للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ مُتَفَرِّقَةٌ بِحَيْثُ يَجْتَمِعُ أَهْلُهَا لِلسَّمَرِ فِي نَادٍ وَاحِدٍ وَيَسْتَعِيرُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ مَرَافِقِهَا أَيْضًا كَمَلْعَبِ صِبْيَانٍ وَنَادٍ وَمَطْرَحِ رَمَادٍ وَمَعْطِنِ إبِلٍ، وَكَذَا مَاءٌ وَحَطَبٌ اخْتَصَّا بِهَا، وَقَدْ تَشْمَلُ الْحِلَّةُ جَمِيعَ ذَلِكَ فَلَا تُرَدُّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا مَعْدُودَةٌ مِنْ مَحَلِّ إقَامَتِهِمْ. وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ حَيْثُ كَانَتْ بِمُسْتَوٍ، فَإِنْ كَانَتْ بِوَادٍ وَسَافَرَ فِي عَرْضِهِ أَوْ بِرَبْوَةٍ أَوْ وَهْدَةٍ اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَةُ الْعَرْضِ وَمَحَلِّ الصُّعُودِ وَالْهُبُوطِ إنْ كَانَتْ الثَّلَاثَةُ مُعْتَدِلَةً، وَإِلَّا بِأَنْ أَفْرَطَتْ سَعَتُهَا أَوْ كَانَتْ بِبَعْضِ الْعَرْضِ اُكْتُفِيَ بِمُجَاوَزَةِ الْحِلَّةِ وَمَرَافِقِهَا عُرْفًا، وَلَوْ نَزَلَ بِمَحَلٍّ مِنْ بَادِيَةٍ وَحْدَهُ اُشْتُرِطَ مُفَارَقَتُهُ وَمَا يُنْسَبُ إلَيْهِ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَهُوَ مَحْمَلُ مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ رَحْلَهُ كَالْحِلَّةِ فِيمَا ذُكِرَ.

وَيُعْتَبَرُ فِي سَفَرِ الْبَحْرِ الْمُتَّصِلِ سَاحِلُهُ بِالْبَلَدِ جَرْيُ السَّفِينَةِ أَوْ الزَّوْرَقِ إلَيْهَا، قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، وَظَاهِرُهُ مَعَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِالتَّشْدِيدِ مُبَالَغَةٌ.

(قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَجْتَمِعُ أَهْلُهَا لِلسَّمَرِ) وَهُوَ الْحَدِيثُ لَيْلًا، وَقَوْلُهُ فِي نَادٍ. النَّادِي مُجْتَمَعُ الْقَوْمِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: نَدَا الْقَوْمُ نَدْوًا مِنْ بَابِ قَتَلَ: اجْتَمَعُوا، وَمِنْهُ النَّادِي وَهُوَ مَجْلِسُ الْقَوْمِ وَمُتَحَدَّثَهُمْ اهـ. وَقَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ مَرَافِقِهَا قَضِيَّةُ اعْتِبَارِ مَا ذُكِرَ فِي الْحِلَّةِ وَعَدَمِ التَّعَرُّضِ لَهُ فِي الْقَرْيَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ فِيهَا وَعَلَيْهِ جَرَى حَجَرٌ وَتَقَدَّمَ عَنْ سم عَنْ الشَّارِحِ مَا يُخَالِفُهُ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا مَاءٌ وَحَطَبٌ اخْتَصَّا بِهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَعِدَا وَلَوْ قِيلَ بِاشْتِرَاطِ نِسْبَتِهِمَا إلَيْهَا عُرْفًا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا.

(قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَةُ الْعَرْضِ) كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ الْعَرْضِ وَالْمَهْبِطِ وَالْمِصْعَدِ فِيمَا ذَكَرَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْحِلَّةُ عَامَّةً لَهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُفِيدُ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، فَإِذَا كَانَتْ الْحِلَّةُ بِمَرَافِقِهَا فِي أَثْنَاءِ الْوَادِي وَأَرَادَ السَّفَرَ إلَى جِهَةِ الْعَرْضِ لَا تَكْفِي مُجَاوَزَةُ الْحِلَّةِ بِمَرَافِقِهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ الْعَرْضِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْهُ، ثُمَّ جَزَمَ م ر بِخِلَافِهِ فَقَالَ: بَلْ يَكْفِي كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الصُّعُودِ وَالْهُبُوطِ) أَيْ إنْ اسْتَوْعَبَتْهُ الْبُيُوتُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ كَانَتْ بِبَعْضِ الْعَرْضِ إلَخْ. هَذَا وَيُقَالُ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مُصَوَّرَةً بِمَا ذُكِرَ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ عَرْضِ الْوَادِي إذْ الْبُيُوتُ الْمُسْتَوْعِبَةُ الْعَرْضَ دَاخِلَةٌ فِي الْحِلَّةِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَطَ مُجَاوَزَةَ الْعَرْضِ لَا يَشْتَرِطُ اسْتِيعَابَ الْبُيُوتِ لَهُ، وَمَنْ اشْتَرَطَ اسْتِيعَابَ الْبُيُوتِ لِلْعَرْضِ لَمْ يَذْكُرْهُ بَعْدَ الْحِلَّةِ، وَلَعَلَّهُمَا طَرِيقَتَانِ: إحْدَاهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مَعَ مُجَاوَزَةِ الْحِلَّةِ عَرْضُ الْوَادِي حَيْثُ كَانَتْ الْحِلَّةُ بِبَعْضِ عَرْضِ الْوَادِي لَا جَمِيعِهِ. وَالثَّانِيَةُ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ مِنْ أَنَّ الْحِلَّةَ بِجَمِيعِ الْوَادِي فَيُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا وَإِنْ كَانَتْ بِبَعْضِهِ اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَةُ الْحِلَّةِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَزَلَ بِمَحَلٍّ) أَيْ سَكَنٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ الزَّوْرَقِ إلَيْهَا) أَيْ آخِرًا (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ) قَالَ فِي ابْنِ حَجَرٍ: وَإِنْ كَانَ فِي هَوَاءِ الْعُمْرَانِ كَمَا اقْتَضَاهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ بِوَادٍ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى كَوْنِ الْوَادِي الْمَذْكُورِ مِنْ جُمْلَةِ مَفْهُومِ الْمُسْتَوِي. لَا يُقَالُ: مُرَادُهُ بِالْمُسْتَوِي بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ الْمُعْتَدِلُ فَقَدْ اسْتَعْمَلَ لَفْظَ الْمُسْتَوِي فِي حَقِيقَتِهِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ صُعُودٌ وَلَا هُبُوطٌ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّبْوَةِ وَالْوَهْدَةِ وَفِي مَجَازِهِ بِمَعْنَى الْمُعْتَدِلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَادِي.

لِأَنَّا نَقُولُ: يُنَافَى هَذَا قَوْلُهُ بَعْدُ: إنْ كَانَتْ الثَّلَاثَةُ مُعْتَدِلَةً فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَسَافَرَ فِي عَرْضِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِجَمِيعِ الْعَرْضِ، لَكِنْ يُنَافِيهِ أَخْذُهُ مَفْهُومَ هَذَا بِقَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ كَانَتْ بِبَعْضِ الْعَرْضِ، وَهُوَ فِي الْإِطْلَاقِ هُنَا مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ اعْتِمَادِ وَالِدِهِ، وَمُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ عَنْهُ نَفْسُهُ وَفِي أَخْذِهِ الْمَفْهُومَ الْآتِيَ بِالْعَكْسِ فَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَهُ لِمُوَافَقَتِهِ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ خُصُوصًا وَهُوَ مَنْطُوقٌ فِي كَلَامِهِ هُنَا، بِخِلَافِ عَدَمِ التَّقْيِيدِ فَهُوَ مَفْهُومٌ وَالْمَنْطُوقُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ أَفْرَطَتْ سِعَتُهَا إلَيْهِ قَوْلُهُ: اُكْتُفِيَ بِمُجَاوَزَةِ الْحِلَّةِ) مُرَادُهُ بِالْحِلَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا أَفْرَطَتْ السَّعَةُ مَا بَعُدَ مِنْ مَنْزِلِهِ أَوْ مِنْ حِلَّةٍ هُوَ فِيهَا، كَمَا لَوْ سَافَرَ فِي طُولِ الْوَادِي كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: جَرَى السَّفِينَةُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ فِي عَرْضِ الْبَلَدِ " لَكِنْ نَقَلَ عَنْ الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عَرْضِ الْبَلَدِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>