للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّورِ مَعْدُودٌ مِنْ نَفْسِ الْبَلَدِ مَحْسُوبٌ مِنْ مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ، وَإِنْ كَانَ لَهَا بَعْضُ سُورٍ وَهُوَ صَوْبُ مَقْصِدِهِ اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَتُهُ، وَلَوْ كَانَ السُّورُ مُتَهَدِّمًا وَبَقِيَتْ لَهُ بَقَايَا اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَتُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَيُحْمَلُ الْكَلَامَانِ عَلَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ وَالْخَنْدَقُ فِيمَا لَا سُورَ لَهَا كَالسُّورِ، وَبَعْضُهُ كَبَعْضِهِ وَإِنْ خَلَا عَنْ الْمَاءِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ مَعَ وُجُودِ السُّورِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ أُنْشِئَتْ إلَى جَانِبِ جَبَلٍ لِيَكُونَ كَالسُّورِ لَهَا اُشْتُرِطَ فِي حَقِّ مَنْ يُسَافِرُ إلَى جِهَتِهِ أَنْ يَقْطَعَهُ إذَا كَانَ أَرْتِفَاعُهُ مُقْتَصَدًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَصَدًا اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَةُ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ عُرْفًا كَمَا قَالُوا فِي النَّازِلِ إلَى وَهْدَةٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَصْعَدَ عِنْدَ الِاعْتِدَالِ وَلَا نَقْلَ عِنْدِي، وَيَلْحَقُ بِالسُّورِ تَحْوِيطُ أَهْلِ الْقُرَى عَلَيْهَا بِتُرَابٍ أَوْ نَحْوِهِ (فَإِنْ كَانَ وَرَاءَهُ عِمَارَةٌ) كَدُورٍ مُلَاصِقَةٍ لَهُ عُرْفًا (اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَتُهَا) أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِدَاخِلِهِ فَيَثْبُتُ لَهَا حُكْمُهُ (قُلْت: الْأَصَحُّ لَا يُشْتَرَطُ) مُجَاوَزَتُهَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعَدَمِ عَدِّهَا مِنْ الْبَلَدِ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ سَكَنَ فُلَانٌ خَارِجَ الْبَلَدِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ: لَا يَجُوزُ لِمَنْ فِي الْبَلَدِ أَنْ يَدْفَعَ زَكَاتَهُ لِمَنْ هُوَ خَارِجُ السُّورِ؛ لِأَنَّهُ نَقْلٌ لِلزَّكَاةِ، وَلَا يُنَافِيهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بَلْ وَالْمُسَاوَاةُ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَسَاتِينِ وَمَرَافِقِ الْقَرْيَةِ بِأَنَّ الْبَسَاتِينَ لَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهَا إلَّا نَادِرًا، بِخِلَافِ مَرَافِقِ الْقَرْيَةِ مِنْ نَحْوِ مَطْرَحِ الرَّمَادِ وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ فَإِنَّ الْحَاجَةَ الْمُؤَكَّدَةَ بَلْ الضَّرُورَةَ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْقَرْيَةِ لَا يَسْتَغْنُونَ عَنْهَا فَاشْتُرِطَتْ مُجَاوَزَتُهَا. وَقَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اشْتِرَاطَ مُجَاوَزَةِ الْمَقَابِرِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْقَرْيَةِ الَّتِي لَا سُوَرَ لَهَا اهـ. وَبَقِيَ مَا لَوْ هُجِرَتْ الْمَقْبَرَةُ الْمَذْكُورَةُ وَاُتُّخِذَ غَيْرُهَا، هَلْ يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِنِسْبَتِهَا لَهُمْ وَاحْتِرَامِهَا. نَعَمْ لَوْ انْدَرَسَتْ وَانْقَطَعَتْ نِسْبَتُهَا لَهُمْ فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نُقِلَ عَنْ م ر مِنْ اشْتِرَاطِ مُجَاوَزَتِهَا.

(قَوْلُهُ: اشْتَرَطَ مُجَاوَزَتَهُ) أَيْ السُّورِ الَّذِي بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ) أَيْ الْخَنْدَقِ (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِ السُّورِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَوْ كَانَ عَلَى بَابِ الْبَلَدِ قَنْطَرَةٌ اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَتُهَا قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ اهـ. عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَالْخَنْدَقِ كَالسُّورِ، وَكَذَا قَنْطَرَةُ الْبَابِ اهـ. وَلَوْ كَانَتْ الْقَنْطَرَةُ عَلَى بَابِ السُّورِ فَيَتَّجِهُ اشْتِرَاطُ مُجَاوَزَتِهَا، وَلَا يَكْفِي مُجَاوَزَةُ السُّورِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُوَرٌ اُشْتُرِطَ. ثُمَّ رَأَيْت م ر قَالَ: لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْخَنْدَقِ أَوْ الْقَنْطَرَةِ سَوَاءٌ السُّورُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُوَرٌ اُشْتُرِطَ اهـ. وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ خَنْدَقٌ وَقَنْطَرَةٌ وَلَا سُوَرَ هُنَاكَ فَهَلْ يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُمَا مَعًا أَوْ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِاَلَّذِي يَمُرُّ عَلَيْهِ أَوَّلًا مِنْهُمَا. وَنُقِلَ عَنْ سم بِهَامِشِ الْعُبَابِ مَا يُوَافِقُهُ، وَانْظُرْ مَا سُورَةُ الْقَنْطَرَةِ الَّتِي يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا مَعَ أَنَّ الَّذِي نَعْرِفُهُ فِي الْقَنَاطِرِ إنَّمَا هُوَ جَعْلُهَا لِلْمُرُورِ عَلَيْهَا لَا لِحِفْظِ الْبَلَدِ.

(قَوْلُهُ: لَوْ أُنْشِئَتْ) أَيْ قَرْيَةٌ، وَقَوْلُهُ إلَى جَانِبِ جَبَلٍ لِيَكُونَ كَالسُّورِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَقْصِدُوا كَوْنَهُ كَالسُّورِ بَلْ حَصَلَ ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا اُتُّفِقَ عِنْدَ إرَادَةِ الْبِنَاءِ لِعَدَمِ صَلَاحِيَةِ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَثَلًا لَمْ يُشْتَرَطْ مُجَاوَزَتُهُ، وَأَسْقَطَ هَذَا التَّعْلِيلَ حَجَرٌ فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ حَصَلَ بِهِ مَنْفَعَةٌ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ.

(قَوْلُهُ: مُقْتَصِدًا) أَيْ مُتَوَسِّطًا.

(قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَةُ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ) أَيْ الْمَنْشَأُ بِجَانِبِ الْبَلَدِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا قَالُوا فِي النَّازِلِ) أَيْ الْمُقِيمِ فِي وَهْدَةٍ فَإِلَى فِيهِ بِمَعْنَى فِي.

(قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِالسُّورِ تَحْوِيطُ أَهْلِ الْقُرَى عَلَيْهَا) أَيْ لِإِرَادَةِ حِفْظِهَا مِنْ الْمَاءِ مَثَلًا. أَمَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ إلْقَاءِ الرَّمَادِ وَنَحْوِهِ حَوْلَ الْبَلَدِ فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ فَلَا يَكُونُ كَالسُّورِ لَكِنَّهُ يُعَدُّ مِنْ مَرَافِقِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي كَلَامِ سم نَقْلًا عَنْ م ر.

(قَوْلُهُ: مَنْ هُوَ خَارِجَ السُّورِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْآخِرُ مِنْ الَّذِينَ بُيُوتُهُمْ دَاخِلَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: الْكَلَامَانِ) أَيْ كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ اشْتِرَاطَ مُجَاوَزَةِ السُّورِ الْمَهْدُومِ وَكَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ عَدَمَ اشْتِرَاطِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقْطَعَهُ) أَيْ يَصْعَدَهُ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ.

وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ بِهِ قَرْيَةً أُنْشِئَتْ بِجَانِبِ جَبَلٍ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ سَافَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>