِهِ (فَإِنْ حَالَ مَا) أَيْ بِنَاءٌ (يَمْنَعُ الْمُرُورَ لَا الرُّؤْيَةَ) كَشُبَّاكٍ وَبَابٍ مَرْدُودٍ وَكَصُفَّةٍ شَرْقِيَّةٍ أَوْ غَرْبِيَّةٍ مِنْ مَدْرَسَةٍ بِحَيْثُ لَا يَرَى الْوَاقِفُ مِنْ أَحَدِهِمَا الْإِمَامَ وَلَا أَحَدًا مِمَّنْ خَلْفَهُ (فَوَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَدَمُ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ أَخْذًا مِنْ تَصْحِيحِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْآتِي مَعَ الْمَوَاتِ، وَلِهَذَا تُرِكَ التَّصْحِيحُ هُنَا وَلَمْ يَقَعْ فِي هَذَا الْمَتْنِ ذِكْرُ خِلَافٍ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ سِوَى هَذَا، وَفِي النَّفَقَاتِ: وَلَا ثَالِثَ لَهُمَا إلَّا مَا كَانَ مُفَرَّعًا عَلَى مَرْجُوحٍ، كَالْأَقْوَالِ الْمُفَرَّعَةِ عَلَى الْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَعَارِضَتَيْنِ هَلْ يَقْرَعُ أَمْ يُوقَفُ أَمْ يُقْسَمُ (أَوْ) حَالَ (جِدَارٌ) أَوْ بَابٌ مُغْلَقٌ ابْتِدَاءً (بَطَلَتْ) أَيْ لَمْ تَنْعَقِدْ الْقُدْوَةُ (بِاتِّفَاقِ الطَّرِيقَيْنِ) لِأَنَّ الْجِدَارَ مُعَدٌّ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْأَمَاكِنِ فَإِذَا طَرَأَ ذَلِكَ فِي أَثْنَائِهَا وَعَلِمَ بِانْتِقَالَاتِ إمَامِهِ وَلَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ لَمْ يَضُرَّ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (قُلْت: الطَّرِيقُ الثَّانِي أَصَحُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ الْمُشَاهَدَةُ تَقْضِي بِمُوَافَقَةِ الْعُرْفِ لَهَا، وَدَعْوَى أَهْلِ الْأَوَّلِ مُوَافِقَةٌ الْعُرْفَ قَوْلُهُمْ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ عُرْفِهِمْ الْخَاصِّ، وَلَا أَثَرَ لَهُ إذَا عَارَضَهُ الْعُرْفُ الْعَامُّ (وَإِذَا صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ فِي بِنَاءٍ آخَرَ) غَيْرِ بِنَاءِ الْإِمَامِ بِشَرْطِ الِاتِّصَالِ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي بِدُونِهِ (صَحَّ اقْتِدَاءُ مَنْ خَلْفَهُ) أَوْ بِجَنْبِهِ (وَإِنْ حَالَ جِدَارٌ) أَوْ جُدُرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ اكْتِفَاءً بِهَذَا الرَّابِطِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ.

(وَ) عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ (لَوْ) (وَقَفَ فِي عُلُوٍّ) مِنْ غَيْرِ مَسْجِدٍ كَصُفَّةٍ مُرْتَفِعَةٍ وَسَطَ دَارٍ مَثَلًا (وَإِمَامُهُ فِي سُفْلٍ) كَصَحْنِ تِلْكَ الدَّارِ (أَوْ عَكْسِهِ) أَيْ الْوُقُوفِ: أَيْ وُقُوفًا عَكْسَ الْوُقُوفِ الْمَذْكُورِ (شُرِطَ مُحَاذَاةُ بَعْضِ بَدَنِهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ (بَعْضَ بَدَنِهِ) أَيْ الْإِمَامِ بِأَنْ يُحَاذِيَ رَأْسُ الْأَسْفَلِ قَدَمَ الْأَعْلَى مَعَ فَرْضِ اعْتِدَالِ إقَامَةِ الْأَسْفَلِ.

أَمَّا عَلَى الطَّرِيقِ الثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ فَلَا يُشْتَرَطُ سِوَى الْقُرْبُ، وَلَوْ قُدِّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْأَوَّلِ لَسَلِمَ مِنْ الْإِيهَامِ. نَعَمْ إنْ كَانَ بِمَسْجِدٍ صَحَّ مُطْلَقًا بِاتِّفَاقِهِمَا، وَلَوْ كَانَا فِي سَفِينَتَيْنِ مَكْشُوفَتَيْنِ فِي الْبَحْرِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ كَالْقَضَاءِ وَإِنْ لَمْ تُشَدَّ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى، فَإِنْ كَانَتَا مُسَقَّفَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ فَكَاقْتِدَاءِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ فِي بَيْتَيْنِ، فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَعَدَمِ الْحَائِلِ وُجُودُ الْوَاقِفِ بِالْمَنْفَذِ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَنْفَذٌ، وَالسَّفِينَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى بُيُوتٍ كَالدَّارِ الَّتِي فِيهَا بُيُوتٌ وَالسُّرَادِقَاتِ بِالصَّحْرَاءِ وَهِيَ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ مَا يُدَارُ حَوْلَ الْخِبَاءِ كَسَفِينَةٍ مَكْشُوفَةٍ، وَالْخِيَامُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ الْبِنَاءُ بِأَمْرِهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ.

(قَوْلُهُ: وَبَابٍ مَرْدُودٍ) عَطْفٌ عَلَى شُبَّاكٍ، لَكِنَّ فِيهِ مُسَامَحَةً لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ مِمَّا يَمْنَعُ الْمُرُورَ لَا الرُّؤْيَةَ مَعَ كَوْنِهِ بِالْعَكْسِ، وَمِنْ ثَمَّ جَعَلَهُ الْمَحَلِّيُّ مُلْحَقًا بِهِ فِي الضَّرَرِ.

(قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَرَى الْوَاقِفُ) هَذَا التَّقْيِيدُ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ وَكَصِفَّةٍ مِنْ الْمُلْحَقِ بِالْجِدَارِ لَا الشُّبَّاكِ الَّذِي لَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ وَهُوَ خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ مِنْ عِبَارَتِهِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْكَافَ لِلتَّنْظِيرِ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ حَالَ جِدَارٌ، وَمِنْهُ أَنْ يَقِفَ فِي صُفَّةٍ شَرْقِيَّةٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: كَالْأَقْوَالِ الْمُفَرَّعَةِ عَنْ الْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَعَارِضَتَيْنِ) أَيْ فَإِنَّ الرَّاجِحَ ثَمَّ تَسَاقُطُ الْبَيِّنَتَيْنِ وَالثَّانِي يُسْتَعْمَلَانِ، وَعَلَيْهِ جَرَتْ هَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ.

(قَوْلُهُ: وَدَعْوَى أَهْلِ الْأَوَّلِ) أَيْ الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ: أَيْ طَرِيقِ الْمَرَاوِزَةِ (قَوْلُهُ: مُوَافَقَةُ الْعُرْفِ قَوْلَهُمْ) فَاعِلٌ أَوْ مَفْعُولٌ لِمُوَافَقَةٍ، فَهُوَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ: أَيْ وَهُوَ الْأَوْلَى.

[فَرْعٌ] إذَا وَقَفَ أَحَدُهُمَا فِي سَطْحٍ وَالْآخَرُ عَلَى الْأَرْضِ اُعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ بَعْدَ بَسْطِ ارْتِفَاعِ السَّطْحِ مُنْبَسِطًا وَمُمْتَدًّا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

لَكِنَّ الَّذِي فِي الْجُمُعَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ نَقْلًا عَنْ وَالِدِهِ خِلَافُ ذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ وَهَلْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ لَوْ كَانَ بِمُنْخَفَضٍ لَا يَسْمَعُ النِّدَاءَ وَلَوْ اسْتَوَتْ لِسَمِعَهُ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ أَنْ تُبْسَطَ هَذِهِ الْمَسَافَةُ أَوْ أَنْ يَطْلُعَ فَوْقَ الْأَرْضِ مُسَامِتًا لِمَا هُوَ فِيهِ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْمَذْكُورِ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: أَوْ الثَّانِي بِدُونِهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْحَائِلَ مَوْجُودٌ فِيهِ وَفِيهِمْ وَزَادُوا عَلَيْهِ بِالْبُعْدِ (قَوْلُهُ: وَبَابٌ مَرْدُودٌ) لَيْسَ مِثَالًا لِمَا يَمْنَعُ الْمُرُورَ لَا الرُّؤْيَةَ وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُهُ إذْ هُوَ عَكْسُ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ مُلْحَقٌ بِهِ فِي الْحُكْمِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَيُلْحَقُ بِهِ الْبَابُ الْمَرْدُودُ كَمَا صَنَعَ الْجَلَالُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>