مِنْ قِيَامِهَا وَقِرَاءَتِهَا وَلَوْ قَصَّرَ بِتَأْخِيرِ تَحَرُّمِهِ إلَى رُكُوعِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لِخَبَرِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ الْإِمَامُ صُلْبَهُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا» وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي إدْرَاكِهَا بِذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُتِمَّ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ وَيُتِمَّهَا مَعَهُ أَوَّلًا، كَأَنْ أَحْدَثَ فِي اعْتِدَالِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَأَمْكَنَهُ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ بِإِدْرَاكِ رُكُوعِهَا مَعَ مَنْ يَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْفَاتِحَةَ لَزِمَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قُلْت) إنَّمَا يُدْرِكُهَا (بِشَرْطِ أَنْ) يَكُونَ ذَلِكَ الرُّكُوعُ مَحْسُوبًا لِلْإِمَامِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْجُمُعَةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُحْدَثًا عِنْدَهُ فَلَا يَضُرُّ طُرُوُّ حُدُوثِهِ بَعْدَ إدْرَاكِ الْمَأْمُومِ لَهُ مَعَهُ وَلَا فِي رُكُوعٍ زَائِدٍ سَهَا بِهِ، وَسَيَأْتِي فِي الْكُسُوفِ أَنَّ رُكُوعَ صَلَاتِهِ الثَّانِي لَا تُدْرَكُ بِهِ الرَّكْعَةُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَحْسُوبًا لَهُ بِمَنْزِلَةِ الِاعْتِدَالِ.
نَعَمْ لَوْ اقْتَدَى بِهِ فِيهِ غَيْرُ مُصَلِّيهَا أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مَعَهُ رُكُوعًا مَحْسُوبًا وَأَنْ (يَطْمَئِنَّ) بِالْفِعْلِ لَا بِالْإِمْكَانِ يَقِينًا (قَبْلَ ارْتِفَاعِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) .
وَلَوْ أَتَى الْمَأْمُومُ مَعَ الْإِمَامِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَنْهُ لِعُذْرِهِ هَذَا، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ وَثَوَابَهَا كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ حَتَّى ثَوَابَ جَمِيعِهَا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَإِنْ قَصَرَ فَلَا يُحْرِمُ حَتَّى رَكَعَ إمَامُهُ اهـ إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ أَحْدَثَ فِي اعْتِدَالِهِ) أَيْ أَوْ فِي رُكُوعِهِ بَعْدَ طُمَأْنِينَةِ الْمَسْبُوقِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ) أَيْ عَمَّا يَسَعُ رَكْعَةً كَامِلَةً.
(قَوْلُهُ: أَنَّ رُكُوعَ صَلَاتِهِ الثَّانِي) أَيْ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الْأُولَى إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ مُوَافِقًا لِلْإِمَامِ فِي صَلَاتِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ نَحْوِ الْمَكْتُوبَةِ بِمُصَلَّى الْكُسُوفِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مُطْلَقًا (قَوْلُهُ لَا بِالْإِمْكَانِ) وَصُورَةُ الْإِمْكَانِ كَأَنْ زَادَ فِي انْحِنَائِهِ عَلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ قَدْرًا لَوْ تَرَكَهُ لَاطْمَأَنَّ، وَقَوْلُهُ يَقِينًا مُتَعَلِّقٌ بِيَطْمَئِنُّ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ ارْتِفَاعِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ) دَخَلَ فِيهِ، مَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ أَتَى بِأَكْمَلِ الرُّكُوعِ أَوْ زَادَ فِي الِانْحِنَاءِ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ الْمَأْمُومُ فَشَرَعَ الْإِمَامُ فِي الرَّفْعِ وَالْمَأْمُومُ فِي الْهُوِيِّ وَاطْمَأَنَّ يَقِينًا قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْإِمَامِ فِي ارْتِفَاعِهِ لِأَقَلِّ الرُّكُوعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ، وَبَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَطْمَئِنَّ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ ارْتِفَاعِهِ لَكِنْ لَمَّا قَامَ الْإِمَامُ شَكَّ فِي رُكُوعِهِ فَأَعَادَهُ فَهَلْ يَعُودُ الْمَأْمُومُ مَعَهُ لِلرُّكُوعِ وَيُدْرِكُ بِهِ الرَّكْعَةَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّ عَوْدَهُ لِلشَّكِّ كَأَنْ كَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ وَجَبَ الْعَوْدُ مَعَهُ لِتَبَيُّنِ وُجُوبِ الرُّكُوعِ عَلَى الْإِمَامِ وَإِلَّا فَلَا يَعُودُ بَلْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ وَاطْمَأَنَّ مَعَهُ يَقِينًا ثُمَّ لَمَّا رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ شَرَعَ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَشَكَّ الْمَأْمُومُ فِي حَالِ إمَامِهِ هَلْ هُوَ سَاهٍ أَوْ عَامِدٌ أَوْ جَاهِلٌ هَلْ يُحْسَبُ لَهُ رُكُوعُهُ الْأَوَّلُ مَعَهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ حُسْبَانِهِ؛ لِأَنَّ التَّحَمُّلَ عَنْهُ رُخْصَةٌ وَهِيَ لَا يُصَارُ إلَيْهَا إلَّا بِيَقِينٍ، فَبِتَقْدِيرِ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ رُكُوعُهُ الْأَوَّلُ مُعْتَدًّا بِهِ فَلَا يَصْلُحُ لِلتَّحَمُّلِ عَنْ الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّ رُكُوعَهُ هَذَا كَالرُّكُوعِ الزَّائِدِ، وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَى مَحَلِّ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي حَالِ إمَامِهِ يُؤَدَّى إلَى الشَّكِّ فِي انْتِقَالِهِ عَنْ الْقِيَامِ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْتَظِرَ فِي السُّجُودِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وَالْغَالِبَ فِي رُكُوعِ الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ الْمُعْتَدِّ بِهَا، وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَإِنْ عَادَ مَعَ الْإِمَامِ وَقَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَرَكَعَ مَعَهُ فَيَنْبَغِي الِاعْتِدَادُ بِرَكْعَتِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ اعْتَدَّ بِرُكُوعِ الْمَأْمُومِ الْأَوَّلِ وَحُسِبَتْ لَهُ الرَّكْعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَعَادَ مَعَهُ الْمَأْمُومُ
[حاشية الرشيدي]
الْقَضَاءِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي أَخِيرَتَيْ الْإِمَامِ فَعَلَهَا وَلَا تَدَارُكَ (قَوْلُهُ: كَأَنْ أَحْدَثَ فِي اعْتِدَالِهِ) أَيْ أَوْ فِي رُكُوعِهِ بَعْدَ مَا اطْمَأَنَّ مَعَهُ، وَيَشْمَلُ هَذَا قَوْلَهُ الْآتِيَ قَرِيبًا فَلَا يَضُرُّ طُرُوُّ حَدَثِهِ بَعْدَ إدْرَاكِ الْمَأْمُومِ لَهُ مَعَهُ وَصَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: ظَاهِرُهُ وَإِنْ عُذِرَ بِالتَّأْخِيرِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُصَلِّيهَا) أَيْ أَوْ مُصَلِّيهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَهَذَا الِاسْتِدْرَاكُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute